« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

کون الأمّ أمة - کون الأمّ غير مسلمة/أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/أحکام الحضانة/ کون الأمّ أمة - کون الأمّ غير مسلمة

 

تقدّمت في الجلسة السابقة كلمات الشيخ الطوسي والشهيد الثاني في نفي استحقاق الأُمّ الأمة للحضانة.

غير أنّ الأدلّة المذكورة لهذه الدعوی غير تامّة، فإنّ اشتغالها بحقوق مولاها لا يقتضي سقوط حقّها في الحضانة، بل غايته القول بأنّ للأُمّ حقّ الحضانة بشرط إذن مولاها، ومن الواضح أنّ إمكان رجوع المولى عن إذنه لا يستلزم نفي أصل حقّ الأُمّ في الحضانة.

كما أشرنا مراراً إلى أنّ الحضانة لا تستلزم ولاية الحاضن على المحضون حتّى ينكر إمكانها بسبب رقّيّة الأُمّ، ومن هنا كان للمولى أن يجيز لأمته حضانة ولده الحرّ.

وعليه، فإنّ الأفضل في الاستدلال على اشتراط حرّيّة الأُمّ لإثبات حقّها في الحضانة هو التمسّك بفحوى الأخبار الدالّة على اشتراط حرّيّة الأب في حضانته كما فعل كاشف اللثام[1] وصاحب الرياض[2] ، ذلك باعتبار أنّ الأب إذا سقط حقّه في الحضانة في حالة رقّيّته على الرغم من ولايته القهريّة على الولد وانتقلت الحضانة حينئذٍ إلى أُمّه الحرّة ولو كانت متزوّجة بغيره، ففي صورة رقّيّة الأُمّ وحرّيّة الأب يكون سقوط حقّ حضانتها أولى.

بل لا يبعد أن يقال: إنّ المستفاد من صحيحة الفضيل بن يسار ومعتبرة داود الرقّي أنّ الرقيّة مانعة من حقّ الحضانة مطلقاً ولا يختصّ ذلك برقّيّة الأب.

 

المورد الثالث: کون الأمّ غير مسلمة

تقدّم أنّه في صورة إسلام الولد تبعًا لأبيه، لا تستحقّ الأُمّ غير المسلمة حضانته، بل ادّعي عدم الخلاف في ذلك[3] .

قال الشيخ في المبسوط: «إن كان أحدهما مسلماً فالمسلم أحقّ به عندنا وعند أكثرهم؛ وقال بعضهم: يخيّر.»[4]

وقال الشهيد الثاني: «الكافرة لا حضانة لها على الولد المسلم بإسلام أبيه، لأنّه لا حظّ له في تربية الكافرة، لأنّها تفتنه عن دينه وهو ينشأ على ما يألفه منها، ولأنّه لا ولاية للكافر على المسلم للآية.

ولو كان الولد كافراً تبعا لأبويه، فحضانته لها على ما فصّل إن ترافعوا إلينا. نعم، لو وصف الولد الإسلام نزع من أهله ولم يمكّنوا من كفالته لئلا يفتنوه عن الإسلام الذي قد مال إليه، وإن لم نصحّح إسلامه.»[5]

أقول: لم ترد رواية خاصّة في هذه المسألة، وما ورد من استدلالات الأصحاب عليها محلّ إشكال أحيانًا؛ إذ الحضانة لا علاقة لها بالولاية كما تقدّم مراراً، فلا يصحّ نفي حضانة الأُمّ غير المسلمة للولد المسلم بمجرّد إنكار ولاية الكافر على المسلم.

غير أنّه يمكن تقييد إطلاق أدلّة حضانة الأُمّ بأنّ تقديمها على الأب في هذا المورد يؤدّي إلى تفضيل غير المسلم على المسلم، وهو أمر غير جائ

على أنّ حقّ الحضانة للأبوين شرّع على سبيل الامتنان، والحقّ الامتناني لا يجوز أن يفضي إلى تضييع حقّ الآخر أو إلحاق الضرر به. وبما أنّ كفالة الأُمّ غير المسلمة للولد المسلم تعرّضه للانحراف عن دينه بسبب تأثّره بأُمّه وهو ضرر محقّق، فلا يمكن اعتبار إطلاق أدلّة حضانة الأُمّ شاملاً لهذا المورد.

أمّا إذا كان الأب والأُمّ كافرين وأرادا في مقام التنازع الحكم بينهما بحسب قواعد الشرع الإسلامي، فالولد يكون عند أُمّه إلى سبع سنين، ثمّ عند أبيه.

وأمّا ما ذكره الشهيد الثاني من استرجاع الولد من أبويه في حال قبوله الإسلام بعد البلوغ، فهو صحيح ما لم يستلزم ذلك مفسدة أهمّ.


logo