88/09/03
بسم الله الرحمن الرحیم
اشکال التقرُّب واستحقاق الثواب فی المقدمات العبادیة/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /المقصد الاول:فی الامر
موضوع: المقصد الاول:فی الامر/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /اشکال التقرُّب واستحقاق الثواب فی المقدمات العبادیة
قال المحقق الخراساني :
«نعم لا بأس باستحقاق العقوبة على المخالفة عند ترك المقدمة وبزيادة المثوبة على الموافقة فيما لو أتى بالمقدمات بما هي مقدمات له من باب أنه يصير حينئذ من أفضل الأعمال حيث صار أشقها و عليه ينزل ما ورد في الأخبار من الثواب على المقدمات أو على التفضل فتأمل جيدا و ذلك لبداهة أن موافقة الأمر الغيرى بما هو أمر لا بما هو شروع فى إطاعة الأمر النفسي لا توجب قربا و لا مخالفته بما هو كذلك بعدا والمثوبة و العقوبة إنما تكونان من تبعات القرب و البعد.»[1]
أقول:
يستفاد من كلام المصنف أن المكلف حينما شرع في ترك مقدمات الواجب يستحق أن يحكم عليه بالعقوبة على ترك ذى المقدمة لأنه ينجز الى ترك الواجب الأصلى (ذي المقدمة) و هكذا عند شروع إتيان المقدمات يستحق المكلف لزيادة المثوبة على ذى المقدمة لأنه شروع في الأمر النفسي و حيث لا أمر نفسي للمقدمات لا يترتب على إتيانها ثواب و لكن إتيانها بقصد الوصول الى ذى المقدمة يوجب إزدياد الثواب على الواجب النفسى ذى المقدمة لأنه يصير من أشق الأعمال و عليه يحمل ما ورد من الثواب على المقدمات في الآيات و الروايات و يستفاد منه امكان أن يحمل على التفضل ما ورد من الثواب في الأخبار والآيات على المقدمات.
و قال الشيخ الأعظم في مطارح الأنظار نظير ما أفاده المحقق الخراساني بتفاوت يسير
قال الشيخ الأعظم:
- أما العقل؛ فهو مستقل بعدم استحقاق الآتى بالمقدمة للثواب غير ما يترتب على ذيها...
- أما النقل؛ فغاية ما يمكن الإستناد إليه أمران:
• احدهما: الآيات الدالة على ترتب الثواب والعقاب على الإطاعة و العصيان الشاملة بعمومها لجميع المطلوبات والمنهيات الشرعية غيرياً كان أو نفسياً:
• كقوله: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ[2]
• و قوله: «وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالداً فيها وَ لَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ[3]
ثم قال: و الجواب عنه ظاهر بعد ما عرفت من عدم صدق الإطاعة و المعصية في الواجبات الغيرية و ذلك ظاهر.
• ثانيهما: الأدلة الدالة على ترتب الثواب على بعض المقدمات... و ذلك مثل قوله تعالى:
«﴿ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَولَهُمْ مِنَ الأَعْراب أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَا وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لَا يَطَؤُنَ مَوْطِناً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٌّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عمل صالح إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» «وَ لَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةٌ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَ لا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[4]
فإن دلالة الآية على ترتب الثواب على المقدمات... مما لا ينبغى إنكارها، مضافاً الى ما ورد في زيارة مولانا الحسين من أنه لكل قدم ثواب عتق عبد من أولاد إسماعيل وغيره من الأخبار الصريحة في ذلك؛
إلى أن قال و الإنصاف:
أن منع ظهور هذه الروايات أو دلالتها على ترتب الثواب على فعل المقدمات مما لا وجه له إلا أنه مع ذلك لا دلالة فيها على المدعى (أى الإستحقاق) فلعله مستند الى فضل رب الكريم فإن الفضل بيده يوتيه من يشاء مع أنه يحتمل أن يقال إحتمالاً ظاهراً أن التواب المترتب عليها بالحقيقة هو الثواب المترتب على فعل ذي المقدمة و لكنه إذا وزع على الأفعال الصادرة من المكلف في تحصيله يكون لكل واحد من أفعاله شئ من الثواب... و أن عُسر المقدمات يوجب إزدياد ثواب الواجب.