47/04/11
بسم الله الرحمن الرحیم
لزوم تصريح الزوجة لفظاً بالتمکين/ النفقات/النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات/ لزوم تصريح الزوجة لفظاً بالتمکين
قلنا في الجلسة السابقة أنّ محلّ البحث في هذا المقام هو أنّ ما يكون في مقام الإثبات سبباً لوجوب نفقة الزوجة على الزوج هل هو مجرّد العقد بحيث يجب على الزوج الإنفاق ما لم يثبت نشوز الزوجة، أم أنّه لابدّ بعد العقد من إثبات تمكين الزوجة للزوج ليجب عليه الإنفاق؟
وقد عدّ صاحب المسالك أدلّة القول الثاني على النحو التالي: «لأنّ المهر يجب به[1] والعقد لا يوجب عوضين مختلفين.
ولأنّ النّفقة مجهولة الجملة، والعقد لا يوجب مالاً مجهولاً.
ولما روي أنّ النبيّ(ص) تزوّج ودخل بعد سنتين ولم ينفق إلا بعد دخوله.
ولقوله(ص): «اتّقوا الله في النساء، فإنّهنّ عوار عندكم، اتّخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف»[2] أوجب لهنّ إذا كنّ عند الرجال، وهو يدلّ على التمكين.
ولأنّ الأصل براءة الذمّة من وجوب النفقة، خرج منه حالة التمكين بالإجماع فيبقى الباقي على الأصل.»[3]
إلّا أنّه قد أشكل في متابعة كلامه في هذه الأدلّة فقال: «في جميع هذه الأدلّة نظر؛ لأنّ عدم إيجاب العقد عوضين مختلفين وعدم إيجابه مالاً مجهولاً مجرّد دعوىً أو استبعاد قد دلّ الدليل على خلافهما، فإنّ الآيات الدالّة على وجوب الإنفاق على الزوجة من غير تقييد تدلّ على أنّ العقد أوجب النفقة على ذلك الوجه، وأيّ مانع من إيجاب العقد أمرين مختلفين كما في شراء الدابّة والمملوك؟ فإن العقد يوجب الثمن كالمهر ويوجب الإنفاق المجهول من غير شرط إجماعاً.
وعدم إنفاق النبيّ(ص) قبل الدخول ـ لو سلّم ـ لا يدلّ على عدم الوجوب بإحدى الدلالات.
والخبر يدلّ على خلاف مطلوبكم، لأنّ الضمير في قوله(ص): «ولهنّ عليكم رزقهنّ» يعود إلى النساء المصدّر بذكرهنّ، وهنّ أعمّ من الممكّنات. ووصفهنّ بالوصفين لا يدلّ على التمكين المدّعى كونه شرطاً أو سبباً، لأنّ استحلال فروجهنّ يحصل مع التمكين التامّ وعدمه.
وأمّا أصالة البراءة فإنّما تكون حجّة مع عدم دليل ناقل عنه، لكنّه موجود هنا بالعمومات الدالّة على وجوب نفقة الأزواج، والأصل عدم التخصيص.»[4]
أقول: الأرجح في الإشكال على الاستدلالين الأوّل والثاني أن يقال: إنّ عقد النكاح ليس من العقود المعاوضيّة، ولا يحتسب المهر ولا النفقة عوضاً فيه، كما أنّ البضع أيضاً لا يعدّ معوّضاً، بل إنّ وجوب المهر والنفقة مبتنٍ على حكم الشارع بوجوب إعطائهما إلى الزوجة بواسطة الزوج. ويؤيّد ذلك أنّ فقدانهما في أنكحة بعض غير المسلمين لا يضرّ بصدق النكاح على العقد الواقع بينهم، بينما لو كانا عوضاً في العقد، لزم من فقدانهما عدم تحقّق النکاح لفقد ركن من أركانه، کما لا يتحقّق البيع من دون الثمن أو المثمن.
وأمّا عدم دلالة امتناع النبيّ(ص) من دفع النفقة قبل الدخول على المدّعى المذكور، فذلك لأنّه ـ لو سلّمنا بصحّة الخبر ـ يتعلّق بقضيّة خارجيّة لا نعلم بخصوصيّاتها، وبالتالي فإنّ الاستناد إلى فعل النبيّ(ص) لإثبات اشتراط التمكين لوجوب النفقة لن يكون ممكناً.
وإشکال الاستدلال بالخبر المنقول من الرسول الأکرم(ص) ـ علی فرض صحّة إسناده ـ هو ما أفاده الشهيد الثاني.
إلّا أنّ صاحب الجواهر قد ذکر توضيحاً في خصوص دعوی صاحب المسالك حول عدم جريان أصل البرائة في المقام ثمّ أشکال عليه وسنذکر کلامه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالی.