« فهرست دروس
الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

47/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات/ تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية / تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر / التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات

1- التنبيه الثاني: دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات

أكملنا البحث في التنبيه الأوّل وكان عنوانه دور الاستصحاب في هذا البحث، والآن نأتي إلى التنبيه الثاني والبحث فيه يدور حول الأقلّ والأكثر في المحرّمات؛ إذ كما يمكن تصوير الأقلّ والأكثر الارتباطيّين في الواجبات كذلك يمكن تصويرهما في المحرّمات ومثاله دوران الأمر بين حرمة تصوير الحيوان بكامله أو حرمة تصوير رأسه.

فلو دار الأمر بين حرمة رأس الحيوان أو حرمة تمامه فهذا يصير دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين في المحرّمات.

1.1- رأي المحقّق النائيني رحمه الله في المقام

والمحقّق النائيني رضوان الله تعالى عليه نبّه على أنّ البحث في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات كالبحث في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الواجبات تماماً وكما انتهينا إلى جريان البراءة في باب الواجبات كذلك ننتهي إلى جريانها في باب المحرمات وعليه فيقول: كلّ شيء من هذا البحث متشابه مع بحث دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الواجبات عدا أنّ الأقلّ هنا بمنزلة الأكثر والأكثر بمنزلة الأقلّ، فتجري البراءة عن الأقلّ لا عن الأكثر، فإذا أردنا إجراء البراءة في هذا المثال نجريها عن حرمة تصوير الرأس؛ لأنّ حرمة تصوير تمام البدن بما يشمل الرأس مسلّمٌ، والمشكوك هو حرمة تصوير الرأس وحده، فمن يقول بجريان البراءة عن الأكثر هناك – يعني جريان البراءة عن الصلاة عن الجزء المشكوك فيه في الواجبات – فتجري البراءة هناك عن الجزء المشكوك ولكنّه يلزم هنا أن تجري البراءة عن تصوير الرأس؛ لأنّه هو المشكوك في بحث المحرّمات. هذا ما نبّه عليه المحقّق النائينيّ رضوان الله تعالى عليه.

1.2- رأي المحقّق العراقيّ رحمه الله في المقام

والمحقّق العراقي رحمه الله أشار إلى أنّ جريان البراءة هنا أولى من جريان البراءة في الواجبات، وذلك لأنّ أحد الوجوه التي ذكرت في باب الواجبات لا يجري للمنع عن جريان البراءة هنا، وهو الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة، وهو الوجه الذي كان يتمسّك بقاعدة أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقينيّ.

توضيح ذلك: أنّ هذا الوجه للمنع عن جريان البراءة هو أنّنا على يقين بوجوب بالأقلّ – وهو الصلاة بقطع النظر عن السورة –وإن كنّا لا نعلم بأنّ وجوبه ضمنيّ أو مسقلّ، فإن كان تجب الصلاة مع السورة فوجوبها بقطع النظر عن السورة ضمنيّ وإن كان تجب بدون سورة فوجوبه مسقلّ وليس ضمنيّاً، ولكن نعلم على الإجمال باشتغال الذمّة بالصلاة بقطع النظر على السورة سواء كان ضمنيّاً أو مستقلّاً، وذلك تمسّكاً بقاعدة أنّ الاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقينيّ ينتهي إلى القول بالاحتياط لا البراءة.

وهذا الكلام لا يجري هنا في بحث المحرّمات، وذلك لأنّ الاشتغال اليقينيّ هنا بالأكثر لا بالأقلّ، فاشتغلت ذمّتنا بحرمة التصوير الكامل بالقطع واليقين.

وهل هذه القاعدة تستدعي أن يؤدّي الأقلّ؟

لا، بل يمكنه هنا أن يعمل بالقاعدة لا بأن يترك الرأس أيضاً بل بأن يترك اليد مثلاً، فيصوّر الحيوان مع الرأس ولكن بدون جزء آخر من أجزاء بدنه كيده مثلاً، فقد عمل هنا بالقاعدة من دون أن يترك الرأس، فلا يمكن التمسّك بها لإثبات لزوم الفراغ عن هذا الأكثر.

وأستاذنا الشهيد الله تعالى عليه يقول إنّ في هذا الكلام عن المحقّق العراقي مغالطة سنبحث وجهها في الدرس القادم إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

 

logo