46/11/14
بسم الله الرحمن الرحیم
انتقال الأب أو الأُمّ/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد
الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ انتقال الأب أو الأُمّ
تقدّم في الجلسة السابقة عرض أقوال الفقهاء العظام في مسألة اشتراط العدالة أو مانعيّة الفسق في حضانة الأب أو الأُمّ.
والظاهر أنّه لا وجه لاشتراط العدالة أو القول بمانعيّة الفسق ـ بالمعنى المصطلح عند الفقهاء ـ في حقّ حضانة الأب أو الأُمّ، فإنّه لو اعتبر ذلك شرطاً على هذا الوجه، للزم منه سقوط حقّ الحضانة عنهما في أغلب الموارد والذي يلزم منه تخصيص الأكثر.
نعم، إذا كان في الأب أو الأُمّ خصوصيّة تستلزم حضانتهما للولد إفضاءً إلى مشاكل غير معتادة في تربيته تربيةً صحيحة ـ كما لو كان مشهوراً بالزنا علناً، أو شارباً للخمر، أو تاركاً للصلاة ـ فلا يبعد القول حينئذٍ بعدم صلاحيّته للحضانة، فإنّ حقّ الحضانة إنّما جعل من باب الامتنان على الأبوين ومراعاة مصلحة الولد، ولا يمكن القول بثبوت هذا الحقّ في مورد يلزم منه الإضرار بالولد على نحو لا يوجد عادة في الحضانة.
وأمّا إذا كان فسقهما من قبيل ما يوجد في الناس نوعاً ـ كالوقوع في الغيبة أو الكذب أحياناً ـ فلا وجه لسلب حقّ الحضانة عنهما من هذه الجهة.
المورد السادس: انتقال الأب أو الأُمّ
وقد ورد ذكر هذا الشرط ـ كغيره من الشروط المتقدّمة ـ في كلمات بعض علماء العامّة، بل ذهب بعضهم إلى أنّ اصطحاب الوليّ للولد في سفره قد يوجب سقوط حقّ حضانة الأُمّ في بعض الحالات.
يقول وهبة الزحيلي في هذا الباب: «مكان الحضانة هو مكان الزوجين إذا كانت الزوجيّة بينهما قائمة.
وللفقهاء آراء متقاربة في تحديد مواطن الحضانة وما يترتب عليه.
أما الحنفية ففصّلوا القول كما يأتي:
أ ـ إذا كانت الأُمّ هي الحاضنة في حال قيام الزوجيّة أو أثناء العدّة من طلاق أو وفاة، فمكان الحضانة هو المكان الذي تقيم فيه مع الزوج ولا يجوز لها الانتقال به إلا بإذن الزوج، لأنّ الزوجة ملزمة بمتابعة زوجها والإقامة معه حيث يقيم، والمعتدّة يلزمها البقاء في مسكن الزوجيّة، سواء مع الولد أو بدونه...
ب ـ أمّا الأُمّ المطلَّقة بعد انتهاء العدة، فمكان حضانتها هو أيضاً مكان إقامة الزوج ولا يجوز لها الخروج من بلدة إلى أُخرى بينهما تفاوت بحيث لا يمكن الوالد أن يبصر ولده ثمّ يرجع في نهاره، إلا إذا انتقلت به إلى وطنها وكان قد تزوّجها ـ أي عقد عليها عقد الزواج ـ فيه.
فإذا توافر هذان الشرطان ـ الوطن وكونه مكان العقد، جاز للأُمّ الانتقال بالمحضون إليه وإلا لم يجز، ويسقط حقّها في الحضانة...
وقال المالكيّة: مكان الحضانة للمطلّقة بعد انقضاء العدّة هو مكان إقامة والد المحضون، فليس لها السفر سفر نُقلة وانقطاع من بلد إلى بلد ستّة بُرُد ـ 133 كم ـ فأكثر، فإن سافرت إلى مكان يبعد هذه المسافة عن بلد إقامة الأب، سقط حقّها في الحضانة، لاحتياج المحضون إلى رعاية الولي، ولا يسقط حقّها في الحضانة بسفر التجارة والزيارة والحجّ ونحوه.»[1]
ونوكل نقل بقيّة كلمات فقهاء العامّة في هذه المسألة إلى الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.