47/04/22
بسم الله الرحمن الرحیم
حکم النفقة اذا وجد المانع من الإستمتاع/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / حکم النفقة اذا وجد المانع من الإستمتاع
الخامسة: إذا وجد في الزوجة مانع يمنع الزوج من الاستمتاع بها، فهل يكون ذلك موجباً لسقوط نفقتها؟
قال الشيخ في المبسوط: «إذا مرضت زوجته لم تسقط نفقتها بمرضها، لأنّها من أهل الاستمتاع، ولأنّها قد يألفها ويسكن إليها، وتفارق الصغيرة بهذين المعنيين...
الرتق هو انسداد فرج المرأة على وجه لا يطاق جما
القرن عظم في باطن الفرج يمنع دخول الذكر فيه، وقيل: إنّه لحم نابت في الفرج يمنع الجما
فإذا كان بالمرءة ذلك أو كان بها جنون أو جذام أو برص أو عيب من العيوب التي توجب الردّ، يثبت له الخيار، فإذا اختار الإمساك فعليه النفقة، وله أن يستمتع منها دون الفرج كيف شاء.»[1]
وقال صاحب الرياض: «ولو امتنعت عن الاستمتاع بها لعذر شرعي أو عقلي ثابت بينهما بإقراره أو بيّنتها، لا تسقط النفقة بلا خلاف؛ للأصل، وإطلاق النصوص، والأمر بالمعاشرة بالمعروف، مع عدم صلاحيّة العذر للمنع؛ إذ لشرعيّته ليس بنشوز. وهو كالمرض الغير المجامع لما تمتنع عنه، والحيض إذا أراد وطءها قبلاً، وكذا دبراً إن منعنا عنه في الحيض أو مطلقاً.»[2]
ولکن قال کاشف اللثام: «والمريضة معذورة إذا كان الوطء يضرّها في الحال بأن يشقّ عليها مشقّة لا تتحمّل عادة أو فيما بعده بأن يوجب مرضاً أو زيادة في المرض أو بطوء برئه، فلها أن تمتنع من التخلية بينها وبينه.
ولا يؤتمن الرجل في قوله: «لا أطؤها»، فلا تجبر على التخلية بمجرّد ذلك، لكن في وجوب النفقة لها حينئذٍ نظر، لامتناعها من سائر الاستمتاعات الممكنة. نعم لا يظهر خلاف في استحقاق النفقة أيّام المرض إذا تمكّن من الاستمتاع بها بغير الوطء، لقضاء العادة باستثنائها مع بقاء الائتلاف في الاستمتاع بسائر الوجوه.»[3]
والحقّ أنّه لو قلنا باشتراط التمكين في وجوب النفقة ولم نعتبر فيه أهليّة الزوجة لتوجّه الأمر بالتمكين إليها ـ كما ذهب إليه الأصحاب ـ فلا وجه حينئذٍ للقول بوجوب النفقة في مثل هذه الصورة؛ لأنّ الزوجة في هذه الحالة غير ممكّنة، وإن كان عدم تمكينها ناشئاً عن إذن الشارع لها في ذلك. والغريب أنّ صاحب الرياض مع التزامه باشتراط التمكين في وجوب النفقة، قد استدلّ على وجوبها في المقام بعدم صدق النشوز على الزوجة.
وأمّا الأمر بالمعاشرة بالمعروف، فإنّه لا يقتضي أكثر من منع الزوج من مطالبة الاستمتاع من زوجته في موارد العذر، وأمّا اشتراط التمكين في النفقة ـ على القول به ـ فلا يمكن رفعه بمجرّد هذا الأمر.
وأمّا ما ذكره الشيخ في تعليل مدّعاه من أنّ الفرق بين هذا الفرض وبين فرض صغر الزوجة هو إمكان الاستمتاع منها بطرق أُخرى، ففيه أوّلاً: إنّ الاستمتاع بغير الوطء قد يكون ممكناً في الصغيرة في بعض الصور أيضاً، وثانياً: يلزم من ذلك أنّه لو كان عذر الزوجة بحيث لا يمكن معها أيّ نوع من الاستمتاع بها ـ كأن تكون مصابة بمرض معدٍ ـ لسقطت نفقتها، وهو ممّا لم يلتزموا به.
وكذلك ما ذكره بخصوص العيوب الموجبة للفسخ من أنّه إذا اختار الزوج بقاء النكاح لزمته النفقة، فليس بتامّ؛ لأنّ اختيار بقاء النكاح لا يستلزم وجوب النفقة مع فقد شرط وجوبها.
فلذا ما أفاده كاشف اللثام في الاعتراض على القائلين باستحقاق النفقة على وجه الإطلاق، وارد عليهم بناء على مبناهم في المسألة؛ بل قد بيّنّا أنّ مقتضى مبناهم هو القول بعدم وجوب النفقة مطلقاً في مثل هذه الموارد.
نعم؛ قال صاحب الجواهر في مناقشة مدّعى كاشف اللثام قائلاً: «بل العادة قاضية بذلك وإن تعذّر عليه سائر وجوه الاستمتاع، لكونها زوجة غير مقصّرة فيما وجب عليها من حقوق الزوج بعد فرض معذوريّتها شرعا.»[4]
وهذا الإشكال وإن كان وجيهاً بناءً على مبناه من أنّ شرط النفقة هو الطاعة، وأنّها تختصّ بالموارد التي تكون الزوجة فيها مأمورة شرعاً بطاعة الزوج، إلا أنّه ليس تامّاً على مبنى الأصحاب القائلين باشتراط التمكين في النفقة مطلقاً.
اللهمّ إلا أن يقال: إنّه بناءً على تمسّك كاشف اللثام وصاحب الجواهر بالعرف والعادة، يمكن القول بأنّ مرادهما أنّ عدم سقوط النفقة في الموارد المذكورة يعدّ شرطاً ارتكازيّاً ضمنيّاً مقارناً للعقد.
لكن على هذا الأساس، ينبغي التفصيل في المسألة بأنّه إن کان العذر ممّا جرى العرف والعادة على أنّ عروضه لا يوجب سقوط النفقة، فإنّ النفقة لا تسقط به، وأمّا الأعذار التي لا يكون فيها مثل هذا الارتكاز العرفي، فإنّ عروضها يقتضي سقوط النفقة.
إنّ ما تقدّم إنّما هو بناءً على مبنى الأصحاب في المسألة.
وأمّا بناءً على ما ذكرناه من أنّ النشوز هو المانع من وجوب النفقة وأنّ التمكين ليس شرطاً فيها، فلا وجه لسقوط نفقة الزوجة في الموارد المذکورة، لأنّه مع وجود العذر الشرعي أو العقلي لا يصدق النشوز على امتناعها عن تسليم نفسها للاستمتا
بل حتّى على القول باشتراط التمكين، فبما أنّ شرطيّته إنّما هي في الموارد التي يتوجّه فيها الأمر بالتمكين إلى الزوجة ولا يتوجّه إليها مثل هذا الأمر مع العذر، فلا موجب حينئذٍ لسقوط نفقتها عند عروض العذر.