47/04/06
بسم الله الرحمن الرحیم
رجوع القیود إلی المادّة أو الهیئة/الأوامر /مباحث الألفاظ
الموضوع: مباحث الألفاظ/الأوامر /رجوع القیود إلی المادّة أو الهیئة
ملّخص الجلسة السابقة: طُرِحَ في الجلسة الماضية أنّ المحقّق الخوئي (رحمهالله) قال: «الشروط شروطٌ للوجوب، لا للواجب»، خلافاً للشيخ الأنصاري الذي كان يقول: «الشروط شروطٌ للواجب، لا للوجوب». و هذا يعني أنّ الوجوب مطلق، «أقيموا الصلاة» مطلق، فالصلاة واجبة، و في قوله: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾[1] إنّ دلوك الشمس هو شرط للواجب لا للوجوب؛ أي إنّ الوجوب قد جاء من قبل.
تذنیب: في وجوب حفظ الماء و عدمه قبل الوقت لمن علم بعدم وجدان الماء وقت الصلاة
الأقوال في هذه المسألة:
القول الأوّل: عدم الوجوب[2] [3] [4]
قال المحقّق الخوئي (رحمهالله): تجب الصلاة بعد أذان الظهر ثمّ تجب الطهارة (الوضوء أو الغسل). إن وُجِدَ الماء توضّأ، و إن لم يوجد فلا. بل ذهب البعض إلى القول: «أَرِقِ الماءَ!» مع أنّه يملك الماء و يعلم بانقطاعه بعد ساعة، يُباح له إراقة الماء!
قال الشهيد الصدر: :«نقول بجواز إراقة الماء قبل الوقت مع القطع بعدم إمكان تحصيل الماء للوضوء في الوقت»[5] أي يجوز إراقة الماء عمداً، لأنّه قبل الظهر لم تجب الصلاة بعد، فإذا جاء وقت الظهر و لم يكن هناك ماء، يتيمّم و يصلّي و صلاته صحيحة.
و هناك من العلماء من لا يقولون بـ «إراقة الماء» و لكنّهم يقولون: لا يجب «حفظ الماء» للوضوء أو الغسل. فإذا حان وقت الصلاة وُجِدَ الماء توضأ و إلّا تيمّم.
قال المحقق الرشتي (رحمة الله عليه): :«فمن يعلم أنّه لا يجد ماء بعد الوقت للوضوء و عنده من الماء ما يكفيه لا يجب عليه حفظ الماء أو الوضوء قبل الوقت كما حكم به بعض الأصحاب.» [6]
القول الثاني: الوجوب[7] [8] [9]
قال المحقّق النائیني (رحمة الله علیه):«إنّه يستفاد من وجوب حفظ الماء قبل الوقت تماميّة ملاك الصلاة قبله، و إنّ الوقت شرط للخطاب بالصّلاة لا لملاكها.»[10]
قال المحقّق العراقي (رحمة الله علیه): «ما ورد على وجوب حفظ الماء قبل الوقت من النصوص على طبق القواعد، لا أنّه كان ذلك حكماً تعبّدياً من الشارع.»[11]
قال ملحقّق النهاوندي (رحمة الله علیه):«ذهبوا إلى وجوب حفظ الماء قبل الوقت لمن علم بعدم وجدانه الماء بعده.» [12]
الإشكال على قول المحقق الخوئي (رحمة الله عليه)
في رأينا، إنّ قول المحقّق الخوئي غير صحيح. و ذلك لأنّ ظاهر خطابات الشارع يدلّ على وجود مصالح في متعلّقات الأحكام. و علينا أن ندرك تلك المصالح قدر المستطاع، لذا يجب تحصيل الطهارة المائية، لا الطهارة الترابيّة (التيمّم)، و إن لم نتمكّن فهذا بحث آخر؛ و لكن ما دام الوقت مُتاحاً، فالشارع المقدس جعل الأحكام تابعةً للمصالح و المفاسد، و يجب إدراك مناط الأحكام و تحصيل مقدّماتها.
مقدّمة الواجب و مقدّمة المقدمة
إذا كانت مقدّمة الواجب تتوقّف على مقدّمة أخرى، فإنّنا نسمي هذه «مقدّمة المقدّمة».
مثال:
• الوضوء مقدمة للصلاة.
• الماء للوضوء مقدمة.
• المكان والقصد الصحيح مقدمة الوضوء.
إذا كانت مقدّمة الواجب واجبةً، فإنّ مقدّمة المقدّمة واجبة أيضاً.
• إذن، حفظ الماء يصبح واجباً.
وفي رأينا، العرف يؤيّد هذا أيضاً. عندما يقول المولى بإنجاز عمل ما، فأنت مكلّف بتوفير مقدّماته. مثال: إذا وجب عليك التدريس، فيجب عليك شراء الكتاب، و المطالعة، و تدبير المال… كلّ هذه المقدّمات واجبة.