46/11/28
بسم الله الرحمن الرحیم
/ تتمة روايات القاعدة/قاعدة «ما غلب الله عليه»
الموضوع: قاعدة «ما غلب الله عليه»/ تتمة روايات القاعدة/
نسرد فيما يلي تتمّة أخبار قاعدة «ما غلب الله عليه»:
11 ـ خبر محمّد بن عُذافر، قال: «قلت لأبي عبدالله(ع): ...يكون في وقت فريضة لا تمكّنه الأرض من القيام عليها ولا السجود عليها من كثرة الثلج والماء والمطر والوحل، أيجوز له أن يصلّي الفريضة في المحمل؟ قال: نعم، هو بمنزلة السفينة، إن أمكنه قائماً وإلا قاعداً. وكلّما كان من ذلك فالله أولى بالعذر، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿بَلِ الْإِنْسٰانُ عَلىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾[1] .»[2] [3]
وهو يدلّ على سقوط اعتبار القيام والسجود على النحو المألوف في الصلاة عند وجود العذر.
12 ـ خبر موسى بن بكر، قال: «قلت لأبي عبدالله(ع): الرجل يغمى عليه اليوم واليومين والثلاثة والأربعة وأكثر من ذلك، كم يقضي من صلاته؟ فقال: ألا أُخبرك بما يجمع لك هذا وأشباهه؟ كلّ ما غلب الله عزّ وجلّ عليه من أمر والله أعذر لعبده. وزاد فيه غيره: أنّ أبا عبدالله قال: وهذا من الأبواب التي يفتح کلّ باب منها ألف باب.»[4] [5]
تمتاز هذه الرواية عن سائر الأخبار بأنّ لسانها يظهر بوضوح أنّ الإمام(ع) يستند في مقام الاستدلال إلى قاعدة عامّة يمكن التمسّك بها لاستنباط الحكم في سائر الموارد أيضاً.
13 ـ خبر سليمان بن خالد، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فصام خمسة وعشرين يوماً ثمّ مرض، فإذا برأ أيبني على صومه أم يعيد صومه كلّه؟ فقال: بل يبني على ما كان صام. ثمّ قال: هذا ممّا غلب الله عليه وليس على ما غلب الله عزّ وجلّ عليه شيء.»[6] [7]
وهو يدلّ على سقوط اعتبار التتابع في الكفّارة عند وجود العذر.
14 ـ ما رواه الصدوق عن فضل بن شاذان، قال: «كلّ ما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه يوماً وليلة، فلا يجب عليه قضاء الصلاة. قال الصادق(ع): كلّ ما غلب الله عليه العبد فهو أعذر له.»[8] [9]
ودلالته كدلالة صحيحة عليّ بن مهزيار وحفص بن البختري وإن كان ظاهره أنّه منقول عن الفضل بن شاذان نفسه دون الإمام(ع).
15 ـ مرسلة دعائم الإسلام عن جعفر بن محمّد(ع): «من هلك هديه فلم يجد ما يُهدي مكانه فالله أولى بالعذر.»[10]
ودلالتها كدلالة الصحيحة الثانية لمحمّد بن مسلم.
16 ـ حسنة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(ع)، قال: «كلّ ما غلب الله عليه فليس على صاحبه شيء.»[11] [12]
أقول: بعد التأمّل في الأخبار المتقدّمة، ينبغي الالتفات إلى أنّ مراجعة هذه الأخبار فضلاً عن كونها تثبت أصل اعتبار القاعدة، تمهّد أيضاً لاستنباط ضوابطها من خلال تتبّع موارد تطبيقها ليصار إلى إعمال القاعدة في غير الموارد المنصوصة على ضوء تلك الضوابط، وذلك لأنّ ضابطة القاعدة الفقهية إمّا أن يصرّح بها من قبل الإمام(ع)، وإمّا أن تستنبط من خلال تطبيقات المعصوم(ع) لها مع ملاحظة ما يستفاد من سائر الأدلّة الواردة في الموارد الداخلة ضمن دائرة شمول القاعدة، وإلّا لم تكن القاعدة مطّردة منعکسة ممّا يفضي في كثير من الموارد إلى تخصيصها بسائر الأدلّة وقد ينتهي ذلك إلى تخصيص الأكثر.
ثمّ إنّ المجلسي قال في المرآة في بيان المراد من قوله: «ما غلب الله عليه، علی بناء التفعيل أو بحذف العائد؛ أي: ما غلب الله به عليه.»[13]
وقال الشيخ في الفرائد: «المراد من «ما غلب الله عليه» هو ما حدث بسبب يستند
عرفاً إلى الله تعالى.»[14]
والحقّ ما ذهب إليه، إذ يمكن تبنّي هذا المعنى للقاعدة بالنظر إلى موارد تطبيقها في الأخبار.
وسنستكمل الحديث في هذا الموضوع في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.