47/05/11
التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل/ تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر /الأصول العملية
محتويات
1- التنبيه الرابع: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل1.1- رأي المحقّق النائيني رحمه الله

الموضوع: الأصول العملية / تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر / التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل
قلنا إنّ أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه عقد تنبيهات في ذيل بحث دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين. وكان التنبيه الأوّل في دور الاستصحاب سواء عند القائلين بالاحتياط أو القائلين بالبراءة في دوران الأمر بينهما.
والتنبيه الثاني كان في البحث عن الأقلّ والأكثر في المحرّمات والشبهات التحريميّة. والتنبيه الثالث في الأقلّ والأكثر في الشبهات الموضوعيّة.
1- التنبيه الرابع: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل
والآن نأتي إلى التنبيه الرابع، وعنوانه البحث في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل، وتعلمون أنّه في موارد الشكّ في المحصّل مبدئيّاً لا بدّ من الاحتياط. ومثاله المعروف ما إذا وجب قتل كافر وشككنا بين الأقلّ والأكثر في محصّل قتله يعني هل تكفي رصاصة واحدة لقتله أو لا بدّ من أكثر؟
وهذا في المحصّل العرفي في مقابل ما سنبحث فيما يسمّى بالمحصّل الشرعيّ.
ولا شكّ في هذا المحصّل العرفي في أنّه لا بدّ من الاحتياط فيه، تطبيقاً لقاعدة أنّ الاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقيني. فلا بدّ من تحصيل اليقين بفراغ الذمة.
أمّا المحصّل الشرعيّ فيطلق مبدئياً وأساساً على ما إذا كان المسبّب مجعولاً للشارع تبارك وتعالى، كالطهارة من الخبث التي تحصل إمّا بغسلة واحدة وإمّا بغسلتين، إذا وجب تحصيل الطهارة وبناءً على أنّها مجعولة بجعل شرعيّ. فيدور أمر المحصّل للطهارة بين غسلة واحدة أو غسلتين.
وأُلحق بذلك بحث ما إذا كان المسبّب أمراً تكوينيّاً ولكنّ السبب لا يعرف إلّا بتنبيه من الشارع تبارك وتعالى. ومثاله ما إذا كان المطلوب تحصيل درجة من درجات كمال النفس وعلوّها، ولكن هذه الدرجة من كمال النفس وعلوّها لا يعرف أنّها بماذا يحصل؛ فإنّ كمال النفس وعلوّها من الأمور التكوينيّة لا الشرعية، ولكن لا يعرف أنّ هذه الدرجة التي تحصل بالصلاة مثلاً هل تحصل بالصلاة مع السورة أو تحصل بالصلاة بدون حاجة إلى السورة.
فهذا أيضاً أُلحق بالبحث عن دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل الشرعيّ.
1.1- رأي المحقّق النائيني رحمه الله
والمحقق النائيني رضوان الله تعالى عليه قال: لا تجري البراءة في موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل الشرعيّ وما ألحق به، وإنّما يجري الاحتياط، وذلك لوجوه ثلاثة مترتّبة على ما ذكره من شروط ثلاثة دائميّة للبراءة:
الأوّل: وجود الشكّ.
الثاني: أن يكون في رفع المشكوك توسعة ومنّة على العباد ولا يكون فيها تضييق؛ لأنّ لغة «رفع ما لا يعلمون» دلّت على أنّه جعلت البراءة لوضع التوسعة لا لإضافة التضييق.
الثالث: كون المشكوك من المجعولات الشرعيّة التي يكون وضعها بيد الشارع حتّى يكون رفعها أيضاً بيده.
فيقول في ضوء هذه الشروط الثلاثة: عندنا وجوه لإثبات عدم جريان البراءة عند دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحصّل الشرعيّ؛ لاختلال بعض هذه الشروط أو أكثرها.
والحمد لله رب العالمين.