« قائمة الدروس
التفسیر الأستاذ محسن الفقیهی

47/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الآیة مِئتانِ و سبعةً و عشرون/سورة البقرة /تفسیر قرآن کریم

 

الموضوع: تفسیر قرآن کریم/سورة البقرة / الآیة مِئتانِ و سبعةً و عشرون

﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[1]

الحديث يدور حول تفسير الآية السابعة و العشرين بعد المائتين من سورة البقرة.

المقدمة:

في الآية التي قبلها يقول تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[2] هاتان الآيتان تتناولان موضوع الإيلاء و الأحكام المتعلّقة به.

معنى الإيلاء و الخلفیّة الجاهلیّة:

في زمن الجاهليّة، كان الرجل أحياناً في حالة غضب و نزاع، يقسم ألا يجامع زوجته. كان يُطلق على هذا الفعل «الإيلاء». يقول القرآن الكريم: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ أي إنّ الّذین یقسمون بمثل هذا القسم، لهم فترة انتظار مدّتها أربعة أشهر.

هذا القسم ليس له قيمة شرعيّة، و لا تترتّب عليه كفارة. الهدف هو أن يجد الرجل في هذه الأشهر الأربعة فرصة ليهدأ و يعود إلى حياة زوجيّة كريمة مع زوجته.

فإذا عاد الرجل في هذه المدة و استمرّ علی الحياة الزوجیّة، قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي إنّ الله يغفر له.

التكليف بعد انقضاء أربعة أشهر:

أمّا إذا انقضت الأشهر الأربعة و لم یقبل الزوج الرجوع إلیها، فلا يجوز له إبقاء زوجته في حالة التعليق هذه. هنا يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ یجب علی الرجل إمّا أن يعود إلى المعاشرة الزوجيّة، أو إذا لم يستطع الاستمرار فعلاً، وجب عليه أن يرفع حالة التعليق و يفارقها بالطلاق. لا يجوز إبقاء المرأة معلّقةً. و هذا يدلّ على عناية الإسلام باحتياجات المرأة، الروحيّة و العاطفيّة و الجسديّة.

الفرق بين ﴿غفور رحيم﴾ و ﴿سميع عليم﴾:

في الآية السابقة، إذا عاد الرجل إلى الحياة الزوجيّة، شملته رحمة الله: ﴿غفور رحيم﴾. و لكن عندما يصل الأمر إلى الطلاق، لا يُذكر مستوى الرحمة الإلهيّة بنفس الدرجة، بل يُقال: ﴿سميع عليم﴾؛ أي: إنّ الله يسمع و يعلم كلّ شيء.

يجب أن يعلم الرجل أنّ الطلاق تصرف مذموم و خطير فإنّ المرأة التي تُطلق، تكون مُعرَّضةً للخطر و للزلق و للأضرار الاجتماعيّة.

إختیار الطلاق و التحذيرات:

قال العلماء: الطلاق بيد الرجل. «عزم الطلاق» يعني التصميم الجادّ و ليس قراراً سطحيّاً أو ناتجاً عن الغضب. لا ينبغي للرجل الالتجاء إلى الطلاق بسهولة. و لكن إذا لم يجد حيلةً حقّاً، فيمكنه تنفيذ هذا القرار. مع ذلك، فإنّ الطلاق يُهيئ أرضيّةً للوساوس الشيطانية و اتباع الأهواء النفسانيّة. قد يسعى الإنسان وراء الشهوات أو الزِواج المتعدّدة و يصبح مُعرَّضاً للفساد.

الخلاصة:

يُستفاد من هذه الآية الشريفة ما يلي:

1. لا ينبغي إبقاء المرأة في حالة التعليق و بلاتكليف.

2. الحدّ الأقصى لفترة الخلاف و هجر المعاشرة هو أربعة أشهر.

3. بعد انقضاء هذه المدة، يجب على الرجل حسم الأمر: إما العودة إلى الحياة المشتركة أو إيقاع الطلاق.

4. الطلاق عمل مُرٌّ و مذموم للغاية، و لكن في حال الاضطرار، يجب أن يتمّ بدقة و مراعاة كاملة لحقوق المرأة.

5. يُعرِّض الطلاق الإنسانَ لمخاطر روحية و اجتماعية و شيطانيّة و لذلك يجب تجنبه قدر الإمكان.


logo