46/12/04
محاورات حول ما جاء في الكفاية/ دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء /الأصول العملية
محتويات
1- محاورات حول ما جاء في الكفاية1.1- الأمر الثالث: جريان البراءة الشرعيّة عن الجزئيّة لا عن الجزء
1.1.1- نص عبارة صاحب الكفاية:

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء / محاورات حول ما جاء في الكفاية
1- محاورات حول ما جاء في الكفاية
1.1- الأمر الثالث: جريان البراءة الشرعيّة عن الجزئيّة لا عن الجزء
كان البحث في الأمر الثالث من الأمور الواردة في كتاب الكفاية، وهي بحاجة إلى بحث وتحقيق. عنوان هذا الأمر الثالث هو جريان البراءة عن الجزئية لا عن ذات الجزء. صاحب الكفاية رضوان الله تعالى عليه قال بأنّ البراءة الشرعيّة تجري عن الجزئية لا عن ذات الجزء الزائد المحتمل، كالسورة في الصلاة التي نشكّ أنّه واجب معها أو بلا سورة.
وكان لدينا تساؤلان في هذا المجال: أحدهما لماذا عدل صاحب الكفاية عن البراءة عن الجزء إلى البراءة عن الجزئية؟ وما السبب في ذلك؟ والتساؤل الآخر ما وجه التفصيل بين البراءتين بكون العلم الإجمالي مانعاً عن جريان البراءة العقلية وغير مانع عن جريان البراءة الشرعيّة؟
وقلنا يوجد جواب مشترك بين هذين التساؤلين كاقتراح يقترحه أستاذنا الشهيد، ثمّ يرد عليه بعدة إيرادات. الجواب المشترك: الجزئيّة عنوان ثانويّ في طول ذات الجزء، وبالتالي تكون البراءة عن الجزئيّة في طول البراءة عن الجزء. يقع التعارض والتساقط بين البراءة عن الأكثر والبراءة عن الأقلّ، بعد تساقط طرفي هذا العلم الإجمالي تصل النوبة إلى الأصل الطوليّ، وهو البراءة عن الجزئيّة. بعد تساقط البراءة عن الجزء تصل النوبة إلى البراءة عن الجزئيّة.
هذا هو الجواب المشترك بين التساؤلين، وعليه عدل صاحب الكفاية من تعبير بالجزء إلى التعبير بالجزئيّة، وهكذا تجري البراءة عن الجزئيّة.
ثمّ أورد أستاذنا الشهيد عدّة إيرادات على هذا الجواب:
1. هذا الجواب يناسب مبنى الاقتضاء ولا يناسب مبنى العلّيّة التي تبنّاها صاحب الكفاية.
2. الأصل في جانب الجزئيّة ليس في طول الأصل في جانب الأكثر، فلا يمكن اعتباره أصلاً طوليّاً.
3. البراءة الظاهريّة عن الجزئيّة دون ذات الجزء لا معنى لها، إذ الجزئية غير صالحة للتنجيز والتعذير، والبراءة تجري في الشيء الصالح للتنجيز والتعذير.
4. ما ذكره المحقّق الأصفهاني: إذا صحّت البراءة عن الجزئيّة المنتزعة من وجوب الأكثر، لصحّت البراءة عن عنوان الكلّيّة المنتزعة من وجوب الأقلّ، فيتعارضان ويتساقطان.
بعد ذلك، بصدد الجواب عن سؤال وجه التفصيل بين البراءتين بكون العلم الإجمالي مانعاً عن البراءة العقليّة وغير مانع عن جريان البراءة الشرعيّة، قال صاحب الكفاية إنّ البراءة تكون استثناءً عن الحكم الواقعي إذا كان الحكم الواقعي هو الأكثر، فالبراءة عن الجزء الزائد تكون استثناءً عنه.
1.1.1- نص عبارة صاحب الكفاية:
«إلّا أنّ نسبة حديث الرفع، الناظر إلى الأدلة الدالة على بيان الأجزاء، إليها نسبة الاستثناء، وهو معها يكون دالّاً على جزئيّتها إلّا مع الجهل بها».
أستاذنا الشهيد ذكر عدّة احتمالات لتفسير هذه العبارة:
الاحتمال الأول: الاستثناء يكون حديث الرفع مقابل الحكم الواقعي، بحيث البراءة تستثني حالة الجهل. ويرد عليه أنّ حديث الرفع حكم ظاهريّ، ولا يصلح لتقييد دليل الجزئيّة في الحكم الواقعيّ المجهول.
الاحتمال الثاني: الاستثناء بالدلالة الالتزامية لا بالدلالة المطابقية، وفق مباني صاحب الكفاية حول مراتب الأحكام الشرعيّة، والفعليّة عنده مرتبة ضمن الحكم. ويرد عليه أستاذنا الشهيد، حيث يرى أن الجمع بين الحكم الظاهريّ والحكم الواقعيّ ممكن، فلا تعارض أصلاً.