« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 المبنى المختار/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ المبنى المختار

المقام الثالث: المبنى المختار

ينبغي في بيان المبنى المختار أن نفرّق بين حالتين:

الحالة الأُولى: استمرار الزوجيّة بين الأبوين

أقول: إنّ الروايات القابلة للاستناد في هذه الحالة، هي ما تقدّم ذكره ضمن روايات الفئة الأُولى. والروايات التي يمكن الأخذ بها من حيث السند والدلالة هي موثّقة داود بن الحصين وصحيحة الفضيل بن يسار.

أمّا خبر فضل أبي العبّاس فضعيف سنداً، مضافاً إلی احتمال اختصاصه ـ بالنظر إلى ذيله ـ بصورة كون الزوجة مطلّقة.

كما أنّ معتبرة جميل بن درّاج وابن بكير قد يحتمل ـ بل يرجّح ـ أن يكون مفادها إلحاق الولد من حيث الحرّية بالحرّ من الأبوين، ولا دلالة فيها على الحضانة.

وبناءً على صحيحة الفضيل بن يسار، يكون الأب أحقّ بحضانة الولد مطلقاً، إلا أنّ هذا الإطلاق يُقيّد بموثّقة داود بن الحصين، فينتج من الجمع بينهما أنّ الحضانة تكون مشتركة بين الأبوين في مدّة الرضاع ثمّ تختصّ بالأب بعدها، سواء أكان الولد ذكراً أو أُنثى.

وأمّا ما ورد في ذيل موثّقة داود من أنّه إن وجدت مرضعة تقبل بأُجرة أقلّ، فللأب أن ينزع الولد من أُمّه، فالمراد به أخذ الطفل للإرضاع دون الحضانة، إذ لا ملازمة بين الإرضاع والحضانة كما سيأتي توضيحه في محلّه إن شاء الله.

نعم، قد يُقال: إنّ إطلاق ما ورد في صحيحة أيّوب بن نوح من قول الإمام(ع): «المرأة أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين» يشمل صورة بقاء الزوجيّة أيضاً ولا يختصّ بحال الطلاق، فإنّ سؤال السائل وإن كان وارداً في مورد مفارقة الزوجة إلا أنّ المورد لا يقيّد إطلاق الجواب.

ولا يبعد القبول بهذا البيان؛ وعليه فكما قيّد إطلاق موثّقة داود بن الحصين، كذلك يقيّد إطلاق الروايات الدالّة على أحقّيّة الأب في الحضانة بعد فترة الرضاع بصحيحة أيّوب بن نوح.

فيُستفاد من مجموع الأخبار أنّ الحضانة في هذه الحالة مشتركة بين الأبوين في مدّة الرضاع ثمّ تختصّ بالأُمّ إلى أن يبلغ الولد سبع سنين ثمّ تنتقل إلى الأب بعد ذلك.

الحالة الثانية: انقطاع العلقة الزوجيّة بين الأبوين

إذا انقطعت علقة الزوجيّة بين الأبوين، فإنّ إطلاق موثّقة داود بن الحصين وإن دلّ على اشتراك الأبوين في حضانة الطفل إلى مدّة السنتين إلا أنّه لا يمكن التمسّك به بعد فرض الانفصال، لأنّ انقطاع العلاقة الزوجيّة يسلب في الغالب إمكانيّة الحضانة المشتركة من الناحية العمليّة، فيحمل إطلاق الموثّقة على مورد بقاء الزوجيّة وترفع اليد عن عمومها في غيره.

وأمّا خبر فضل أبي العبّاس وخبر أبي الصبّاح وحسنة الحلبي فظاهرها أنّها بصدد بيان أحقّيّة الأُمّ في إرضاع ولدها لا بيان حقّها في حضانته.

وبيان ذلك: أنّ حقّ الإرضاع يغاير حقّ الحضانة ولا تلازم بين هذين الحقّين؛ فقد تتنازل الأُمّ عن أحدهما وتحتفظ بالآخر، أو قد تكون غير قادرة على القيام بأحدهما مع إمكان مباشرتها للآخر.

وبناءً على ذلك، فإنّ ما ورد في تلك الأخبار من توقّف أحقّيّة الأُمّ على كونها أقلّ أُجرة من غيرها من المرضعات إنّما هو راجع إلى حقّ الإرضاع خاصّة ولا صلة له بحقّ الحضانة.

ويتّضح بهذا الأساس عدم وجود تعارض بين صدر موثّقة داود بن الحصين وذيلها ـ خلافاً لما أفاده صاحب الجواهر ـ لأنّ الصدر في مقام بيان الحضانة والذيل في مقام بيان الإرضاع ولكلّ منهما حكمه الخاصّ، فإنّ الأُمّ قد تُحرم من حقّ إرضاع الطفل بسبب مطالبتها بأُجرة أعلى من غيرها، إلا أنّ ذلك لا يسلبها حقّها في الحضانة مادامت العلقة الزوجيّة قائمة.

وهذا يكشف عن وجه الإشكال في ما ذهب إليه بعض الأصحاب ـ كالشيخ المفيد وقد سبق نقل کلامه ـ من اشتراط أحقّيّة الأُمّ في الحضانة بكونها أقلّ أُجرة في الإرضاع.

وقد ذهب المحقّق الحلّي أيضاً إلى سقوط حضانة الأُمّ عند عدم مباشرتها الإرضاع، وسنعرض نصّ كلامه ومناقشته في الجلسة القادمة إن شاء الله.

logo