« فهرست دروس
درس خارج اصول مرحوم استاد محمدعلی خزائلی

88/09/01

بسم الله الرحمن الرحیم

استحقاق العقوبة علی المُخالفة عند ترک المقدمة/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /المقصد الاول:فی الامر

 

موضوع: المقصد الاول:فی الامر/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /استحقاق العقوبة علی المُخالفة عند ترک المقدمة

 

محل البحث:

هل المثوبة في الواجب الغيرى بالإستحقاق أو التفضل؟

لا اشكال في أنَّ العقل يستقل بإستحقاق العبد للعقاب عند مخالفة أوامر النفسية الصادرة عن المولى و لایری عقابه ظلماً. و إنما الكلام في حكمه باستحقاق العبد للثواب والأجر عند موافقته لأوامر المولى و نواهيه بحيث يُعد عدم إعطائه للأجر ظلماً في حق العبد، نظير إستحقاق الأجير للأجرة على المستاجر.

قال صاحب الكفاية تبعاً لجمهور المتكلمين، إن العبد يستحق المثوبة في الواجبات النفسية خلافاً للشيخ المفيد[1] و جماعة فذهبوا الى أنه بالتفضل و هو الحق كما يأتي تفصيله.

و تحقيق الكلام في مقامين:

- المقام الاول: فى الثواب المترتب على إمتثال الواجب النفسي؛

- المقام الثانى: فى ترتب الثواب على إمتثال الواجب الغيري.

أما المقام الاول:

إن كان مراد القائلين بالاستحقاق أن العبد يستحق على المولى الاجر مثل استحقاق الاجير للاجرة فهو ممنوع كما مرَّ لأنَّ العقل و العقلاء لا يحكمون بثبوت الأجر للعبد على المولى الموالي الذي هو معط الوجود و الحياة و القدرة و أداء الواجبات و ترك المحرمات يكون من وظائف العبودية و أداء دين المولى مضافاً إلى أن كل ما أمر به المولى و نهى عنه لا يعود نفعه اليه بل لوحظ فيه مصلحة العبد مثل أوامر الطبيب ونواهيه التي تعود نفعها الى صحة المريض ونجاته و المريض إن طلب من الطبيب المشفق اجر إمتثاله يعدونه العقلاء من السفهاء.

و مما ذكرنا ظهر الحال فى التوبة فإنها واجبة على العبد، و لا توجب استحقاق سقوط العقاب و قول الإمام الباقر : «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»[2] يكون من باب التفضّل لا الاستحقاق؛ فالشارع تفضل على التائب بجعل ذنبه كالعدم.

و بالجملة: العقل و العقلاء لا يحكمون باستحقاق العبد للمثوبة حتى فى الأوامر النفسية؛ نعم إن كان مراد القائلين بالاستحقاق، أن الممتثل لأمر المولى يصير لايقاً. و اهلاً للاجر والثواب و مورداً للتفضل، فالاستحقاق بهذا المعنى لا اشكال فيه كما اختاره السيد المحقق البروجردي و الخويي و شيخنا الاستاد الميرزا جواد التبريزي ملاحظة:

قال السيد المحقق الخويي:

«و الظاهر: أن مراد القائلين بالاستحقاق هو هذا المعنى و مراد المنكرين له هو المعنى الاول فالنزاع لفظی»[3]

أقول

هذا التوجيه لا يلائم مع تصريح المتكلمين من أن ثواب الله تعالى لعبيده بالاستحقاق مستدلين على ذلك بأن تحميل الغير المشقة بلا أجر، قبيح.

اشکال و جواب:

إن قلت: إذا لم يكن الثواب من الله تعالى لعبيده بالاستحقاق، فلم عبّر في الآيات و الروايات بالأجر، الظاهر في الاستحقاق.

قلت: هذا التعبير أيضاً لطف من الله تعالى و تفضل منه حيث سمى التواب التفضلي، أجراً لإعلاء درجة الممتثل كما قال في كتابه الكريم: «﴿مَنْ ذَا الَّذى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ﴾[4] استقرض سبحانه من عبيده -مع أن له ﴿مُلْك السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُما﴾[5] - تفضلاً منه و لطفا و تكريماً لإمتثالهم.


 


[5] -سوره بقره آیه 185.
logo