47/06/25
بسم الله الرحمن الرحیم
جميع التصرّفات للزوجة في النفقة/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / جميع التصرّفات للزوجة في النفقة
قلنا سابقاً: إنّ ما ذكر في كلمات الفقهاء دليلاً على ملكيّة الزوجة للنفقة ليس دليلاً تامّاً يمكن الاعتماد عليه في هذه المسألة.
إلّا أنّه ورد في صحيحة شهاب بن عبد ربّه قوله(ع): «...ولا ينبغي أن تقفر بيتك من ثلاثة أشياء، الخلّ والزيت ودهن الرأس. وقوّتهنّ بالمدّ، فإنّي أُقوّت عيالي بالمدّ. وليقدّر كلّ إنسان منهم قوته، فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدّق به...»[1] [2]
وقد استدلّ صاحب الجواهر بهذه الرواية على أنّ الزوجة إذا قبضت نفقتها ملكتها، فقال: «ليس حينئذ إلا الإجماع على ذلك وما في صحيح الشهاب... فيكون حينئذٍ هما الدليل على وجوبها وملكها قبل حصول التمكين، نحو تقديم غسل الجمعة يوم الخميس، وتقديم الفطرة قبل الهلال، وإلا لأمكن القول بأنّ المقدّم ما يساوي استحقاقها المؤخّر حينئذٍ، فبعد حصول شرطه أو تمام سببه يقع التهاتر قهراً، ومع عدمه يرجع عليها بما دفع إليها.»[3]
ووجه ما أفاده في الاستدلال بصحيحة شهاب هو أنّ ظاهرها يدلّ على جواز جميع التصرّفات للزوجة في النفقة، وهو ممّا يستلزم ملكيّتها لها.
وفيه: أنّ جواز جميع التصرّفات في المال لا يلازم الملكيّة، بل ينسجم أيضاً مع مجرّد الإباحة المطلقة.
نعم، قال الشيخ الأعظم في المکاسب: «أمّا إباحة جميع التصرّفات حتّى المتوقّفة على الملك، فالظاهر أنّها لا تجوز؛ إذ التصرّف الموقوف على الملك لا يسوغ لغير المالك بمجرّد إذن المالك؛ فإنّ إذن المالك ليس مشرّعاً، وإنّما يمضي فيما يجوز شرعاً، فإذا كان بيع الإنسان مال غيره لنفسه ـ بأن يملك الثمن مع خروج المبيع عن ملك غيره ـ غير معقول... فكيف يجوز للمالك أن يأذن فيه؟
نعم، يصحّ ذلك بأحد وجهين...
أحدهما: أن يقصد المبيح بقوله: «أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك» أن ينشأ توكيلاً له في بيع ماله له ثمّ نقل الثمن إلى نفسه بالهبة، أو في نقله أوّلاً إلى نفسه ثمّ بيعه، أو تمليكاً له بنفس هذه الإباحة، فيكون إنشاء تمليك له، ويكون بيع المخاطب بمنزلة قبوله...
الثاني: أن يدلّ دليل شرعيّ على حصول الملكيّة للمباح له بمجرّد الإباحة، فيكون كاشفاً عن ثبوت الملك له عند إرادة البيع آناً ما، فيقع البيع في ملكه، أو يدلّ دليل شرعي على انتقال الثمن عن المبيح بلا فصل بعد البيع، فيكون ذلك شبه دخول العمودين في ملك الشخص آناً ما لا يقبل غير العتق؛ فإنّه حينئذٍ يقال بالملك المقدّر آناً ما، للجمع بين الأدلّة.»[4]
وحاصل مراده أنّ إباحة التصرّف المتوقّف على الملك إمّا أن تكون مشروطة بالتوكيل من قبل المالك في ذلك التصرّف، وحينئذٍ يلزم وقوع المعاملة في ملك المالك ورجوع العوض إليه، وإمّا أن تكون متوقّفة على قيام دليل شرعي خاصّ، وفي هذه الصورة ولأجل الجمع بين هذا الدليل وبين الأدلّة الدالّة على عدم جواز التصرّفات المالكيّة في ملك الغير، لابدّ من الالتزام بملكيّة آناً مائيّة للمتصرّف.
ويبيّن الميرزا النائيني وجه عدم جواز الإباحة المتوقّفة على الملك من دون قيام دليل شرعي فيقول: «ليس من أنحاء سلطنة المالك الإذن بتصرّف يتوقّف على الملك، لأنّ الإباحة المطلقة لا يباح بها إلا ما هو جائز بذاته شرعاً... لا ما يباح بالإباحة، فإنّ الإباحة بها فرع صحّتها وصحّتها بالإباحة دور واضح...
نعم، لو قام دليل خاصّ على صحّة هذه الإباحة بالإذن... وكذا لو قصد الإباحة المطلقة وادّعي الإمضاء أيضاً، أو قام دليل على عموم أنحاء سلطنة المالك حتّى إذنه في التصرّفات المتوقّفة على الملك، لخصّصنا به الدليل الدالّ على اعتبار وقوع هذه التصرّفات في الملك لو كان شرعيّاً، أو نقدّر الملك آناً ما لو كان عقليّاً.»[5]
ولكن مع التسليم بهذا المدّعی أيضاً يمكن أن يقال: إنّه توجد في المقام صحيحة شهاب وهي تدلّ على جواز مثل هذه التصرّفات للزوجة. وبناءً على ذلك لا يبقى وجه للالتزام بتملّك الزوجة للنفقة قبل قيامها بتصرّف متوقّف على الملك فيها.
ونؤجّل بقيّة المطالب إلى الجلسة القادمة إن شاء الله.