88/10/20
بسم الله الرحمن الرحیم
ثمرة النزاع فی وجوب المقدمة/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /المقصد الاول:فی الامر
موضوع: المقصد الاول:فی الامر/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /ثمرة النزاع فی وجوب المقدمة
محل البحث:
على لو كان وجوب واجب معلوماً و لم يقم دليل على كونه أصلياً أو تبعياً و فرض ترتب أثر أحدهما كما لو نذر المكلف فعل أحدهما: فهل هناك أصل عملى ترجع اليه لتشخيص الأصلية و التبعية أم لا؟
خلاصة ما قال صاحب الكفاية (ره):
لو فسّرنا الواجب التبعى بأمر سلبي و عدمى و قلنا الواجب التبعى ما لم تتعلق به إرادة مستقلة فعند الشك في الأصلية و التبعية نرجع الى إستصحاب عدم تعلق إرادة مستقلة لإثبات التبعية
و أما إن فسرنا الواجب التبعى بأمر وجودى أى ما تعلقت به إرادة غير مستقلة فلايجرى إستصحاب تعلق إرادةٍ غير مستقلة لإثبات عدم تعلق إرادةٍ مستقلة؛ لأنه أصل مثبت و الأثر لا يترتب على عدم المستصحب -الذي هو عدم تعلق إرادة مستقلة- بل يجرى على لازمه و هو تعلق إرادة غير مستقلة الذي هو معنى الواجب التبعى فرضاً و متعلق للأثر و هو النذر مثلاً.
أقول: أشكل المحقق الإصفهاني (ره) على صاحب الكفاية (ره) بقوله:
«و إن كان مناط نشوء الإرادة عن إرادة أخرى، و ترشحها منها فالأصلية موافقة للأصل إذ الترشيح من إرادة أخرى، و نشوها منها أمر وجودى مسبوق بالعدم».[1]
توضیح کلامه(ره):
أن الواجب التبعي، الإرادة المتعلقة به مترشحٌ من إرادة واجب آخر و الواجب الأصلى قوامه بعدم ترشح إرادته من إرادة غيره فإذا علم وجوب شئ و لا نعلم أن إرادته معلول لإرادة غيره و مترشح منه فإستصحاب عدم الترشح وعدم المعلولية يقتضى الأصلية.
أقول:
جريان الإستصحاب العدمى فى كلام صاحب الكفاية (ره) و المحقق الإصفهاني(ره) هو في الحقيقة استصحاب عدم الأزلي ببيان أن في الأزل قبل الشريعة لم يكن هذا الواجب متعلقاً للإرادة مستقلاً و الآن نشك في تعلق الإرادة المستقلة به فنستصحب العدم الأزلى أى عدم تعلق ارادة مستقلة به فنستنتج أن الواجب المشكوك واجب تبعى لا أصلى و يترتب عليه أثره.
و القاعدة الكلية فى الموضوعات و متعلقات الأحكام التي متقومة بأمر عدمي و وجودى أي هي مركبة منهما؛ انها إذا أحرز جزئها الوجودى بالوجدان و احرز جزئها العدمي بالإستصحاب، يترتب عليه آثارها.
ففيما نحن فيه:
إذا شككنا في واجب أنه أصلى أو تبعى فهنا قضية سالبة محصلة و هي . صادقة مع إنتفاء الموضوع كما هی صادقة إنتفاء المحمول يعنى لم يكن فى الأزل واجب و لم تتعلق به إرادة مستقلة مع و الآن وجد الواجب بالوجدان و بقى عدم إرادة المستقلة فهو واجب تبعى و هذا هو إستصحاب عدم الأزلي و مثاله المعروف أن هذه المرئة المشكوكة فى قرشيته لم تكن في الأزل و لم تكن قرشية بنحو السالبة بإنتفاء الموضوع و الآن وُجدت المرئة و نشك في تحقق القرشية لها فبإستصحاب عدم القرشية نُثبت لها غير القرشية فموضوع الإستصحاب هي القضية السالبة المحصلة.
يُستفاد من كلام المحقق الخراساني (ره) و السيد المحقق الخويى(ره) و شيخنا الأستاذ الميرزا جواد التبریزی(ره) التزامهم بجريان إستصحاب عدم الأزلي و لكن السيد المحقق البروجردي و الإمام الخمینی (ره) و تلامذتهما لا تجرون إستصحاب العدم الأزلى لتغاير قضية المتيقنة و المشكوكة فيها عندهم.
نقول في جواب المحقق الخراسانی(ره):
الواجب التبعى هو الذى لم تتعلق به إرادة مستقلة و فى الزمان السابق كان بنحو قضية سالبة بإنتفاء الموضوع والآن هي قضية سالبة بإنتفاء المحمول مع وجود الموضوع ففى زمان عدم الواجب لم تكن إرادة و فى زمان الشك تحققت الإرادة و شك في كونه أصلياً أو تبعياً و هذه غير القضية السابقة.
هكذا نقول في جواب المحقق الإصفهاني (ره):
إستصحاب عدم الترشح يرجع الى إستصحاب عدم الأزلي ففى زمان لم يكن واجب لم تكن إرادة و الآن وجد الواجب و الإرادة و نشك في كون الإرادة مستقلة أم غير مستقلة هذه القضية و المشكوكة غير المتيقنة السابقة فلايجوز إستصحاب حالة السابقة العدمية بإنتفاء الموضوع و لو كان معنى الواجب التبعى أمراً إثباتياً وجودياً لايجوز أيضاً فيه الإستصحاب لأنه أصل مثبت و هو غير حجة يعنى مع إستصحاب عدم تعلق إرادة مستقلة لا يثبت تعلق إرادة غير مستقلة ليكون الواجب تبعياً.
فلا مجال لجريان الإستصحاب سواء كان الواجب التبعى أمراً سلبياً أو وجودياً.