47/05/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشكال في ما أفاده صاحب الجواهر/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / الإشكال في ما أفاده صاحب الجواهر
بمقتضى ما تقدّم، يتبيّن وجه الإشكال في ما أفاده صاحب الجواهر؛ فإنّه قال في مقام التمسّك بأخبار الطائفتين الثانية والثالثة: «لولا الإجماع لأمكن أن يقال في وجه العمل بالنصوص الثلاثة: إنّ الحامل المتوفّى عنها زوجها لا تسقط نفقتها من جهة شغلها بالحمل، إلا أنّها من مال الحمل مع انفصاله، لأولويّته من غيره من الورثة بذلك، وإلا فمن الجميع، ضرورة رجوع المال المعزول إليهم أجمع، فيصدق حينئذٍ أنّ نفقتها من جميع المال ومن مال الزوج.»[1]
فحاصل دعواه أنّه لمّا كانت النفقة تدفع ممّا يجعل للحمل من المال، فلو ولد الحمل حيّاً أمكن القول بأنّ النفقة قد صرفت من سهمه من الأرث، فيحمل خبر الكناني على هذا الفرض. وأمّا إن لم يولد حيّاً، كانت النفقة مأخوذة من سهام سائر الورثة جميعاً، فيمكن حينئذٍ الادّعاء بأنّ النفقة قد دفعت من أصل التركة، وتكون صحيحة محمّد بن مسلم ومعتبرة السكوني قابلتين للحمل على هذا المورد.
إلا أنّه أوّلاً: إنّ هذا الحمل تبرّعي ولا شاهد له.
وثانياً: إنّ دفع النفقة من أصل التركة معناه أنّه قبل أن يلحظ نصيب للورثة، تستوفى النفقة ـ كسائر ديون الميّت ـ من تركته. وبناءً على ذلك، لا تكون النفقة في هذه الصورة مدفوعة من سهم الحمل من الإرث، بل بعد استيفاء مقدار النفقة يجعل للحمل نصيبه من الباقي كما يجعل لسائر الورثة.
أمّا آخر ما ينبغي التنبيه عليه في هذه المسألة هو أنّه بناءً على ما تقدّم منّا في وجه الجمع بين الأخبار، فلو مات الحمل قبل ولادته، فما هو حكم المال الذي دفع إلى الحامل نفقة من سهمه من الميراث؟
مقتضى القاعدة أنّ ملكيّة الحمل لمّا يجعل له من المال بعنوان سهمه من الإرث مشروطة بأن يولد حيّاً بنحو الشرط المتأخّر، فإذا لم يتحقّق هذا الشرط تبيّن أنّ ما دفع إلى الحامل بعنوان النفقة كان في الواقع مال سائر الورثة. وحيث لا موجب لتحميل نفقة الحمل على سائر الورثة بل تكون نفقته على أُمّه مع فقدانه للمال، وجب على الحامل أن تردّ ذلك المال إلى الورثة.
نعم، إن قلنا بأنّ الجدّ للأب مقدّم علی الأُمّ في التکليف بدفع نفقة الولد وکان للحمل جدّ متمکّن من دفع نفقته، لا يبعد أن القول بجواز أخذ نفقة الحمل من الجدّ حينئذٍ.
وأمّا ما تقدّم في كلام المحقّق من أنّ الزوجة تستحقّ النفقة، مسلمة كانت أو ذمّيّة، حرّة كانت أو أمة، فهو مستفاد من إطلاقات أدلّة النفقات. ومن المعلوم أنّ استحقاق الزوجة الذمّيّة للنفقة متوقّف على جواز النكاح الدائم بها، وحيث إنّ هذا الأمر جائز عندنا، فلا إشكال في استحقاق الزوجة الذمّيّة للنفقة.
نعم، قد يرد إلى الذهن إشكال في خصوص استحقاق الزوجة الذمّيّة للنفقة، وهو أنّه لو كانت الذمّيّة بحسب مذهبها لا تستحقّ النفقة، فلا وجه لوجوب إعطاء الزوج نفقتها، إذ يمكن للزوج التمسّك بقاعدة الإلزام للحكم ببراءة ذمّته عن التكليف بدفع النفقة، إلا إذا اشترط عليه دفع النفقة ضمن العقد.
إلا أنّ تماميّة هذا الإشكال مبنيّة على تماميّة أدلّة قاعدة الإلزام وسعة دائرتها وحجّيّتها، وهو أمر ينبغي بحثه في محلّه.
وأمّا بالنسبة إلى استحقاق الزوجة الأمة للنفقة، فقد تعرّض الأصحاب لجملة من المسائل المتعلّقة بذلك، إلا أنّ هذه المسائل لمّا كانت خارجة عن محلّ الابتلاء في زماننا، نطوي عنها الكلام ونعرض عن ذكرها.