46/07/17
بسم الله الرحمن الرحیم
أحکام وطي الشبهة – إستحباب أو وجوب الختان/ شروط إلحاق الولد- احکام الختان /أحکام الأولاد
الموضوع: أحکام الأولاد/ شروط إلحاق الولد- احکام الختان / أحکام وطي الشبهة – إستحباب أو وجوب الختان
أوضحنا في الجلسة السابقة مسألتين من المسائل التي طرحها المحقّق.
الثالثة: حال الطفل المولود بعد الطلاق من الزوج الأوّل والنكاح من الثاني
إذا طلّق الزوج زوجته بعد وطئها وتزوّجت المرأة بعد العدّة بزوج ثانٍ ووطئها الثاني ثمّ وُلد لها طفل، فبحسب الأخبار الواردة التي تقدّمت تفصيلها في بحث النسب من مبحث أسباب التحريم، إن مضى عن وطء الزوج الثاني لها إلى حين الولادة أقلّ من ستّة أشهر وعن زمان وطئ الزوج الأوّل لها إلى ذلك الحين أكثر من تسعة أشهر وأقلّ من ستّة أشهر، فالولد ملحق بالزوج السابق، وإذا مضى عن وطء الزوج الثاني لها أكثر من ستّة أشهر وأقلّ من تسعة، فالولد ملحق به وإن مضى عن زمان وطء الزوج الأوّل لها أيضاً أكثر من ستّة أشهر وأقلّ من تسعة، وقد تقدّم تفصيل المسالة فنتجنّب التكرار.
قال المحقّق الحلّي: «أحكام ولد الشبهة
الوطء بالشبهة يلحق به النسب. فلو اشتبهت عليه أجنبيّة فظنّها زوجته أو مملوكته فوطئها، ألحق به الولد. وكذا لو وطئ أمة غيره لشبهة، لكن في الأمة يلزمه قيمة الولد يوم سقط حيّاً، لأنّه وقت الحيلولة.
ولو تزوّج امرأة لظنّها خالية أو لظنّها موت الزوج أو طلاقه، فبان أنّه لم يمت ولم يطلّق، ردّت على الأوّل بعد الاعتداد من الثاني، واختصّ الثاني بالأولاد مع الشرائط، سواء استندت في ذلك إلى حكم حاكم أو شهادة شهود أو إخبار مخبر.»[1]
المسائل التي طرحها المحقّق هاهنا تقدّمت جميعاً في البحث عن ثبوت النسب بالوطء بالشبهة في مبحث أسباب التحريم، ولا حاجة إلى تكرارها.
قال المحقّق الحلّي: «القسم الثاني: في أحكام الولادة
والكلام في سنن الولادة واللواحق...
وأمّا اللواحق فثلاثة: سنن اليوم السابع والرضاع والحضانة.
وسنن اليوم السابع أربع...
وأمّا الختان فمستحبّ يوم السابع، ولو أخّر جاز. ولو بلغ ولم يختن وجب أن يختن نفسه. والختان واجب وخفض الجواري مستحبّ. ولو أسلم كافر غير مختن وجب أن يختن ولو كان مسنّاً. ولو أسلمت امرأة لم يجب ختانها واستحبّ.»[2]
وردت في استحباب ختان الولد في اليوم السابع روايات کصحيحه عبدالله بن جعفر: «أنّه كتب إلى أبي محمّد(ع): أنّه روي عن الصادقين(ع) أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطّهّروا وأنّ الأرض تضجّ إلى الله من بول الأغلف، وليس جعلت فداك لحجّامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجّام اليهود، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا إن شاء الله؟ فوقّع(ع): السنّة يوم السابع، فلا تخالفوا السنن إن شاء الله.»[3] [4]
ومعتبره السکوني عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قال رسول الله(ص): طهّروا أولادكم يوم السابع، فإنّه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإنّ الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحاً.»[5] [6]
ولكن بالنسبة إلى أنّ أصل الختان هل له وجوب نفسيّ أم لا ـ وإن لم يكن ريب في وجوبه الغيريّ لأُمور كالطواف ـ فقد تقدّم في كلمات المحقّق أنّه يقول بوجوبه النفسي.
كما قال صاحب الجواهر في هذا الشأن: «إنّ الختان واجب في نفسه بالضرورة من المذهب والدين التي استغنت بذلك عن تظافر النصوص كغيرها من الضروريّات.»[7]
وادّعى صاحب المسالك وصاحب المدارك عدم الخلاف بين العلماء بل علماء الإسلام في المسألة.[8] [9]
غير أنّ صاحب الجواهر نسب إلى صاحب الحدائق القول بعدم وجوب الختان، وقال: «من الغريب وسوسة المحدّث البحراني عند ذلك كلّه وميله إلى عدم الوجوب.»[10]
والحال أنّ صاحب الحدائق لم يقل بعدم الوجوب، بل قال بأصل وجوبه مثل الذين ادّعوا أنّه ممّا أجمع عليها علماء الإسلام[11] ، والذي مال إليه هو عدم وجوب الختان قبل البلوغ ممّا سنتعرّض إلى بيانه تباعاً.
وبالنسبة إلى وجوب الختان النفسيّ فيمكن التمسّك بأخبار:
منها: موثّقة غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمّد عن أبيه(ع)، قال: «قال علي(ع): لا بأس أن لا تختتن المرأة فأمّا الرجل فلابدّ منه.»[12] [13]
ومنها: معتبرة السکوني عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قال أمير المؤمنين(ع): إذا أسلم الرجل اختتن ولو بلغ ثمانين.»[14] [15]
ومنها: خبر فضل بن شاذان عن الرضا(ع) في ما کتبه لمأمون: «الختان سنّة واجبة للرجال ومكرمة للنساء.»[16] [17]
ومنها: صحيحة أبي بصير، قال: «سألت أبا جعفر(ع) عن الجارية تُسبى من أرض الشرك فتُسلم فتُطلَب لها من يخفضها فلا نقدر على امرأة؟ فقال: أمّا السنّة في الختان على الرجال وليس على النساء.»[18] [19]
ومنها: صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(ع)، قال: «ختان الغلام من السنّة وخفض الجواري ليس من السنّة.»[20] [21]
قال صاحب الجواهر في التعبير الوارد في الروايتين الأخيرتين: «إنّ المراد بعد معلوميّة استحبابه في النساء، نفي الوجوب، فيدلّ على إرادة الواجبة من السنّة في مقابلتها.»[22]
والحقّ ما ذهب إليه.