« فهرست دروس

الأستاذ السيدجعفر الحکيم

بحث الکلام

35/11/10

بسم الله الرحمن الرحيم

التوحيد

الموضوع: التوحيد

تمهيد

لابد من التعرف على نقاط مهمة لمعرفة السبب في اختيار هذه البحوث:

النقطة الاولى: عندما نأتي الى دراستنا كمتخصصين ونراجع المناهج التي ندرسها نفتقد بعد سنوات من الدراسة الترابط بين جملة من بحوث هذه العلوم فكيف نحسن معرفة توظيفاتها ونستفيد من الربط بينها.

النقطة الثانية: نحاول ان نقدم صورة لمقولاتنا الدينية تلتقي مع الفطرة والقناعة وتخرج الدين من حالة الاملاء العسكري الذي أشكل عليه ان الدين مبني على فرضية الوصاية واليوم المجتمع البشري تطور، هذا الاشكال ربما وجد طريقه وبات مقنع للبعض نتيجة سوء فهمه للدين فلابد من تبريز ذلك المطلب لمعالجته خلال البحث.

النقطة الثالثة: ان المناهج التقليدية ليست بذلك المستوى من الوهن والضعف التي سجلتها عليه المناهج الحديثة فان فيها من نقاط القوة في ان تدافع عن نفسها بل وتتهم المنهج الاخر، فلابد من تبريز هذه النقاط.

النقطة الرابعة: كثيرا ما يحصل خلط في منظومة المفاهيم الدينية نتيجة تداخل الواقع مع النظرية فلابد من التفكيك بينهما لرد كل اشكال.

الدين في مستوى التعريف

ثم ان الحديث يقع في الجدول الاول المتضمن للعناوين التي كان اولها مفردة الدين وقبل الشروع في مستوى التعريف والمنشئ لابد من تقديم مقدمة.

ان وسيلة الاثبات هي اداة التواصل والتفاهم ولكن هل يمكن الانطلاق من نقطة مشتركة ومعقولة نراهن فيها على اتفاق الجميع وتكون اسس التواصل المشترك فيما بينهم مالم نقحم اسلوب الوصاية والاقصاء على الاخر؟ وهذا السؤال قائم على ركيزتين اولهما ان التواصل ضرورة لأي سبب كان ثانيهما ان هذا التواصل والذي قلنا انه ضرورة لا يمكن ان نؤمنه من الكثرة بما هي كثرة فلابد من ايجاد جهة واحدة تصلح ان تكون هي اللغة والاداة في عملية التواصل ولا يوجد عندنا بديهية تتفق عليها البشرية ولا معلومة سواء كانت خاطئة او صحيحة تم الاتفاق عليها وان الالفاظ واحدها لا تنفع والمفاهيم وحدها لا تكفي فهل من سبيل مشترك للتواصل؟

الجواب: إذا كنا نبحث عن شيء تتفق عليه البشرية جميعا فهذا لا نصل اليه لان واقع الحال في البشرية لم تحظى بقضية مجمع عليها وانما كان الاختلاف سنة وبالتالي من خط الشروع انقسمت البشرية فيبدو قدرها ان لا اتفاق عام بينها، وإذا أردنا ان نقوم بمحاولة للعثور على هذا الهامش المشترك طرحنا احتمالات وجدناها كلها غير موفقة لإيجاد هذا المشترك المتفق عليه لتواصل البشر فيما بينهم

الاحتمال الاول: هناك فريقان يدخلون بهدنه كل منهما يقبل الثاني على انه اطروحة عليمة غير متفق عليها، فيرجعان الى كونهما اجتماعين منفصلين غير قابلين للتفاهم وان تعايشوا مع بعضهما

الاحتمال الثاني: هناك فريقان أحدهما يدعي ان عنده بداية مشتركة ومنح نفسه مواصفات العلم وصنف الاخر بتصنيفات الا العلم من هنا ظهر لنا فريقين أحدهما يسمى الواقعيون والاخر يسمى السفسطائيون، ولكن من الذي اعطى هذه الوصاية للفريق الواقعي هل فكرته مبنية على اسس منطقية وهل هو منطلق من منهجية ام قوله اعتباطا، انه بمجرد ما يقول عن الاخر وجهة نظر عليمة تستحق المتابعة فقد شكك بواقعيته، لان انتمائه للواقعية يتقوم بتصنيف الاخر بهذه القساوة وهي عدم العلم، فالفريق الواقعي الذي يبني واقعيته على النتيجة ذات الرؤوس الثلاثة وهي وجود واقعي ووجود فكرة وان الفكرة تحكي عن الواقع هذا يتقوم بتصنيف الاخر وهو الشاك او المنكر باي تصنيف عدى التصنيفات العلمية من هنا اتت فكرة الوصاية المعرفية بحيث صنف الاخر بأحسن الاحوال بالقاصر وفي اسوء الاحوال يصنفه بالجنون من هنا نجد العصمة تلابس واقعيتنا وهي التي منحتنا منطق الوصاية وتصنيف الاخر في دائرة خارج دائرة العلم ومشتقاته، واذا اردنا الاحسان للأخر فلابد ان نساعده باستنقاذه

الاحتمال الثالث: لا نقول عالم فهو اما مجنون او متعصب او جاهل قاصر او نحن لا نفهم ما يقوله، وهذا مردود ايضا لانه ان قبل الواقع فهو منا والا فهو من فريق اخر غير مقبول

الاحتمال الرابع: يمكن ان تكون متبنياتنا لا تصلح ان تكون خطاب نستطيع تفهيم الكل به فتحتاج فكرتنا الى اخراج جديد، ولكن يأتي سؤال وهو ان الذي امنا به هل ان الله تبارك وتعالى جعل له خصوصيه لبعض الناس لا نستطيع ان نفهمه للأخرين والجواب لا يمكن ان نوعز القصور الى الخطاب فان كان قصور فهو بالمتلقي ﴿المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾[1]

الاحتمال الخامس: ان الذي ينكر الواقع عنده شبه مستعصية، الجواب نعم الوقوع بالشبهة وارد ولكن لا يمكن ان تكون مستعصية ليس لها حل لانها لا تقف امام بداهة الواقع، فالواقعيون حصروا الاخر في ثلاثة احتمالات ولم يضيفوا رابع ليس فقط لانهم واقعيون بل قبلوا الواقع وقبلوا الفكرة وقبلوا ان الفكرة تحكي عن الواقع وقبلوا ان الفكرة مضمونة الحقانية وقبلوا انهم يفهمون الاخر بشكل دقيق وقبلوا ان الفكرة خطاب تام لا اشكال فيه وايضا يقبلون انه لا توجد شبهه تستعصي امامهم لذلك الفريق الاخر حالهم يصفه القران الكريم ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾[2]

 


logo