« فهرست دروس
الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

47/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

 المقام الثاني: التخيير الشرعي/ دوران الأمر بين التعيين والتخيير /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين التعيين والتخيير / المقام الثاني: التخيير الشرعي

1- دوران الأمر بين التعيين والتخيير

1.1- المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي

قلنا إنّ البحث تارةً يكون في المقام الأوّل: دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقليّ، وفي المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيّ.

وحيث إنّ هناك مباني متعددة في تفسير التخيير الشرعيّ، فإنّ الحكم في جريان البراءة وعدمه يختلف باختلاف تلك المباني. ولهذا نختار المباني المشهورة والرئيسيّة في تفسير التخيير الشرعي.

1.1.1- المبنى الأوّل: تعدد الوجوبات

يفسَّر التخيير الشرعيّ بأنّه عبارة عن عدّة وجوبات، كلّ واحد منها مشروط بترك الآخرين.

ومثاله: أعتق رقبة، أو أطعم ستّين مسكيناً، أو صم شهرين متتابعين.

على هذا المبنى يكون عندنا ثلاث وجوبات:

    1. يجب العتق إن لم تُطعم ستّين مسكيناً ولم تصم شهرين متتابعين.

    2. يجب إطعام ستّين مسكيناً إن لم تعتق ولم تصم.

    3. يجب صوم شهرين متتابعين إن لم تعتق ولم تطعم.

إذن فكلّ وجوب مشروط بترك عِدليه.

 

1.1.1.1- هل تجري البراءة على هذا المبنى؟

الجواب: نعم، تجري البراءة.

وذلك لأنّه في الحقيقة لا يوجد علم إجماليّ بين متباينين، بل هذا العلم منحلّ إلى علم تفصيليّ وشكّ بدويّ. فنقطع بالوجوب عند ترك العدلين. ونشكّ في الوجوب عند الإتيان بأحد العدلين.

إذن فالعلم ينحلّ إلى علم تفصيلي وشكّ بدويّ، والشكّ البدوي تجري فيه البراءة بلا إشكال.

 

1.1.1.2- طبيعة هذا الشكّ

هذا الشكّ يرجع إلى البراءة عن إطلاق الوجوب، لا عن [إطلاق] الواجب.

ففي الأبحاث الماضية كان الشكّ في إطلاق أو تقييد الواجب (ككون الصلاة تسعة أجزاء أو عشرة، أو اشتراط الرقبة بالإيمان).

أمّا هنا فالشكّ في إطلاق أو تقييد الوجوب نفسه: هل الوجوب مطلق، فيجب الفعل سواء فعل العدل أو لم يفعل؟ أم أنّه مقيَّد بترك العدل الآخر؟

1.1.1.3- الفرق بين الشكّين

في الشك في الوجوب: الإطلاق يؤدّي إلى تكليف زائد. فإذا كان العتق مثلاً واجباً مطلقاً، سواء فعل العدل الآخر أو لا، فهذا تكليف زائد.

في الشك في الواجب: الإطلاق يؤدّي إلى قلّة التكليف. فإذا كان الواجب مثلاً تسعة أجزاء مطلقاً (غير مقيّد بالجزء العاشر)، فالتكليف أقلّ.

إذن فهما متعاكسان: في أحدهما الإطلاق يزيد التكليف، وفي الآخر الإطلاق يقلّله.

 

1.1.1.4- مسألة الحدود

وهنا كما في الأبحاث السابقة، لو أخذنا الحدود (كونه مطلقاً أو مقيَّداً) بعين الاعتبار، لوقعنا في شبهة التباين. لكن حيث إنّ هذه الحدود لا تدخل في العهدة فهي خارجة عن الحساب، فلا تباين في الواقع.

هناك كنا نقول: حدود الواجب خارجة عن الحساب. وهنا نقول: حدود الوجوب خارجة عن الحساب.

1.1.1.5- النتيجة

خلاصة البحث على المبنى الأوّل في تفسير التخيير الشرعي:

     العلم ينحلّ إلى علم تفصيليّ وشكّ بدويّ.

     في مورد العلم التفصيليّ يجب العمل.

     في مورد الشكّ البدويّ تجري البراءة عن أصل الوجوب.

 

logo