« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

إباحة جميع التصرّفات المالكيّة/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / إباحة جميع التصرّفات المالكيّة

 

يورد السيّد الخميني إشكالاً على القول بعدم جواز إباحة جميع التصرّفات المالكيّة من دون تمليك العين في فرض عدم وجود دليل شرعي خاصّ في المورد فيقول: «هل تكون إباحة جميع التصرّفات ـ أي: كلّ‌ ما يكون للمالك ـ لشخص، مستلزمة لانتزاع ملكيّته‌؟ بأن يقال: إنّ‌ الملك في نظر العقلاء إنّما يعتبر بلحاظ الآثار، ولا يعتبره العقلاء فيما لا أثر له مطلقاً، فكما أنّ‌ سلب مطلق الأثر عن شيء بالنسبة إلى شخص يوجب سلب ملكيّته وعدم اعتبارها له ـ لأنّ‌ اعتبارها بلحاظ الآثار، فما لا أثر له مطلقاً لا حالاً ولا استقبالاً، لا يكون ملكاً في اعتبارهم ـ كذلك إثبات جميع آثار الملكيّة لشخص يوجب اعتبارها له.

فإذا أباح المالك جميع التصرّفات التي هي له لغيره، يكون ذلك عبارة أُخرى من التمليك، بحيث لو صرّح مع ذلك بعدم التمليك، يعدّ تناقضاً...

لكنّ‌ التحقيق أنّ‌ هذه الإباحة لا ترجع إلى التمليك، ولا تنتزع الملكيّة منها عرفاً؛ فإنّ‌ إباحته كذلك لا ترجع إلى سلب أنحاء التصرّفات عن المالك، ولهذا تصحّ‌ الإباحة المطلقة لأشخاص متعدّدين، مع أنّ‌ ملكيّة تمام الشيء لا تعقل لأكثر من واحد، كما أنّ‌ إباحته كذلك لا توجب سلب جميع الآثار عن نفسه، فيجوز له المنع عن تصرّفاته والرجوع عن إباحته، ومعه لا تسلب علاقة ملكيّته.

إلا أن يقال بالفرق بين الإباحة بلا عوض ومع العوض، فيلتزم بسلب الملكيّة عن المبيح وثبوتها للمباح له في الإباحة المطلقة المعوّضة...»[1]

وبحسب مدّعاه، فإنّ إباحة التصرّفات المالكيّة لغير المالك من قبل المالك ليست متوقّفةً على وجود دليل شرعي يجوّزه، بل هي أمر معقول في نفسه ولا يوجد في الأدلّة الشرعيّة ما يمنع منها.

غير أنّ تنقيح هذا المطلب وبيان حدوده موكول إلى مباحث كتاب البي

وعلى أيّ حال، لا إشكال في أنّه ـ بناءً على كلا القولين ـ حيث إنّ الدليل الخاصّ في المقام يدلّ على جواز تصرّف الزوجة في النفقة على نحو مطلق، يمكن الالتزام بجواز الإباحة المطلقة ولا يبقى وجه لإثبات ملكيّة الزوجة للنفقة.

وأمّا الإجماع، فحيث إنّه مدركي أو لا أقلّ من أنّ احتمال كونه مدركيّاً قويّ جدّاً، فلا يكون ذا اعتبار.

اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّ الأصل في الحقوق الماليّة هو الملكيّة، وأنّ الشارع كلّما جعل حقّاً ماليّاً لشخص ما، كان مقتضى ذلك ملكيّة ذي الحقّ له ما لم يدلّ دليل على خلافه.

قال الشهيد الثاني في هذا المجال: «إنّ النفقة حقّ‌ مالي‌، والأصل فيه وجوب القضاء، خرج القريب من ذلك بدليل خارج، لأنّها معونة لسدّ الخلّة، فيبقى الباقي على الأصل.»[2]

فإنّ ما أفاده مبنيّ على استظهار عرفي من الأدلّة التي يجعل فيها حقّ مالي لشخص من قبل الشارع، بدعوى أنّ العرف يفهم من مثل ذلك ثبوت الملكيّة لا مجرّد الإباحة.

غير أنّ الحقّ هو لزوم القول بالتفصيل في المسألة.

فإذا دلّ الدليل على لزوم دفع عين إلى شخص ما، أو دلّ على جواز انتفاعه بالعين مع كون هذا الانتفاع مستلزماً لاستهلاك العين وزوالها، فإنّ العرف يستظهر من ذلك وجوب التمليك، ولا سيّما إذا انضمّ إلى ذلك تجويز التصرّفات المتوقّفة على الملك لذلك الشخص.

فمثلاً لو قال الشارع لشخص: «أعط دارك لزيد»، فإنّ العرف يفهم من هذا الأمر وجوب التمليك لا مجرّد الإباحة، وخصوصاً إذا صرّح بأنّ لزيد حقّ نقل الدار إلى غيره.

أمّا إذا كان الدليل إنّما يدلّ على لزوم رفع حاجة الزوجة وكان رفع حاجتها لا يستلزم وضع العين تحت تصرّفها ولا يقتضي استهلاك العين بسبب انتفاعها، فلا وجه للالتزام بوجوب تمليك العين لها.

ومن هنا ففي الموارد التي لم يرد فيها في الأدلّة الأمر بدفع العين إلى الزوجة ولم يكن انتفاعها بالعين مستلزماً لاستهلاكها وزوالها ـ كما في السكنى أو الخادم ـ لا وجه للقول بملكيّة الزوجة للعين.

وأمّا ما أفاده الشهيد الثاني من أنّ الأصل في الحقوق الماليّة هو شغل الذمّة، فسنتعرّض في الجلسة القادمة ـ إن شاء الله تعالی ـ لبحث إمكان الالتزام به أو عدم إمكانه.


logo