47/04/26
التنبيه الأوّل: التمسّك بالاستصحاب/ تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر /الأصول العملية
محتويات
1- التنبيه الأوّل: التمسّك بالاستصحاب1.1- لزوم الاحتياط تمسّكاً بالاستصحاب
1.1.1- تنظير السيّد الخوئي رحمه الله البحثَ بمثالٍ جديد

الموضوع: الأصول العملية / تنبيهات حول دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر / التنبيه الأوّل: التمسّك بالاستصحاب
1- التنبيه الأوّل: التمسّك بالاستصحاب
1.1- لزوم الاحتياط تمسّكاً بالاستصحاب
بدأنا في التنبيه الأوّل من تنبيهات بحث دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين بدعوى أنّ المورد من موارد استصحاب بقاء كلّيّ الوجوب بعد أن يصلّي صلاة بلا سورة، وهذا استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني (أي الدائر بين الفرد القصير والفرد الطويل) ثمّ أورد عليه السيّد الخوئيّ رحمه الله بتعبيرين: التعبير الأوّل أنّ أصالة عدم الفرد الطويل حاكمة على استصحاب بقاء الكلّيّ، والتعبير الثاني أنّنا نثبت بالتركيب بين الوجدان والأصل أنّ الجامع الموجود إنّما هو موجود ضمن الفرد القصير، يعني الفرد الذي ينتهي بالصلاة بدون سورة. وأستاذنا الشهيد رحمه الله استشكل على السيّد الخوئي في كلا التعبيرين.
1.1.1- تنظير السيّد الخوئي رحمه الله البحثَ بمثالٍ جديد
ثمّ إنّ السيّد الخوئي ذكر مثالاً جديداً في دوران الأمر بين التعيين والتخيير وقال في هذا المثال الجديد:
إذا كان الشخص محدثاً في البداية بالحدث الأصغر، ثمّ صدر منه حدثٌ مردّد بين الحدث الأكبر والحدث الأصغر، فهنا لا أحد من الفقهاء يقبل بأنّ المورد من موارد استصحاب الكلّيّ المردّد بين الفرد القصير والفرد الطويل، بل يقال بأنّه ما دام أنّ الحدث الأصغر مسلّم وتحوّله إلى حدث الأكبر مشكوك فليس عليه إلّا الوضوء. ولا أحد يقول بأنّه يحتاط بين الحدثين بأن يتوضّأ ويغتسل، فهذا إجمالاً مسلّم.
وجعل السيّد الخوئي هذا المثال الجديد مؤيّداً لما ذكره في التعبيرين من أنّ أصالة عدم الفرد الطويل حاكمة على استصحاب بقاء الكلّيّ في التعبير الأوّل وما ذكره في التعبير الثاني من أنّ الجامع الموجود إنّما هو موجود ضمن الفرد القصير.
فلنوضّح الفرق بينه وبين المثال السابق الذي وافق فيه أستاذنا الشهيد على أنّه من استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني:
سبق وأن ذكرنا مثالاً ولعلّه أيضاً نقله أستاذنا الشهيد من السيّد الخوئيّ من أنّه من موارد استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني وكان ذلك المثال عبارةً عمّا إذا كان على طهارة سابقاً – وليس على حدث كما في هذا المثال الجديد – ثمّ صدر منه حدثٌ مردّد بين الحدث الأصغر والحدث الأكبر ثمّ توضّأ مرّة أخرى، فقلنا بأنّه أصبح أمره مردّداً بين الكلّيّ المردّد بين الفرد القصير والفرد الطويل.
فهذا مثال واضح من أمثلة استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني المردّد بين الفرد القصير والفرد الطويل، فإذا كان هذا الحدث من الحدث الأصغر فقد انتهى بالوضوء الجديد، وإذا كان من الحدث الأكبر لم ينته بالوضوء الجديد، فهذا يجري فيه استصحاب الكلّيّ المردّد بين الفرد القصير والفرد الطويل، الذي هو القسم الثاني من الأقسام الثلاثة لاستصحاب الكلّيّ.
ففرق هذا المثال الذي مضى سابقاً عن المثال الجديد الذي نقله أستاذنا الشهيد من السيّد الخوئي أنّه في هذا المثال الجديد لم يكن على طهارة سابقاً بل كان على حدث، وبعد أن كان على حدث صدر منه أيضاً حدث جديد إمّا من الحدث الأصغر أو من الحدث الأكبر، فالحدث الأصغر مسلّم الحدوث، فهل تحوّل هذا الحدث إلى الحدث الأكبر أو لا؟ لا يعلم.
ولم يشكّ أحدٌ من الفقهاء في أنّه في هذا المورد لا يجب عليه الغسل، بل إنّما يجب عليه الوضوء، ولم يعتبره أحد من موارد استصحاب الكليّ من القسم الثاني.
والحمد لله رب العالمين.