« قائمة الدروس
التفسیر الأستاذ محسن الفقیهی

47/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

آیه آیة مئتین و ثمانیة و عشرین/سورة البقرة /تفسیر القرآن الکریم

 

الموضوع: تفسیر القرآن الکریم/سورة البقرة /آیه آیة مئتین و ثمانیة و عشرین

 

﴿وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَکْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ في‌ أَرْحامِهِنَّ إِنْ کُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في‌ ذلِکَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزيزٌ حَکيمٌ﴾[1]

تجري المناقشة في تفسير آیة مئتان و ثمانیة و عشرون.

المعنی اللغوي للفظة «قروء»

قال تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾. إنّ لفظة «قُرء» من الألفاظ التي تحمل معنيين متضادين:

1. بمعنى الطُّهر (النقاء).

2. بمعنى الحيض.

قال العلماء في هذا الصدد: إذا جاء جمعها بلفظة «قُروء»، فالمراد هو الطُّهر، و إذا جاء جمعها بلفظة «أقراء»، فالمراد هو الحيض. وعليه، يوجد خلاف في تفسير هذه الآية بين العلماء:

فقه الشيعة: المراد هو ثلاثة طُهُر. تُحسب العدة: الطُّهر الذي وقع فيه الطلاق أولاً، ثم الحيض، ثم الطُّهر الثاني، ثم الحيض، و تنتهي العدّة بوصول الطُّهر الثالث.

فقه أهل السُنّة: المراد هو ثلاثة حِيَض. أي تنتهي العدة بانتهاء الحيضة الثالثة و بدء الطُّهر الذي يليها. هذا الاختلاف قد يُحدث فرقاً عملياً في عدد الأیّام.

مستثنيات حكم العِدَّة:

هذا الحكم خاص بالنساء المدخول بهن و غير اليائسات. و لكن: النساء اليائسات (اللواتي لا يرين الحيض) لا عِدَّة عليهن.

النساء غير المدخول بهن (تزوَّجْنَ ولكن لم يحصل الوطء) لا عِدَّة عليهن أيضاً.

حكم النساء الحوامل:

يقول الله تعالى في تتمّة الآية: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾. المطلقات إذا كنّ حوامل، فيجب عليهن ألا يخفين ذلك. و السبب هو: إنّ عِدَّة المرأة الحامل تنتهي بوضع الحمل. فإذا كتمت، قد تدَّعي أن عِدَّتها قد انقضت و هي لا تزال حاملاً.

هنا نقطة: قول المرأة في هذا الأمر مقبول؛ سواء قالت إنّها في حيض أو في طُهر، و سواء قالت إنّها حامل أو ليست حاملةً. و لا تحتاج إلى شاهد أو قسم. هذا الاعتماد على قول المرأة مشروط بإيمانها و صدقها: ﴿إِنْ کُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.

توصية بالرجوع و الإصلاح:

قال الله- تعالی: ﴿وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في‌ ذلِکَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً﴾ يعني أنّ الأزواج أحقُّ برجع نسائهم خلال فترة العِدَّة، إذا أرادوا الإصلاح.

هذه التوصية تدلّ على ما يلي: الطلاق لا ينبغي أن يكون نتيجة غضب لحظي. يجب على الرجل و المرأة أن يمنحا الفرصة لتهدئة الانفعالات ثم يتخذا القرارَ. الرجوع في العِدَّة هو سبيل لاستمرار الحياة و منع انهيار الأسرة.

الحقوق المتقابلة للمرأة والرجل:

يقول الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ يعني: للنساء حقوق و علیهنّ واجبات کما في الرجال.

الحقوق لصالح المرأة: المهر، و النفقة، و حسن المعاشرة.

الحقوق التي تضر بالمرأة: خيار الطلاق في يد الرجل.

هذا هو العدل الإسلامي الذي أقام التوازن بين حقوق المرأة و الرجل. الظلم للمرأة، مثل إجبارها على التنازل عن مهرها أو حرمانها من الحقوق الواجبة، حرام.

إدارة الأسرة و مكانة الرجل:

في تتمة الآية، يقول الله تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ هذه الدرجة تعني إدارة الأسرة و مسؤولية تسيير شؤونها، لا التسلط و الظلم. لا يحق للرجل أن يتكئ على هذه المكانة فيُكره زوجته أو يضيع حقوقها.

خلاصة:

أوجب القرآن عِدَّة المرأة المطلقة، و ذلك لحفظ النسب و تبيين وضع الأسرة.

يوجد اختلاف بين الشيعة و أهل السنة في معنى «قُرُوء».

عِدَّة المرأة الحامل تمتدّ حتّى وضع حملها، و قولها في هذا الشأن مقبول.

قد أوصي بالرجوع في العِدَّة إذا كانت النيّة هي الإصلاح.

يجب أن تُراعى حقوق المرأة و الرجل بعدل؛ فلا يجوز الظلم للمرأة و لا التجاهل بمكانة الرجل.

إدارة المنزل تقع على عاتق الرجل، و لكن القوّة و العزّة المطلقة لله وحده.


logo