« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/03/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 تتبع الأخبار حول منع الزوج من خروج الزوجة من بيته/ القسم /القسم والنشوز والشقاق

الموضوع: القسم والنشوز والشقاق / القسم / تتبع الأخبار حول منع الزوج من خروج الزوجة من بيته

 

كان البحث في القرائن التي تسبّب رفع اليد عن إطلاق الأخبار الدالّة على حقّ الزوج في منع الزوجة من الخروج من البيت. وطرحنا في الجلسة السابقة خبرين من جملة الأخبار التي تحكي الظروف الاجتماعيّة زمن صدور الروايات المذكورة، واليوم نطرح بعضاً آخر منها.

منها: موثّقة أبي بصير عن أبي عبدالله(ع) أنّه قال‌: «ليس ينبغي للمرأة الشابّة أن تخرج إلى الجنازة تصلّي عليها إلا أن تكون امرأة قد دخلت في السنّ‌.»[1] [2]

ومنها: خبر محمّد بن شريح، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن خروج النساء في العيدين؟ فقال: لا، إلا عجوز عليها مِنْقَلاها، يعني الخفّين.»[3] [4]

ومنها: خبر يونس بن يعقوب، قال‌: «سألت أبا عبدالله(ع) عن خروج النساء في العيدين والجمعة؟ فقال: لا، إلا امرأة مسنّة.»[5] [6]

فعدم رَجاحة خروج المرأة الشابّة في الجنازة أو صلاة العيدين ونفي البأس من خروج المسنّة، لا وجه له إلا ما تقدّم.

ومنها: موثّقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قال أمير المؤمنين(ع): يا أهل العراق! نبّئت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحيون‌؟!»[7] [8]

قال الکليني: «وفي حديث آخر: أنّ أمير المؤمنين(ع) قال‌: أما تستحيون ولا تغارون؟! نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج.»[9] [10]

وهما يحكيان أيضاً الأوضاع الاجتماعيّة السائدة في عصر صدور الأخبار المذكورة من أنّ خروج النساء من البيوت حينئذٍ كان يسبّب تدافعاً مع رجال السوء والعلوج، وهو کان موجباً هتك لحرمة زوج المرأة.

ومنها: خبر عمرو بن أبي المقدام عن أبي جعفر(ع) وعبد الرحمن بن كثير عن أبي عبدالله(ع)، قال‌: «قال أمير المؤمنين(ع) في رسالته إلى الحسن(ع): ...ليس خروجهنّ بأشدّ من دخول من لا تثق به عليهنّ، فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل.»[11] [12]

فإنّه يدلّ على أنّ الوجه في عدم جواز خروج المرأة من البيت بدون إذن زوجها هو أنّه كما يُخرق حريم الرجل بمجيء رجل أجنبيّ إلى بيته، فكذلك الحال في خروج الزوجة من البيت.

وبذلك نستطيع أن نستنتج بأنّ الأخبار المذكورة غير مطلقة، وإنّما القرينة الخارجيّة تؤدّي إلى حملها على ما إذا تعارض خروجهنّ من الدار مع شأن الزوج.

إذن ينبغي أن يقال: إذا تعارض خروج الزوجة من البيت مع شؤون الزوج، فيحقّ للزوج أن يمنعها، وإلا فلا يحقّ له منعها من الخروج إلا إذا كان خروجها من البيت أكثر من القدر المتعارف أو تعارض مع حقّه في الاستمتاع.

كما إذا اشترط جواز خروج الزوجة من البيت صريحاً أو ارتکازياً ضمن العقد ـ مثل أن تكون الزوجة تعمل خارج الدار قبل أن تتزوّج ولزم الخروج من البيت لأداء العمل، والرجل قد تزوّج بها علماً منه بذلك من دون أن يشترط عليها ترك عملها ـ ففي هذه الصور أيضاً لا يحتاج خروج الزوجة إلى إذن الزوج.

بل لا يبعد ـ بناءً على ما تقدّم ـ أن يقال: إنّ الأخبار الدالّة على عدم صلاحيّة النساء للتشاور أو نقصان عقولهنّ وأمثال ذلك ناظرة إلى أحوال النساء في عصر صدور الأخبار، بمعنى أنّ النساء لم يكن لهنّ حضور في المجتمع بسبب عدم توفّر ظروف مناسبة ـ وإن وجدت استثناءات لذلك ـ وبسبب انحصارهنّ في نطاق البيوت وعدم اطّلاعهنّ على أوضاع المجتمع وظروفه، فلم يكن لهنّ رأي صائب في القضايا والمشاكل الواقعة، ولذلك نُهي عن التشاور مع النساء والقبول بنصيحتهنّ.

وعليه فإنّ الأخبار المذكورة لا تدلّ على النهي عن التشاور مع النساء أو نقصان عقولهنّ بسبب أُنوثتهنّ، وإذا تغيّرت الظروف والأحوال وأمكنهنّ الحضور في المجتمع بحيث يقدرن على إبداء الرأي عن معرفة كافية بالظروف والقضايا، فلا مانع من الأخذ بمشورتهنّ.


logo