46/11/27
بسم الله الرحمن الرحیم
/ روايات القاعدة/قاعدة «ما غلب الله عليه»
الموضوع: قاعدة «ما غلب الله عليه»/ روايات القاعدة/
قاعدة: «ما غلب الله عليه»
تعدّ هذه القاعدة من القواعد الفقهية المهملة، إذ لم يتعرّض لها في معظم كتب القواعد الفقهيّة.
ولأجل الوقوف على مفادها، لابدّ أوّلاً من الرجوع إلى أدلّتها.
وقد استند إليها في روايات عديدة واردة في أبواب فقهية متفرّقة نذكر منها ما يلي:
1 ـ صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله(ع)، قال: «إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين، فتيمّم به، فإنّ الله أولى بالعذر، إذا لم يكن معك ثوب جافّ أو لِبْد تقدر أن تنفُضه وتتيمّم به.»[1] [2]
وهي تدلّ على صحّة التيمّم على الطين عند الاضطرار.
2 ـ صحيحة علي بن مهزيار عن أبي الحسن الثالث في ما سأله عن المغمی عليه، فقال: «لا يقضي الصوم ولا الصلاة وكلّ ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر.»[3] [4]
وهي ظاهرة في عدم توجّه التكليف إلى المغمى عليه بحيث لا يجب عليه القضاء.
3 ـ صحيحة معاوية بن عمّار، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن رجل حجّ ولم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة؟ قال: هو من السنّة، فإن لم يقدر فالله أولى بالعذر.»[5] [6]
وهي دالّة على سقوط التكليف الاستحبابي عند العذر.
4 ـ صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما(ع): «... وقال: إنّ رسول الله(ص) كان يضحّي بكبش أقرنَ عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد، فإذا لم تجدوا من ذلك شيئاً فالله أولى بالعذر...»[7] [8]
وتدلّ على سقوط اعتبار بعض صفات الأضحية عند تعذّر وجودها.
5 ـ صحيحة أُخری لمحمّد بن مسلم عن أحدهما(ع)، قال: «...وقال في الرجل يبعث بالهدي الواجب فيهلك الهدي في الطريق قبل أن يبلغ وليس له سعة أن يهدي، فقال: الله سبحانه أولى بالعذر، إلا أن يكون يعلم أنّه إذا سأل أُعطي.»[9] [10]
فإنّها تدلّ على أنّ التكليف يتعلّق بالبدل في صورة تعذّر الإتيان بالمبدل منه.
6 ـ حسنة حفص بن البختري عن أبي عبدالله(ع)، قال: «سمعته يقول في المغمى عليه، قال: ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر.»[11] [12]
ودلالتها كدلالة صحيحة عليّ بن مهزيار.
7 ـ حسنة منصور بن حازم، قال: «قلت لأبي عبدالله(ع): الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه؟ قال: فقال لي: إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر، يجعل خريطة.»[13] [14]
وهي أيضاً دالّة على سقوط اعتبار الطهارة من الحدث والخبث في الصلاة عند العذر.
8 ـ حسنة مرازم، قال: «سأل إسماعيل بن جابر أبا عبدالله(ع) فقال: أصلحك الله! إنّ عليّ نوافل كثيرة، فكيف أصنع؟ فقال: اقضها. فقال له: إنّها أكثر من ذلك. قال: اقضها. قال: لا أُحصيها. قال: توخّه. قال مرازم: فكنت مرضت أربعة أشهر ولم أُصلّ نافلة، فقال: ليس عليك قضاء، إنّ المريض ليس كالصّحيح، كلّ ما غُلبتَ عليه فالله أولى بالعذر فيه.»[15] [16]
وهي تدلّ على عدم توجّه التكليف بقضاء النوافل عند وجود العذر.
9 ـ معتبرة إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن(ع): «في رجل طاف طواف الفريضة ثمّ اعتلّ علّة لا يقدر معها على تمام الطواف، فقال: إن كان طاف أربعة أشواط، أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط، فقد تمّ طوافه. وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف، فإنّ هذا ممّا غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخّر الطواف يوماً ويومين، فإن خلّته العلّة عاد فطاف أُسبوعاً، وإن طالت علّته أمر من يطوف عنه أُسبوعاً ويصلّي هو ركعتين ويسعى عنه وقد خرج من إحرامه. وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار.»[17] [18]
وتدلّ هذه الرواية على جواز الاستنابة عند تعذّر الإتيان بالفعل بسبب العذر.
10 ـ خبر مرازم بن حكيم الأزدي، قال: «مرضت أربعة أشهر لم أتنفّل فيها، فقلت ذلك لأبي عبدالله(ع)، فقال: ليس عليك قضاء، إنّ المريض ليس كالصحيح، كلّ ما غلب الله تعالى عليه فالله أولى بالعذر.»[19] [20]
ودلالتها كدلالة حسنة مرازم.
وسندرس سائر الأخبار في الجلسة القادمة إن شاء الله.