46/07/11
بسم الله الرحمن الرحیم
إشکال آخر علیدعوى الشهيد الثاني/ شروط إلحاق الولد/أحکام الأولاد
الموضوع: أحکام الأولاد/ شروط إلحاق الولد/ إشکال آخر علی دعوى الشهيد الثاني
طرحنا في الجلسة السابقة إشكالين من جملة ما يرد على دعوى الشهيد الثاني.
والإشكال الآخر الذي قد يرد على دعواه أنّه في النزاع على أقصى الحمل، يتعارض استصحاب عدم انقضاء تسعة أشهر إلى زمان وضع الحمل مع استصحاب عدم وضع الحمل إلى انقضاء تسعة أشهر، كما يتعارض استصحاب عدم وضع الحمل إلى انقضاء ستّة أشهر مع استصحاب عدم انقضاء ستّة أشهر إلى زمان وضع الحمل في النزاع على أقلّ الحمل. وعليه فلا يمكن اعتبار قول أيّ من الزوجين في أيّ من الدعويين مطابقاً للأصل.
والجواب: هو أنّ وضع الحمل بعد انقضاء ستّة أشهر أو تسعة، إنّما هو من لوازم استصحاب عدم وضع الحمل إلى انقضاء ستّة أشهر أو تسعة، وعليه فلا أثر لهذين الاستصحابين إلا بنحو مثبت، والحال أنّ استصحاب عدم انقضاء ستّة أشهر أو تسعة إلى وضع الحمل، لا معنى له إلا وضع الحمل قبل انقضاء الستّة أو التسعة. وعليه فإن كان النزاع على مضيّ أقلّ مدّة الحمل، فإنّ الأصل يوافق قول الزوج، وإذا كان النزاع على أقصى مدّة الحمل، فالأصل يوافق قول الزوجة، وهو التفصيل الذي ادّعاه الشهيد الثاني.
وقد ذهب صاحب المدارك[1] وصاحب الحدائق[2] أيضاً إلى هذا التفصيل.
ولكن قال كاشف اللثام في توجيه دعوى الشهيد الأوّل: «كأنّه نظر إلى الرجوع إليها في العلوق بالولد، فإنّه من فعلها فيقدّم قولها مطلقاً.»[3]
غير أنّ ضعف التوجيه واضح، لأنّ تكوّن الجنين ليس من فعل أحد وإنّما هو أمر قهريّ مترتّب على ما صدر من الزوجين من الفعل.
وقد تبنّى صاحب الرياض نظير مقالة الشهيد الثاني من أنّ كلمات الأصحاب مطلقة في تقديم قول الزوجة في المسألة، وتشمل النزاع على أقل مدّة الحمل أيضاً ثمّ قال: «في الاكتفاء بمثله في الخروج عن مقتضى الأصل إشكال.
إلا أن يعتضد بعموم: «الولد للفراش»، ولا ينتقض بصورة وقوع النزاع في الدخول، لعدم الفراش فيها بدون ثبوته، بخلاف المقام، لثبوته بثبوته باتّفاقهما عليه.
هذا مع إمكان المناقشة في الأصل الذي ادّعي كونه مع الزوج، كيف لا؟ وهو معارض بأصالة عدم موجب للحمل لها غير دخوله، وبعد التعارض لابدّ من المصير إلى الترجيح، وهو معها، للعموم المتقدّم، ولا ينقض بالصورة المتقدّم ذكرها، لانتفاء المرجّح المزبور فيها كما مضى، فهذا أقوى.»[4]
ولكن كما قلنا فعندما يتنازع على أنّ المورد هل هو من موارد التمسّك بأمارة الفراش أم لا، فلا يمكن تقديم من يطابق قوله الأمارة على قول الطرف الآخر، وأمّا أنّ أمارة الفراش جارية لأنّهما متّفقان على وقوع الدخول ويقدّم قول المرأة لمطابقته لها، فهو مشكل بأنّ مجرّد الدخول لا يسبّب جريان أمارة الفراش وإنّما تجري هذه الأمارة فيما إذا كان وضع الحمل فيما بين أدنى مدّة الحمل وأقصاها المفروض أنّه محلّ النزا
فإن قيل: بناءً على ما زعمتم سابقاً فما لم يُعلم بأنّ وضع الحمل خارج عن هذه المدّة لأمكن الأخذ بأمارة الفراش، وهاهنا لا يوجد هذا العلم فيجب أن تجري الأمارة.
قلت: إنّ الذي سبق كان فيما إذا لم يكن هناك نزاع، وإلّا فمع التنازع على جريان أمارة الفراش ودعوی الزوج عدم جريانها، فلا يمكن تقديم قول الزوجة تمسّكاً بها.
وأمّا دعوى تعارض أصل عدم مضيّ أقلّ المدّة إلى وضع الحمل مع أصل عدم موجب آخر لحمل الزوجة، ففيها إشكال واضح، لأنّ الأصل الثاني لا يثبت تكوّن الولد من نطفة الزوج إلا بنحو مثبت.
ثمّ إنّه قال صاحب الجواهر في بيان وجه دعوى المحقّق من ثبوت اللعان في هذا الفرض: «الظاهر أنّ مبناها أصالة لحوق الولد بالوطء المحترم حتّى يتبيّن فساد ذلك، وهي قاعدة أُخرى غير قاعدة «الولد للفراش» ولو لكونها أخصّ منها، وحينئذٍ فمتى تحقّق الوطء حُكم شرعاً بلحوق الولد إلا إذا علم العدم بالوضع لأقلّ الحمل أو لأقصاه أو لغير ذلك، ففي الفرض الذي قد تحقّق فيه الوطء واختلفا في المدّة تكون المرأة منكرة على كلّ حال باعتبار موافقة دعواها الأصل المزبور، من غير فرق بين دعوى الزوج الأزيد من أقصى الحمل أو الأقلّ من أدناه، إذ هو على كلّ حال مدّعٍ ما ينافي أصالة لحوق الولد بالواطي، ولعلّه لذا أُطلق الحلف.»[5]
وسنطرح نقد كلماته في الجلسة القادمة إن شاء الله.