« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/08/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الروايات الواردة في ذيل آية﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾‌/ أحکام الإرضاع /أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الإرضاع / الروايات الواردة في ذيل آية ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾‌

 

قلنا: إنّ مجاميعنا الروائيّة تشتمل على روايات متعلّقة بما ورد في الآية الشريفة وهي علی طائفتين:

الأُولى: الأخبار الّدالة على إشارة «ذلك» إلى النفقة:

منها: خبر محمّد بن مسلم عن أحدهما، قال: «سألته عن قوله: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾‌؟ قال: هو في النفقة، على الوارث مثل ما على الوالد.»[1] [2]

ومنها: قال علي بن إبراهيم في تفسيره: «قوله: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ لا تضارّ المرأة التي لها ولد وقد توفّي زوجها، فلا يحلّ للوارث أن يضارّ أُمّ الولد في النفقة فيضيّق عليها.»[3] [4]

لكنّ الظاهر أنّ هذه العبارة لا تسند إلى الإمام(ع) بل هي من فهم عليّ بن إبراهيم نفسه للآية الشريفة.

ومنها: صحيحة محمّد بن علي الحلبي عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قلت له: من الذي أُجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير، يعني الأخ وابن الأخ وغيره.‌»[5] [6]

ومنها: موثّقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبدالله، قال: «أُتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه بيتيم فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه‌.»[7] [8]

نعم، الروايتان الأخيرتان لم تردا في تفسير الآية.

الثانية: الأخبار الدالّة على إشارة «ذلك» إلى عدم الإضرار:

منها: حسنة الحلبي عن أبي عبدالله(ع)، قال: «...وأمّا قوله: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ فإنّه نهى أن يضارّ بالصبيّ أو يضارّ أُمّه في رضاعه.»[9] [10]

ومنها: خبر أبي الصبّاح، قال: «سئل أبو عبدالله(ع) عن قول الله: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾‌، قال: لا ينبغي الوارث أن يضارّ المرأة فيقول: لا أدع ولدها يأتيها ويضارّ ولدها إن كان لهم عنده شي‌ء، ولا ينبغي له أن يقتر عليه‌.»[11] [12]

أقول: بناءً علی الأخبار المتقدّمة، يمكن استفادة أنّ المعتبر من بين الأخبار الواردة في تفسير الآية الشريفة هو حسنة الحلبي التي يفسّرها خبر أبي الصبّاح الكناني. أمّا الأخبار المعتبرة سنداً في الطائفة الأُولى فلم ترد في تفسير الآية، وما ورد في تفسيرها غير معتبر سنداً.

ولذلك ينبغي القول بحسب حسنة الحلبي وخبر أبي الصبّاح أنّ المراد من «الوارث» في الآية الشريفة هو وارث أبي المرتضع، وأنّ «ذلك» يشير إلى الإضرار. ومعنی الآية أنّه إذا حصل أحد ورثة الأب على سلطة في شؤون المرتضع وأمواله، فلا يحقّ له القيام بتصرّف يضرّ بالمرتضع أو بأُمّه، بل عليه أن يراعي حقّ الأُمّ في إرضاع الطفل كما يجب عليه مراعاة مصلحة المرتضع.

وبما أنّ الوارث الذي له هذا الاختيار بالنسبة إلى المرتضع وأمواله ليس إلا جدّه لأبيه، فيمكن القول بانّ المراد من «الوارث» في هذه الآية ليس مطلق الوارث، بل هو وارث معيّن.

وينبغي الالتفات إلى أنّ الذي ذكرناه لا علاقة له بوجوب رزق الأُمّ وكسوتها من أموال المرتضع، لأنّ هذا الحكم قد وجب في الآية الشريفة على «المولود له» ولا دليل على انتقاله بعد موت الأب إلی المرتضع نفسه.

نعم، بناءً على ما تقدّم من صحيحة ابن سنان[13] [14] وخبر ابن أبي يعفور[15] [16] الدالّين علی أنّ أُجرة إرضاع الصغير اليتيم تدفع ممّا ورثه من تركة أبيه، يمكن القول بأنّ المراد من عدم الإضرار بالأُمّ هو أنّه إذا طالبت بالأُجرة، وجب دفعها إليها.

وأمّا ما ورد في موثّقة غياث بن إبراهيم وكذا صحيحة الحلبي من أخبار الطائفة الأُولی فقد ذكرنا أنّه لا علاقة له بتفسير الآية الشريفة، وسنتابع البحث عن مضمونهما في مبحث النفقات إن شاء الله.

وآخر ما ينبغي الإشارة إليه هو أنّه بناءً على ما قيل هاهنا، يظهر وجه آخر لاستخدام تعبير «المولود له» بدلاً من الوالد في الآية الشريفة، وهو أنّ الرزق والكسوة لا يجبان إلا على الأب لا على الجدّ للأب، وبما أنّ التعبير بالوالد قد يوهم وجوبهما على الجدّ أيضاً، استخدم تعبير «المولود له» في الآية تجنّباً لذلك، كما استخدم تعبير «الوارث» إشارة إلى ما يجب على جدّه من أبيه.


logo