« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 أقسام الزوجة المطلّقة الرجعيّة في استحقاق للنفقة _ الشكّ في كون المطلّقة الرجعيّة حاملاً/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / أقسام الزوجة المطلّقة الرجعيّة في استحقاق للنفقة _ الشكّ في كون المطلّقة الرجعيّة حاملاً

 

الفرع الثالث: هل يوجد فرق بين أقسام الزوجة في استحقاق المطلّقة الرجعيّة للنفقة؟

قال الشهيد الثاني في هذا الشأن: «لا فرق بين أن تكون أمة وحرّة، حائلاً وحاملاً. ولا تسقط نفقتها إلا بما تسقط به نفقة الزوجات، لأنّ حكم الزوجيّة باقٍ عليها في ذلك. ويستمرّ إلى انقضاء العدّة بوضع الحمل أو غيره.»[1]

والحقّ معه في ذلك، ودليله الإطلاقات والعمومات الواردة في أدلّة النفقة وسائر الأدلّة.

الفرع الرابع: إذا شكّ في كون المطلّقة الرجعيّة حاملاً، فما هو التكليف؟

أصل هذه المسألة ـ أعني ما هو الحكم عند الشكّ في وجود الحمل، وهل يجوز استرجاع النفقة إن دفعت إلى الزوجة بعنوان الحمل ثم تبيّن عدمه ـ سيأتي ضمن الفروع التي ذكرها المحقّق لاحقاً إن شاء الله.

وأمّا المسألة التي نبحثها هنا، فهي ما إذا دفعت النفقة إلى المطلّقة الرجعيّة بعنوان كونها حاملاً، ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّها لم تكن كذلك وأراد الزوج استرجاع ما دفعه لها بعنوان نفقة الحامل. فحيث إنّ المطلّقة الرجعيّة تستحقّ النفقة إلى نهاية العدّة، فالسؤال هنا أنّه كيف تحسب مدّة عدّتها بعد تبيّن عدم الحمل؟

قال الشهيد الثاني: «تسأل عن قدر الأقراء إن اتّفق، فإن عيّنت قدراً صدّقت باليمين إن كذّبها الزوج، وبلا يمين إن صدّقها.

وإن قالت: لا أعلم متى انقضت عدّتي، سئلت عن عادة حيضها وطهرها، فإن ذكرت عادة مضبوطة، بنينا الأمر على قولها. وإن ذكرت أنّها مختلفة، أخذنا بأقلّ‌ عادتها ورجع الزوج فيما زاد، فإنّه المتيقّن وهي لا تدّعي زيادة عليه.

وإن قالت: نسيت عادتي، ففي البناء على أقلّ‌ ما يمكن انقضاء العدّة به لأصالة البراءة من الزائد، أو على ثلاثة أشهر بناءً على الغالب، وجهان منشؤهما تعارض الأصلين، إذ الأصل بقاء العدّة أيضاً إلى أن يثبت الانقضاء.

ويعتضد الثاني بالظاهر والمتيقّن هو الأوّل.»[2]

وأمّا الإشكال على كلامه، فهو أنّه إذا ادّعت الزوجة أنّ عادتها غير مضبوطة، فلا وجه للاكتفاء بالأقلّ، لأنّه مع جريان الاستصحاب الموضوعي والحكمي، لا يصل الدور إلى أصل البراءة.

وعليه، فبمقتضى استصحاب بقاء العدّة إلى أقصى مدّة ممكنة، يجب على المطلّق دفع نفقة المرأة إلى نهاية تلك المدّة.

وأمّا ما قيل من أنّ المطلّقة الرجعيّة لا تطالب بالزائد على أقلّ مدّة العدّة، فدعوىً غير صحيحة، لأنّ مطالبتها بالنفقة تكون إلى انقضاء العدّة، وعدم علمها بزمان الانقضاء لا يستلزم عدم مطالبتها بالنفقة الزائدة على الأقلّ.

وبناءً على ذلك يظهر وجه الإشكال في دعواه في الصورة التي تدّعي فيها الزوجة نسيان عادتها أيضاً، إذ مع جريان الاستصحاب لا وجه للتمسّك بالقدر المتيقّن.

والعجيب أنّ الشهيد الثاني مع أنّه في الصورة الأخيرة يرى جريان الاستصحاب، لم يجره في الصورة السابقة وتمسّك بالبراءة، مع أنّه لا فرق بين الفرضين من جهة مجرى الأصل.

کذلك قال صاحب الجواهر في الفرض الأخير: «إن قالت: نسيت عادتي، ففي البناء على أقلّ ما يمكن انقضاء العدّة به لأصالة البراءة من الزائد، أو على ثلاثة أشهر بناءً على الغالب، وجهان منشؤهما تعارض الأصلين المعتضدين بالظاهر والمتيقّن.»[3]

وإشكال هذا المدّعى أيضاً أنّه أوّلاً: الاستصحاب مقدّم على سائر الأُصول، وثانياً: الأصل لا يحتاج إلى اعتضاد بقرينة، لأنّه لا تعارض بينه وبين شيء آخر حتّى يحتاج إلى قرينة للترجيح.

ووجه ذلك أنّه لو وجد دليل اجتهادي، لما وصل الدور إلى جريان الأصل. وأمّا إذا لم يوجد دليل وكان المقام من موارد جريان الأُصول، فإنّ مجاري الأُصول مختلفة، ولا يوجد مورد يكون مجرىً لأصلين في وقت واحد، فلا يقع التعارض بينها أصلاً.

ثمّ إنّه ينبغي الالتفات إلى نكتة قد غفل عنها كثير من الأعلام، وهي أنّ المطلّقة الرجعيّة وإن كانت تستحقّ النفقة على كلّ حال إلى نهاية العدّة، إلا أنّ نفقتها تختلف كمّاً وكيفاً بين حال الحمل وعدمه.

فإذا دفعت إليها النفقة ظنّاً بأنّها حامل ثمّ تبيّن أنّها لم تكن كذلك، فإنّ النفقة المدفوعة لها بعد انقضاء العدّة تستردّ، كما أنّ النفقة التي أُعطيت لها في أثناء العدّة تراجع أيضاً من حيث الكمّ والكيف، لأنّ نفقة الحامل تزيد عادةً على نفقة الحائل، فكلّ مقدار زائد دفع إليها بعنوان الحمل ممّا لم تكن مستحقّةً له في الواقع، يكون قابلاً للاسترداد كذلك.

 


logo