« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 إلزام الزوج بدفع النفقة بعد إسقاط الزوجة حقّها/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / إلزام الزوج بدفع النفقة بعد إسقاط الزوجة حقّها

 

قلنا في الجلسة السابقة إنّ الزوج لا وظيفة له في تحويل النفقة إلى شيء آخر.

بل قال الشهيد الثاني: «إنّما لم يكن لها ذلك لأنّ تعيين الخادم إليه لا إليها، لأنّ الحقّ‌ عليه، فيرجع في تعيينه إليه.

ولأنّ ذلك يسقط مرتبتها وله أن لا يرضى به، لأنّها تصير مبتذلة، وله في رفعتها حقّ‌ وغرض صحيح، فله أن لا يرضى به وإن رضيت بإسقاط حقّها.»[1]

وقال کاشف اللثام: «عليه الإخدام إن كانت من أهله وإن تواضعت... كما أنّ‌ عليه الإنفاق عليها بما هي أهله وإن رضيت بالتقتير.»[2]

ولکن أشکل صاحب الجواهر في هذه الدعوی حيث قال: «فيه: أنّه لا وجه للوجوب مع الرضا على وجه الإسقاط للحقّ.»[3]

والحقّ في الإشكال المذكور مع صاحب الجواهر، إذ لا وجه لإلزام الزوج بدفع النفقة بعد إسقاط الزوجة حقّها.

غير أنّ صاحب الجواهر استفاد من كلام الشهيد الثاني أنّ مدّعاه يوافق مدّعى كاشف اللثام، مع أنّ ظاهر كلام صاحب المسالك هو أنّ للزوج حقّ إلزام الزوجة بقبول النفقة، لا أنّه يجب على الزوج دفعها إليها. والحقّ في هذا مع الشهيد الثاني؛ لأنّه يجب على الزوجة مراعاة شأن الزوج، وليس لها أن تتصرّف على نحو ينافي شؤونه.

وبناءً عليه فإذا أدّى عدم استخدام الخادمة أو عدم قبول سائر النفقات إلى عدم مراعاة شؤون الزوج، وكان العرف يعدّ ذلك موجباً للعيب والعار عليه، وجب على الزوجة قبول النفقة.

وأمّا ما ذكره صاحب المسالك في صدر كلامه استدلالاً على عدم وجوب التبديل على الزوج، فلا يرتبط بهذه المسألة، بل هو ناظر إلى أنّ تعيين الخادمة هل هو بيد الزوج أو بيد الزوجة، وقد تقدّم تفصيله سابقاً.

وأمّا إذا كانت الزوجة ـ مع كونها مستحقّةً للخادمة ـ لا تطالب الزوج بتوفير الخادمة وتتكفّل هي بنفسها بتدبير شؤونها، فهل يحقّ لها بعد ذلك أن تطالب الزوج بأُجرة الخادمة عن تلك المدّة؟

هذه المسألة نظيرة تلك المسألة التي تقدّم ذكرها في كلام العلامة بشأن المطالبة بأُجرة المسكن.

قال الشهيد الثاني في خصوص هذه المسألة: «إن بادرت بالخدمة من غير إذنه كانت متبرّعة، فلا أُجرة لها ولا نفقة زائدة بسبب الخدمة.»[4]

لكن كما تقدّم في مسألة السكنى فإنّ مجرّد عدم مطالبة الزوجة بالخادمة لا يستلزم إسقاط حقّها. نعم، لو ثبت في مورد هذه الملازمة، فلا إشكال في سقوط حقّ الزوجة حينئذٍ.

فلذا قال صاحب الجواهر: «قد يشكل أصل الحكم بعدم الفرق بين الإخدام والكسوة والإطعام في الرجوع بالعوض مع عدم ظهور إسقاط منها بالإعراض عمّا بذله لها من ذلك مثلاً، إذ الظاهر أنّه لا يتوقّف استحقاقها النفقة على المطالبة.

فما في المسالك من تعليل هذا الحكم بكونها متبرّعة... يلزمه مثل ذلك في الإطعام والكسوة، ولعلّه لا يلتزمه، ضرورة إطلاق الأدلّة في استحقاقها ذلك عليه على وجه إن لم يدفعه إليها يكون ديناً عليه إلا إذا أسقطت حقّها منه كما هو واضح.»[5]

 

قال المحقّق الحلّي: «الثانية: الزوجة تملك نفقة يومها مع التمكين. فلو منعها وانقضى اليوم، استقرّت نفقة ذلك اليوم. وكذا نفقة الأيّام وإن لم يقدّرها الحاكم ولم يحكم بها.

ولو دفع لها نفقة لمدّة وانقضت تلك المدّة ممكّنة، فقد ملكت النفقة. ولو استفضلت منها أو أنفقت على نفسها من غيرها، كانت ملكاً لها.

ولو دفع إليها كسوة لمدّة جرت العادة ببقائها إليها، صحّ. ولو أخلقتها قبل المدّة لم يجب عليه بدلها. ولو انقضت المدّة والكسوة باقية، طالبته بكسوة لما يستقبل.

ولو سلّم إليها نفقة لمدّة ثمّ طلّقها قبل انقضائها، استعاد نفقة الزمان المتخلّف إلا نصيب يوم الطلاق. وأمّا الكسوة فله استعادتها ما لم تنقض المدّة المضروبة لها.»[6]

 

سنتابع شرح مطالب المحقّق في الجلسات القادمة إن شاء الله تعالی.

 


logo