47/04/05
المقام الثاني: التخيير الشرعي/ دوران الأمر بين التعيين والتخيير /الأصول العملية
محتويات
1- دوران الأمر بين التعيين والتخيير1.1- المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي
1.1.1- المبنى الثالث في تفسير حقيقة التخيير الشرعي
1.1.1.1- رأي السيّد الخوئي رحمه الله
1.1.1.2- الإيراد على كلام السيّد الخوئي رحمه الله

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين التعيين والتخيير / المقام الثاني: التخيير الشرعي
1- دوران الأمر بين التعيين والتخيير
1.1- المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي
قلنا إن هناك مباني متعددة لتفسير التخيير الشرعي، ولا بدّ أن نشير إلى المباني المعروفة في تفسيره.
المبنى الأول والثاني انتهينا عنهما.
1.1.1- المبنى الثالث في تفسير حقيقة التخيير الشرعي
والآن نأتي إلى المبنى الثالث وهو ما اختاره السيد الخوئي رحمه الله، ويتراءى أيضاً من كلمات المحقّق النائيني على تشويش واضطراب. وحاصل هذا المبنى أنّ التخيير الشرعي بمعنى وجوب عنوان انتزاعيّ كعنوان «أحدهما» أو «أحدها» فالتخيير الشرعي بين العتق وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً وجوب واحد وليست عدّة وجوبات كما في المبنى الأوّل والثاني.
فهل تجري البراءة على هذا المبنى عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي بهذا المعنى أو لا؟
1.1.1.1- رأي السيّد الخوئي رحمه الله
السيّد الخوئي رضوان الله تعالى عليه قال هنا بأنّ حال هذا كحال دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقليّ فكما أنّنا قلنا هناك بجريان البراءة فتجري البراءة هنا أيضاً، فيشبّه ذلك بما كنّا نمثّل له بمثال الحيوان الشامل للإنسان وغير الإنسان من الحيوانات، فإذا قال أطعم حيواناً، فالحيوان يشمل عقلاً الإنسان وغير الإنسان من الدوابّ ونحوها، فهناك كنّا نقول بأنّ البراءة تجري، وذلك لانحلال هذا العلم الإجماليّ. وهذا الانحلال كان يقول بأنّه انحلال حكميّ ونحن نقول بأنّه انحلال حقيقيّ.
وحاصل بيان الانحلال هنا أنّ وجوب أحدهما مسلّم، سواء على تقدير كون الحكم تعيينيّاً أو تخييريّاً بين هذه الخصال، فحاله حال عنوان «أحدها» الانتزاعيّة. فإذا قلنا بأنّ الوجوب وجوب واحد متعلّق بعنوان «أحدها» فيقول السيّد الخوئي رحمة الله عليه إنّ هذا عنوان واحد وهو عنوان «أحدها» سواء كان الحكم تعيينيّاً أو تخييريّاً ونحن نعلم بوجوب عنوان أحدها، فما دام نعلم بوجوب أحدها، فينحلّ هذا العلم الإجماليّ إلى علم تفصيليّ بوجوب «أحدها» وشكٍّ في تطبيق هذا العنوان على واحد معيّن وهو «العتق» مثلاً، فإذا كان تعيينيّاً فعنوان أحدها ينطبق على العتق بالذات، وإذا كان تخييريّاً فيبقى أحدها بين هذه الأمور.
إذاً فحاله حال التعيين والتخيير العقليّ، فكما أنّنا كنّا نقول هناك: إنّ الجامع يكون معلوماً والتطبيق على فرد معيّن تجري عنه البراءة، نقول هنا بدلاً عن الجامع إنّ عنوان «أحدها» عنوان مسلّم معلوم وتطبيقه على العتق بالذات يكون مشكوكاً فنجري البراءة عن هذا المشكوك.
1.1.1.2- الإيراد على كلام السيّد الخوئي رحمه الله
أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه يقول إنّ هذا الكلام من السيّد الخوئي خلط بين «عنوان أحدها» الانتزاعيّ وبين «واقع أحدها»، وذلك لأنّ الانحلال – سواءً سميناه انحلالاً حقيقياً أو حكمياً – إنّما يحصل بأن يتنجّز علينا أحد طرفي العلم الإجماليّ بمعنى واحد، وأحد طرفي العلم الإجماليّ هنا تنجّز إما بمعنى أو بمعنى آخر، يعني أن عنوان «أحدهما» قد تنجّز ولكن على فرض التعيين يكون «واقع أحدهما» وعلى فرض التخيير يكون «عنوان أحدهما»، فليس «أحدهما» بمعنى واحدٍ قد تنجّز حتّى ينحلّ هذا العلم الإجماليّ. فعنوان «أحدهما» تارةً يكون بمعنى العنوان الانتزاعي لأحدهما، وتارةً يكون بمعنى الواقع لأحدهما المعيّن، وإن صحّ أنّ عنوان أحدهما معلوم، لكنّه معلوم على ترديد بين كونه عنواناً انتزاعيّاً وبين كونه عنواناً حقيقيّاً فبمثل هذا العلم التفصيلي لا ينحلّ العلم الإجماليّ.