47/04/13
بسم الله الرحمن الرحیم
ثمرات شرطية التمکين لوجوب النفقة – النسبة بين النشوز و التمکين/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح/ النفقات / ثمرات شرطية التمکين لوجوب النفقة – النسبة بين النشوز و التمکين
قلنا في الجلسة السابقة: إنّ الإشكال الوارد على مدّعى صاحب الجواهر هو أنّ فيه خلطاً بين مقامي الثبوت والإثبات، فإنّ محلّ البحث في هذا المقام هو شرطية التمكين أو مانعيّة النشوز في مقام الإثبات لا في مقام الثبوت.
وما يمكن أن يكون مؤيّداً لمدّعانا في كون النزاع إثباتيّاً، هو الثمرات التي رتّبها صاحب المدارك على هذه المسألة حيث قال في هذا الخصوص: «تظهر فائدة الخلاف في مواضع:
منها: ما لو اختلفا في التمكين بأن ادّعته المرأة وأنكره الزوج، فإن قلنا: إنّ التمكين شرط أو سبب، فالقول قول الزوج وعلى المرأة البيّنة، لأنّها تدّعي ما يخالف الأصل، وإن قلنا: إنّها تجب بالعقد و النشوز مانع، كان القول قولها، لأنّ الأصل استمرار ما ثبت بالعقد وهو يدّعي السقوط بالنشوز، فعليه البيّنة.
ومنها: ما لو لم يطالبها الزوج بالزفاف ولم تمتنع منه ولا عرضت نفسها عليه ومضت على ذلك مدّة، فإن اعتبرنا التمكين فلا نفقة لها، لأنّه لم يحصل من جانبها تمكين قولي ولا فعلي كما هو المقدّر لها، وإن قلنا: إنّها تجب بالعقد وتسقط بالنشوز، وجب النفقة، إذ المفروض أنّه لم يقع من جانبها امتناع يتحقّق به النشوز.»[1]
وجه التأييد أنّه في الثمرة الأُولى يظهر بوضوح أنّ النزاع مرتبط بمقام الإثبات، ولأجل ذلك طرح البحث في البيّنة واليمين.
وأمّا في الثمرة الثانية، فمع أنّه قد يتوهّم في بادئ النظر أنّها متعلّقة بمقام الثبوت، إلّا أنّ التعليل لعدم وجوب النفقة على تقدير اشتراط التمكين ببيان أنّ التمكين القولي والفعلي لم يتحقّق من قبلها، يوضّح أنّ الإشكال في وجوب النفقة في هذا الفرض إشكال إثباتي؛ لأنّ التمكين في الحقيقته استعداد الزوجة لتمكين الزوج من الاستمتاع بها، وأمّا قولها وفعلها فليسا نفس التمكين، بل هما أمارتان ودليلان عليه.
أمّا ما ذكره صاحب الجواهر من أنّه في الموارد التي لا يتحقّق فيها النشوز ولا يصدق فيها التمكين ـ كالصغيرة أو المرأة الحائض ـ لا يمكن الالتزام باشتراط التمكين في وجوب النفقة، فهو وإن كان في نفسه صحيحاً، إلّا أنّ وجهه ليس كون الزوجة في هذه الموارد معذورة عقلاً أو شرعاً عن عدم التمكين؛ إذ لو قلنا باشتراط التمكين في وجوب النفقة وسلّمنا بأنّه في هذه الموارد يصدق أنّ الزوجة لم تمكّن، لزم القول بعدم وجوب النفقة علی الزوج في هذه الحالات، ولا يكون العذر العقلي أو الشرعي للزوجة رافعاً لهذا الشرط، بل غايته أن لا يتوجّه إليها الحكم التكليفي. اللهمّ إذا قام دليل على سقوط شرطيّة التمكين لوجوب النفقة عند وجود العذر.
فينبغي أن يقال في الاستدلال على هذا المدّعى: إنّ النسبة بين التمكين والنشوز هي نسبة الملكة وعدمها لا نسبة التضادّ؛ بمعنى أنّ النشوز إنّما يصدق في مورد تكون الزوجة فيه ذات قابليّة وشأنية للتمكين، وإلّا فمع عدم تحقّق التمكين منها لا تعد ناشزة.
وعلى هذا الأساس ينبغي إمّا الالتزام بأنّ أدلّة وجوب النفقة لا تشمل الزوجة التي لا قابليّة لها على التمكين أصلاً، أو القول بأنّ اشتراط التمكين يختصّ بالزوجة التي لها قابليّة للتمكين، وهو الصحيح؛ إذ غاية ما يمكن ادّعاؤه في شرطيّة التمكين لوجوب النفقة أنّ نفقة الزوجة جعلت في مقابل تمكينها للزوج، بمعنى أنّ الشارع كما أوجب على الزوج الإنفاق على زوجته، أوجب على الزوجة التمكين منه، ومن الواضح أنّ الزوجة إذا لم تكن لها قابليّة للتمكين، امتنع أن تكون مكلّفة بأمر الشارع به.
فإن قلت: يمكن الالتزام بالشقّ الأوّل والقول بأنّ أدلّة وجوب النفقة لا تشمل إلّا الزوجات الممكّنات من أزواجهنّ.
قلت: إنّ دليل وجوب التمكين على الزوجة لا يقتضي أكثر من تخصيص دليل وجوب النفقة، ولا يصلح لتعيين موضوع النفقة بحيث يدّعى ـ خلافاً لإطلاق الدليل ـ أنّ موضوعها هو الزوجة القادرة على التمكين؛ فمثلاً لو ورد في دليل: «أكرم العلماء» وورد في دليل آخر: «لا تكرم النحاة»، فغاية ما يمكن قوله أنّ الدليل الثاني يخصّص الدليل الأوّل بغير النحوي، وأمّا أن يدّعى أنّ الدليل الثاني أوجب خروج النحوي عن موضوع الحكم، فذلك دعوىً بلا وجه وغير مقبولة.
ودليل هذا المطلب أنّه في موارد الشكّ في أنّ الدليل هل أوجب إخراج حكم فرد من تحت دليل آخر، أو أنّه أخرج ذلك الفرد موضوعاً من تحته، فمقتضى الأصل هو الحمل على التخصيص وسنبيّن وجهه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.