46/08/02
بسم الله الرحمن الرحیم
اجرة إرضاع الأمّ/ أحکام الإرضاع /أحکام الأولاد
الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الإرضاع / اجرة إرضاع الأمّ
ذكرنا في الجلسة السابقة الأخبار التي تدلّ على بقاء حقّ الأُمّ المطلّقة في إرضاع الطفل بالرغم من مطالبتها الأُجرة عليه وقلنا: إنّ مدلولها هو أنّ هذا الحقّ باقٍ ما لم تطالب الأُمّ بأكثر من المرضعات الأُخريات.
وورد في ذيل الموثّقة التي رواها داود بن الحصين ـ والتي سبق ذكر صدرها ـ أيضًا: «...إن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأُمّ: لا أُرضعه إلا بخمسة دراهم فإنّ له أن ينزِعه منها إلا أنّ ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أُمّه.»[1] [2]
وهذه الرواية أيضاً لها ظهور تامّ في الدعوى السابقة نفسها مطلقاً، سواء أکانت الأُمّ باقية في حبالة النكاح أو مطلّقة.
ولكنّ الشيخ ذهب في المبسوط إلی أنّه لا يمكن استئجار الأُمّ لإرضاع ولدها مادامت في حبالة نکاح الزوج حيث قال: «إن امتنعت إلا بأُجرة فاستأجرها لذلك، كانت الإجارة باطلة، وهكذا إن استأجرها لخدمته.
وإن آجرت نفسها لرضاع أو لخدمة بغير إذنه، كانت باطلة.
وإنّما لم يصحّ أن تؤاجر نفسها من غيره لأنّها عقدت على منافع لا يقدر على إيفائها، فإنّ زوجها قد ملك الاستمتاع بها في كلّ وقت وفي جميع الأزمان إلا ما وقع مستثنىً بالعقد من أوقات الصيام والصلاة، فإذا لم تقدر على إيفاء ما عقدت عليه كان العقد باطلاً.
وإنّما قلنا إنّها إذا آجرت نفسها من زوجها لم يصحّ هو أنّه يملك منعها من إيفاء ما وجب عليها بعقد ثانٍ ليستوفي ما وجب له عليها بعقد النكاح، وكذلك من استأجر إنساناً شهراً بعينه لم يجز من ذلك الإنسان أن يؤاجر نفسه ذلك الشهر بعينه لا له ولا لغيره.»[3]
وضعف هذا الكلام واضح، لأنّ الحقّ الذي منحه الشارع للزوج للاستمتاع، لا ينافي تنازله عنه واستيجاره لزوجته لعمل ليس واجباً عليها، كما يمكنه أن يسمح لها بأن تؤجر نفسها لشخص آخر.
بل وإن استأجر شخصٌ فرداً لأداء عمل معيّن لفترة محدّدة بحيث تصبح منافعه مملوكة للمستأجر من حيث ذلك العمل الخاصّ فقط طوال تلك المدّة، فيمكن للمؤجر في الفترة نفسها أن يؤجر نفسه لشخص آخر من حيث منفعة أُخرى إذا لم تکن الإجارة الثانية مانعة من أداء ما وجب عليه بحسب الإجارة الأُولی. نعم، إذا ملّك المؤجر جميع منافعه لشخص آخر لفترة محدّدة عبر عقد الإجارة، فلا يمكنه تأجير نفسه ثانياً خلال تلك الفترة مطلقاً.
ثمّ إنّه قد اعترض صاحب الجواهر على إطلاق جواز مطالبة الأُمّ بالأُجرة للإرضاع وقال: «ربما ظهر من إطلاق نحو العبارة وجوب الأُجرة على الأب ولو مع إعساره.
وفيه: أنّه منافٍ للأصل، على أنّ الظاهر كون الأُجرة من الإنفاق المعلوم عدم وجوبه في الفرض، وإطلاق الآيتين إنّما هو على حال الإنفاق، فلا وجه للتوقّف في ذلك، بل ولا أظنّ فيه خلافاً.»[4]
وسنطرح الإشكال الذي يرد على كلامه في الجلسة القادمة إن شاء الله.