47/03/28
بسم الله الرحمن الرحیم
رجوع القیود إلی الهیئة أو المادّة/الأوامر /مباحث الألفاظ
الموضوع: مباحث الألفاظ/الأوامر /رجوع القیود إلی الهیئة أو المادّة
ملخّص الجلسة الماضية:
دار نقاشنا في الجلسة الماضية حول مسألة: هل يعود القيد للمادّة أم للهيئة؟ (أي: الوجوب المقيد أم الواجب المقيد؟)
رجوع القیود و الشروط إلی المادّة أو الهیئة
طرح المسألة
الحديث يدور حول بحث «رجوع القيود و الشروط»؛ هل الشروط و القيود قيد للمادة أم قيد للهيئة؟ و بعبارة أخرى: هل الشروط شروط الوجوب أم شروط الواجب؟
تفکیك الشروط
أشرنا في البحث الماضي إلى أنّ شروط الواجب يجب أن تُؤدَّى، بينما شروط الوجوب ليس لازماً أداؤها.
• البلوغ: هو شرط الوجوب؛ فما لم تبلغ، لا وجوب عليك.
• العقل: و هو شرط الوجوب.
شروط الوجوب ليست واجبة التحصيل؛ فمتى تحقق البلوغ، تحقق الوجوب. أما شروط الواجب فهي واجبة التحصيل؛ أي كما في الطهارة و الوضوء للصلاة، حيث يجب على الشخص نفسه تحصيلها. لا يمكن القول «متى ما توضّأتُ صلَّيتُ»، بل يجب الوضوء ثم الصلاة.
الحاصل:
• شرط الواجب یجب تحصیله.
• الغسل شرط الواجب.
• الوضوء شرط الواجب.
إذًا لدينا نوعان من الشروط:
١. شروط الوجوب
٢. شروط الواجب
فإذا علمنا أن شرطاً ما، هو شرط الوجوب فالأمر واضح: أي إنّه ليس واجب التحصيل. مثال: الاستطاعة في الحجّ شرط الوجوب؛ و معناه أنّه إذا حصلت الاستطاعة، وجب الحجّ عليك. يجب أن تحصل الاستطاعة نفسها، و ليس عليك السعي لتحصيل الثروة و المقدرة. فإذا تحقّقت الاستطاعة، وجب الحج و إلّا فلا.
فعلیه:
• الاستطاعة شرط للوجوب.
• الوضوء شرط للواجب.
• الغسل شرط للواجب.
وظيفة المجتهد
بناءً على ذلك، إذا تعرّف المجتهد على شروط الوجوب، سيكون الفتوى واضحةً:
•شروط الوجوب ليست واجبة التحصيل؛ فمثلًا، لا يجب تحصيل الاستطاعة، فإذا حصلت، وجب الحج.
•أما شروط الواجب فهي واجبة التحصيل؛ أي يجب تحصیل الطهارة بالوضوء أو الغسل، ثمّ أداء الصلاة.
إذاً: شروط الواجب واجبة التحصيل؛ و لكن شروط الوجوب ليست واجبة التحصيل.
المثال العرفي
إذا ورد شرط في الآية أو الرواية و لم نعلم هل هو شرط للوجوب أم شرط للواجب، فماذا نفعل؟ مثال: «إن جاء زيد فأكرمه» أو «اشترِ خبزاً إن جاء زيد». أي: إذا جاء زيد، فوفّر له طعاماً. هل هذا الشرط شرط وجوب أم شرط واجب؟
•إذا كان شرط وجوب: فمعناه أنّه لا يتحقّق الوجوب إلّا عند مجيء زيد، و عندئذٍ يجب البحث عن المال و المقدمات.
•إذا كان شرط واجب: فيجب تهيئة المقدمات مسبقاً.
- ماذا يقول العرف؟ العرف يرى أنّ المقدمات يجب أن تكون مُهيأةً من قبل؛ و عليه: «إن جاء القوم فاشترِ طعاماً» هو شرط واجب و ليس شرط وجوب.
التطبيق على العبادات
مثل الصلاة:
عندما يحين وقت الصلاة، يجب أن يكون الوضوء مُعدّاً.
• يجب ألّا يكون المكان مغصوباً.
• يجب أن يكون الثوب طاهراً.
• يجب أن يكون البدن طاهراً.
• الغُسل، الذي قد يستغرق وقتاً، يجب أن يكون مُعدّاً مسبقاً.
كلّ هذه تُعدّ شروطاً واجبةً، و ليست شروطاً للوجوب؛ أمّا إذا كانت الشروط شروط وجوب، فلا يلزم الإعداد المسبق. فمثلًا، إذا حان الوقت و لم يكن هناك ماء، يتيمّم. و إذا لم يكن الثوب طاهراً، صلّى بالثوب النج و هكذا اتضح الفرق بين شرط الوجوب و شرط الواجب.
رأي العرف
بناءً على ذلك، في السؤال عن الشروط في العرف: إذا اشترط شخص شرطاً، فعادةً ما يكون شرط واجب و ليس شرط وجوب؛ أي يجب إعداد المقدّمات مُسبقاً. و إذا كان الأمر أمراً مولويّاً (مثل أمر الأب أو المولى الحكيم أو الوليّ الفقيه)، فيجب قطعاً إعداد المقدّمات.
النتيجة: العرف يرى الشروط شروطَ الواجب لا شروطَ الوجوب.
الخاتمة
إذًا:
• إذا كان الشرط شرطاً للوجوب، فهو غير واجب التحصيل.
• إذا كان الشرط شرطاً للواجب، فيجب إعداد المقدّمات مُسبقاً.
و هذا هو المعنى الذي يقصده العرف بـ «الشرط الواجب»