« فهرست دروس
الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

47/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

المقام الثاني: التخيير الشرعي/ دوران الأمر بين التعيين والتخيير /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين التعيين والتخيير / المقام الثاني: التخيير الشرعي

1- دوران الأمر بين التعيين والتخيير

1.1- المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي

كان الكلام في دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي، وقلنا: بما أنّ هناك مباني متعدّدة في تفسير التخيير الشرعي، وكانت النتائج تختلف باختلاف هذه المباني، فلا بدّ من استعراض أهمّ المباني المطروحة.

وانتهينا من المبنى الأوّل الذي فسّر التخيير الشرعي بوجوبات متعدّدة بعدد العدول، كما في الكفّارات: صوم شهرين متتابعين، إطعام ستين مسكيناً، العتق.

1.1.1- المبنى الثاني في تفسير الواجب التخييري

المبنى الثاني يشبه المبنى الأوّل من حيث جعل عدّة وجوبات مشروطة، أي: يجب عليك أحد الأفعال إذا لم تفعل عدله. ولكن الفرق بينهما يظهر في عالم الملاك.

ففي المبنى الأوّل: افترضنا أنّ التعدّد موجود في عالم التكليف وعالم الملاك معاً، أي أنّ كلّ واحد له ملاك مشروط بعدم وجود ملاك الآخرين.

ولكن في المبنى الثاني: في عالم التكليف الأمر كما في المبنى الأوّل (أي كلّ وجوب مشروط بعدم فعل عدله)، لكن في عالم الملاك لا نفترض ذلك، بل نقول: الملاك مطلق، غير مشروط. ومع ذلك، جعل الشارع الحكم مشروطاً إمّا:

     لوجود التزاحم بين ملاك هذا العدل وملاك ذاك العدل، بحيث لا يمكن الجمع بينهما.

     أو لمصلحة التسهيل على العباد، فمع أنّ كلا الفعلين له ملاك مطلق، لكنّ الشارع لم يوجب الجمع، بل خيّر بينهم تيسيراً.

فعلى الفرض الأوّل (التزاحم بين الملاكات) يقع الشكّ في القدرة على التحصيل؛ هل يمكن للمكلّف أن يحصّل جميع الملاكات أو لا؟ وهذا شكّ في التحصيل، وهو مجرى للاحتياط لا البراءة.

وعلى الفرض الثاني (مصلحة التسهيل): أصل الملاك قطعيّ ومنجّز، والشكّ إنّما هو في مصلحة التسهيل. وحيث إنّ الملاك القطعيّ يستدعي الامتثال القطعي، فالبراءة لا تجري أيضاً، بل المورد مورد احتياط.

إذن، سواء كان السبب تزاحماً بين الملاكات أو كان هو مصلحة التسهيل، النتيجة واحدة: لا مجال للبراءة، بل اللازم الاحتياط.

ملاحظة

السيّد [كاظم] الحائري (دام ظلّه) ناقش ذلك في الهامش وقال: لا يبعد أن يكون المورد مورداً للبراءة في كلا الفرضين، لا للاحتياط، لكن عبارته غير واضحة عندي تماماً.

 

logo