« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

أقوال الفقها في المسألة – القول الخامس، السادس و السابع/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ أقوال الفقها في المسألة – القول الخامس، السادس و السابع

 

كنّا قد طرحنا في الجلسة السابقة الإشكال المتعلّق بكلام العلامة في حمل صحيحة أيّوب بن نوح على خصوص البنت في سياق الجمع بينها وبين الأخبار الدالّة على أحقّيّة الأب في حضانة الولد.

وأمّا الإشكال الآخر الوارد على دعواه فيتعلّق بحمله لمرسلة المنقري، إذ لا يصحّ الالتزام بحملها على خصوص مدّة الرضاع استناداً إلى خبر أبي العبّاس، وذلك لإمكان حمل خبر أبي العبّاس على أحقّيّة الأب في تعيين المرضعة لولده بقرينة ما ورد في ذيله.

كما أنّ الغاية المذكورة في مرسلة المنقري لأحقّيّة الأُمّ في الحضانة ـ وهي قوله: «ما لم تتزوّج» ـ تمنع من حملها على فرض كون الأب عبداً لما ورد في معتبرة داود الرقّي، إذ إنّ مقتضى تلك المعتبرة أنّ زواج الأُمّ لا يسقط حضانتها إذا كان الأب عبداً، فلو كانت مرسلة المنقري ناظرة إلى هذا المورد، لكان المناسب أن تغيّى بعتق الأب لا بزواج الأُمّ.

القول الخامس: أحقّيّة الأُمّ بالحضانة في البنت والابن إلى سبع سنين

ذهب إلى هذا القول السيّد العاملي في نهاية المرام حيث قال: «الذي يقتضيه الوقوف مع الرواية الصحيحة أنّ الأُمّ أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين مطلقاً.»[1]

ووافقه عليه كلّ من المحقّق السبزواري، وصاحب الحدائق، والسيّد محسن الحكيم. [2] [3] [4]

ومستند هذا القول هو إطلاق صحيحة أيّوب بن نوح علی ما ورد في الفقيه.

القول السادس: حضانة الأُمّ للولد إلى سنتين مطلقاً وبعدها تكون للأب

اختار هذا القول السيّد الخوئي حيث قال في المنهاج: «مسألة 1388: الأُمّ أحقّ بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرّة مسلمة عاقلة مأمونة على الولد إلى سنتين وإن كان أُنثى، والأولى جعله في حضانة الأُمّ إلى سبع سنين وإن كان ذكراً.»[5]

ويستظهر من عبارته أنّه أفتى بالحضانة إلى سنتين مطلقاً نظراً لعدم اعتماده على رواية أيّوب بن نوح وعملاً بما ورد من الأخبار التي تدلّ على أحقّيّة الأُمّ في مدّة الرضاع وأحقّيّة الأب بعدها.

القول السابع: الحضانة في مدّة الرضاع مشتركة بين الأب والأُمّ وبعدها تختصّ بالأب

قال السيّد السيستاني في المنهاج: «مسألة ٤٠١: حضانة الولد وتربيته وما يتعلّق بها من مصلحة حفظه ورعايته تكون في مدّة الرضاع ـ أعني: حولين كاملين ـ من حقّ أبويه بالسويّة، فلا يجوز للأب أن يفصله عن أُمّه خلال هذه المدّة وإن كان أنثى، والأحوط الأولى أن لا يفصله عنها حتّى يبلغ سبع سنين وإن كان ذكراً.

مسألة ٤٠٢: إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن يبلغ الولد السنتين، لم يسقط حقّ‌ الأُمّ في حضانته ما لم تتزوّج من غيره، فلابدّ من توافقهما على ممارسة حقّهما المشترك بالتناوب أو بأيّة كيفيّة أُخرى يتّفقان عليها.»[6]

وظاهر عبارته القول باشتراك الأبوين في الحضانة خلال مدّة الرضاع حتّى مع وقوع الفراق بينهما مستنداً في ذلك إلى موثّقة داود بن الحصين دون التعويل على صحيحة أيّوب بن نوح لعدم اعتبارها عنده. وقد ذهب في ما بعد السنتين إلى اختصاص الحضانة بالأب كما هو مختار السيّد الخوئي أيضاً.

وقد ورد مضمون اشتراك الأبوين في الحضانة مدّة الرضاع في كلمات ابن فهد الحلّي أيضاً، بل ادّعى عليه الإجماع، فقال: «وقع الإجماع على اشتراك الحضانة بين الأبوين مدّة الحولين، وعلى سقوطها بعد البلوغ، وله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما، والخلاف فيما بينهما.»[7]

لكن صاحب المدارك ناقش في هذه الدعوى قائلاً: «هو ضعيف، لأنّ‌ الإجماع ممنوع، والرواية الواردة بذلك ضعيفة.»[8]

فمنع الإجماع وجيه، لكن دعوى ضعف الرواية غير تامّة، لأنّ رواية داود بن الحصين موثّقة ومعتبرة من جهة السند.

كما اعترض صاحب الجواهر على دعوى ابن فهد فقال: «فيه: أنّ الإجماع موهون بمصير الأكثر إلى خلافه بل الكلّ، ومعارضة صدر الخبر بذيله مع عدم وضوح المراد بالتسوية فيه، إذ يمكن إرادة ذلك من جهة أنّ على الأُمّ الرضاعة وعلى الأب الأُجرة، فتربيته بينهما بالسويّة من هذه الحيثيّة، وعلى كلّ حال فلا ريب في ضعفه.»[9]

فإنّه قد أشار بالتعارض بين صدر الرواية وذيلها إلى ما ورد في صدر الرواية من اشتراك الأبوين في الحضانة وفي ذيلها من أنّه إذا وجدت مرضعة تقبل بأُجرة أقلّ من أُمّه، جاز للأب أخذ الولد منها. ولكن هذا لا يوجب تعارضاً بين الصدر والذيل كما سيأتي تفصيله عند بيان المبنى المختار إن شاء الله.

كما أنّ تفسير التسوية بين الأبوين في الحضانة بأنّ الأُمّ ترضع والأب يدفع الأُجرة، تفسير غير سديد، لأنّ الإرضاع ليس واجباً على الأُمّ في حين أنّ دفع الأُجرة ـ مع مطالبة الأُمّ بها ـ واجب على الأب شرعاً.

وسنبيّن في الجلسة القادمة المبنى المختار في المسألة إن شاء الله.


[6] ـ منهاج الصالحين، ج3، ص120.
logo