« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 النزاع في إمكان تحقّق الوطء – سقوط النفقة اذا سافرت الزوجة/ النفقات/النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات/ النزاع في إمكان تحقّق الوطء – سقوط النفقة اذا سافرت الزوجة

 

نقلنا في الجلسة السابقة مدّعى الشهيد الثاني في مسألة النزاع بين الزوجين في إمكان تحقّق الوطء.

وقال صاحب الجواهر في هذا المقام: «لو أنكر التضرّر بالوطء رجع إلى أهل الخبرة من الرجال والنساء نحو ما ذكروه فيما لو ادّعت قرحة في فرجها تمنع الوطء ونحوها من أنّها تفتقر مع إنكاره إلى شهادة أربع من النساء. ولو فرضت شهادة رجلين بذلك فالظاهر الحكم بها. وإن تعذّرت الشهادة أحلفته إن ادّعت عليه العلم.

وإن ادّعت كبر آلته وضعفها عنها، أَُمر النساء بالنظر إليهما وقت إرادة الجماع ليقض عليه وهو جائز للحاجة. وربما اكتفي بواحدة بناءً على أنّه من باب الإخبار، ولكن ضعفه واضح.»[1]

غير أنّه من الواضح أنّه بعد التقدّم الحاصل اليوم في تشخيص الأمراض، لا حاجة إلى رأي غير المتخصّص، بل يكفي الاعتماد على رأي الطبيب المختصّ إذا أفاد الوثوق والاطمئنان.

ولعلّ مراد صاحب المسالك من الاكتفاء بقول الواحد هو هذا المعنى نفسه، وحينئذٍ لا يرد عليه الإشكال الذي أورده صاحب الجواهر.

السابعة: إذا سافرت الزوجة، فهل تسقط نفقتها؟

قد فصّل الأصحاب في ذلك بين السفر بإذن الزوج وعدمه.

قال صاحب المسالك: «ليس السفر من حيث هو سفر من مسقطات النفقة، وإنّما يسقطها مع تضمّنه للنشوز المتحقّق بالخروج عن طاعته ومنعه من الاستمتاع حيث يجب. ويلزم من ذلك أنّ سفرها لو كان بإذنه لم يمنع من وجوب النفقة مطلقاً، لأنّه بالإذن أسقط حقّه من الاستمتاع مدّة السفر ورضي بفواته، فلا يكون ذلك مسقطاً. ولا فرق حينئذٍ بين كون سفرها في مصلحته أو مصلحتها، ولا بين كونه في واجب وغيره.

ولا إشكال في ذلك كلّه إلا في سفرها بإذنه في مصلحتها، ففيه وجه بالسقوط، لخروجها به عن قبضته وإقبالها على شأنها.

ويضعّف بأنّ ذلك غير قادح مع وقوعه بإذنه، كما لو أذن لها في الخروج إلى بيت أهلها على وجه لا يتمكّن معه من الاستمتا

وربما بني الحكم على أنّ النفقة تجب بالعقد بشرط عدم النشوز أو بالتمكين، فعلى الأوّل تجب لأنّها ليست ناشزة بذلك قطعاً، وعلى الثاني يسقط لعدم التمكين.

وضعفه يظهر ممّا قرّرناه.»[2]

وأمّا كاشف اللثام فقد احتمل سقوط النفقة في هذا الفرض وقال: «إن كان بإذنه فالأقرب النفقة، لأنّه بالإذن أسقط حقّه من التمكين، ولعدم النشوز. ويحتمل العدم، لانتفاء التمكين، وإسقاط حقّه منه لا يوجب سلامة العوض لها.»[3]

کما أنّ صاحب الجواهر بعد أن ادّعى عدم الخلاف بين الأصحاب في عدم سقوط نفقة الزوجة إذا سافرت بإذن زوجها، أشكل في هذا المدّعى على أساس مبناهم في المسألة، وقال: «فيه: أنّ المتّجه ـ بناءً على ما ذكروه من شرطيّة التمكين ـ السقوط أيضاً لصدق انتفائه، والإذن إنّما تفيد عدم نشوزها، لا تخلّف أثر الحكم الوضعي الذي لا مدخليّة للإذن فيه.»[4]

والحقّ مع صاحب الجواهر في هذا الإشكال.

غير أنّه بناءً على المبنى الذي اخترناه في المسألة من كون النشوز هو المانع عن استحقاق النفقة، لا وجه لسقوط نفقة الزوجة في هذا الفرض، لأنّ السفر بإذن الزوج لا يصدق عليه عنوان النشوز، فلا مانع من وجوب نفقتها عليه.

بل حتّی على القول باشتراط التمكين في وجوب النفقة، فإنّه حيث إنّ الزوجة المسافرة بإذن زوجها لا يتوجّه إليها الأمر الشرعي بالتمكين حال السفر، فلا وجه لتخصيص عمومات أدلّة وجوب النفقة في حقّها. فتثبت لها النفقة على زوجها أيضاً.

وأمّا إذا كان السفر واجباً على الزوجة بحكم الشرع ولم يأذن لها الزوج في السفر، فهل يوجب خروجها حينئذٍ سقوط نفقتها أم لا؟

قال الشهيد الثاني: «إن كان السفر بغير إذنه، فإن كان في غير واجب فلا شبهة في السقوط، لتحقّق النشوز بذلك، سواء كان في مصلحتها أم مصلحته.

وإن كان في واجب، فإن كان مضيّقاً كحجّ‌ الإسلام لم تسقط، لأنّها معذورة في ذلك، والمانع شرعي.

وإن كان موسّعاً ـ كالنذر المطلق حيث انعقد بإذنه، أو قبل التزويج ولم يتضيّق بظنّ‌ العجز عنه لو أخّرته ـ ففي توقّفه على إذنه قولان ناشئان من أنّ حقّه مضيّق حيث يطلبه، فيقدّم على الموسّع عند التعارض، ومن أنّ الواجب مستثنىً بالأصل، وتعيينه منوط باختيارها شرعاً وإلا لم يكن موسّعاً.

ويظهر من إطلاق المصنّف الواجب عدم توقّفه على إذنه؛ وهو الوجه.

وعلى القولين يترتّب حكم النفقة، فإن لم نوقفه على إذنه لم تسقط وإلا سقطت.»[5]

ونوکل بيان بقيّة المطالب إلى الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.

 


logo