47/05/23
التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل/ تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر /الأصول العملية
محتويات
1- التنبيه الرابع: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل1.1- الوجه الثاني
1.2- الإيراد على الوجه الثاني
1.2.1- الإيراد الأوّل

الموضوع: الأصول العملية / تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر / التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل
1- التنبيه الرابع: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل
كان التنبيه الرابع من التنبيهات التي أوعد أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه بالبحث فيها عبارة عن البحث في الدوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل الشرعي.
ومثاله عبارة عن أنّا لو شككنا في أن حصول التطهير عن الخبث يكون بغسلة واحدة أو بغسلتين. فهذا دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل الشرعي؛ لأنّ الشارع هو الذي يعيّن أنّ التطهير بماذا يحصل، هل يحصل بغسلة واحدة أو بغسلتين؟
فوقع الكلام في أنّه هل تجري البراءة أو يجري الاحتياط؟
قلنا إن المحقق النائيني رضوان الله تعالى عليه ذكر ثلاثة وجوه للاستدلال على وجوب الاحتياط في المقام فلا تجري البراءة فوجوب الاحتياط لا يختصّ بدوران الأمر بين الأقلّ والأكثر العرفيّ.
وذكر أنّ هناك عدّة شرائط لجريان البراءة:
الشرط الأوّل وجود الشكّ، والشرط الثاني أن يكون المشكوك من المجعولات الشرعيّة التي يكون وضعها بيد الشارع حتّى يكون رفعها أيضاً بيده، والشرط الثالث أن يكون في رفع هذا المشكوك توسّع ومنّة على العباد لا تضييق عليهم.
وقال في الوجه الأوّل للزوم الاحتياط في المقام: إنّ البراءة عن ذلك إما تبتلي بعدم وجود الشكّ أو بعدم كونه توسعة للعباد بل يكون فيها ضيق. فعلى هذا الأساس استدلّ على أنّه إذاً يجب الاحتياط ولا تجري البراءة، وذكرنا الجواب عن ذلك وأكملنا البحث عنه.
1.1- الوجه الثاني
والآن نأتي الى الوجه الثاني، فيقول لو سلّمنا وجود الشكّ بين الأقلّ والأكثر الشرعيّ باختيار الفرضية الثانية من تلك الفرضيّات التي ذكرها في الوجه الأوّل وقلنا بأنّها تجري البراءة عن سببيّة الأكثر.
فلو سلمنا بأنّ سببيّة الغسلتين لحصول التطهير عن الخبث أمر مشكوك، لكنّنا من زاوية ثانية غير قادرين لإجراء البراءة، وهي عبارة عن أنّ الجزئيّة كيف نجري عنها البراءة؟ فجزئيّة الغسلة الثانية للسبب غير صالح لجريان البراءة؛ لأن الجزئيّة من الأمور الوضعيّة لا التكليفية، والأمور الوضعيّة بعضها صالحة لجريان البراءة وبعضها غير صالحة له، وهذا من البعض الذي غير صالح لجريانها؛ لأنّ الجزئية ليست أمراً بيد الشارع بل أمر واقعيّ إمّا تحصل أو لا تحصل. إذاً فلا تجري براءة وإنما يجري الاحتياط من هذه الزاوية.
هذا هو الوجه الثاني الذي ذكره المحقق النائيني لعدم إمكان إجراء البراءة في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الشرعيّ.
1.2- الإيراد على الوجه الثاني
ولأستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عنه إيرادان على هذا الوجه:
1.2.1- الإيراد الأوّل
الإيراد الأوّل أنّ الجزئيّة المذكورة يعني جزئيّة الغسلة الثانية للسبب في التطهير وإنّ صحّ عدم صلاحيّتها لجريان البراءة بصورة مباشرة، ولكنّها عنوان انتزاعيّ وبلحاظ منشأ انتزاعها صالحة لجريان البراءة، لأنّ منشأ انتزاعها بيد الشارع وهو حصول الطهارة عند إجراء الغسلتين.
فالشارع تبارك تعالى يشرّع الطهارة عند إجراء الغسلتين، فينتزع منه عنوان الجزئيّة [والسببيّة]، والعناوين الانتزاعيّة إذا كان منشأ انتزاعها صالحاً لجريان البراءة فهي بلحاظ منشأ انتزاعها تجري عنها البراءة، فهنا تجري البراءة بلحاظ منشأ انتزاع الجزئيّة لا في الجزئيّة مباشرةً، وهذا يكفي لإمكان جريان البراءة.
هذا هو الإيراد الأوّل الذي أورده أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه على هذا الوجه الثاني الذي ذكره المحقّق النائيني رحمه الله.
والحمد لله رب العالمين.