« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

توجيهات الطائفة الثانية و الثالثة من الأخبار/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / توجيهات الطائفة الثانية و الثالثة من الأخبار

 

طرحنا في الجلسة السابقة التوجيهات التي ذكرها بعض الأصحاب في شأن الطائفة الثانية من الأخبار.

ولكن بالنظر إلى ما تقدّم في نقل أقوال العامّة من أنّ بعض الأحناف يذهبون إلى أنّ نفقة الحامل التي توفّي زوجها تدفع من أصل التركة، وكذلك نظراً إلى ما ذکره الشيخ في المبسوط من أنّ جماعة من الصحابة قالوا بمثل هذا الحكم، يمكن حمل صحيحة محمّد بن مسلم ومعتبرة السكوني ـ ولا سيّما مع الالتفات إلى أنّ السكوني من العامّة ـ على التقيّة.

نعم، قد يتوهّم أنّ الآية الشريفة: : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾[1] تدلّ على أنّ النفقة بعد وفاة المورّث يجب أن يتحمّلها وارثه.

ولكن أوّلاً: الآية ناظرة إلى رزق المرضعة وكسوتها إذا أرضعت ولدها، ولا صلة لها ببحثنا. وثانياً: إنّ دلالتها على وجوب تحمّل الوارث رزقها وکسوتها أيضاً محلّ مناقشة، وقد تقدّم البحث عنها مفصّلاً فيما سبق.

وأمّا خبر أبي الصبّاح ـ وهو من الطائفة الثالثة من الأخبار الدالّة على وجوب الإنفاق من سهم إرث الحمل ـ ففيه أوّلاً: أنّه ضعيف السند. اللهمّ إلا أن يقال: إنّ المشهور من القدماء قد أفتوا بمضمونه، وعمل المشهور جابر لضعف السند.

وثانياً: يمكن ـ عند الجمع بينه وبين سائر الأخبار الدالّة على عدم نفقة مثل هذه المرأة ولرفع تعارضه مع القواعد ـ حمله على أنّ المقدار من نفقة المرأة الحامل الذي يکون منشأ تحميله عليها هو الحمل، يدفع من سهم الحمل من الإرث ، وهذا موافق للقواعد، إذ لا وجه لوجوب نفقة الحمل على الأقارب ـ ومنهم أُمّه ـ فيما لو كان له مال.

وممّا يؤيّد هذا الحمل أنّ الأخبار التي نفيت فيها النفقة، إنّما ورد فيها التعبير بـ «لها النفقة»، فالمنفيّ فيها أن تكون للمرأة نفسها نفقة. وأمّا خبر الكناني، فالمذكور فيه هو وجوب الإنفاق على المرأة الحامل من سهم الولد من الإرث، والإنفاق على شخص شيء، وكون النفقة له شيء آخر، فهما تعبيران مختلفان، فيمكن توجيه الإنفاق عليها على النحو الذي تقدّم.

وبناءً على ذلك، فإنّ المصارف التي تتحمّلها الحامل بما هي امرأة ـ بحيث لا يكون لوجود الحمل تأثير في كميّتها أو كيفيّتها ـ لا يمكن أخذها من أحد.

وأمّا المصارف التي يرتبط أصل وجودها أو زيادتها في الكمّ أو الكيف بوجود الحمل، فيمكن أخذها من سهم الحمل من الإرث ودفعها إليها.

 


logo