« قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 کون التأمین صلحاً؛ کونه ضماناً/ ماهيّة التأمین/التأمین

الموضوع: التأمین/ ماهيّة التأمین/ کون التأمین صلحاً؛ کونه ضماناً

خلاصة الجلسة السابقة: کان بحثنا في الفقه المعاصر حول «التأمین» و أنّه هل ینطبق عقد الصلح علیه أم لا؟

هنا إشکالات علی صاحب العروة:

قد أورد آیةالله السبحانيّ (سلّمه‌الله) ثلاثة إشکالات علی صاحب العروة (رحمه‌الله):

الإشکال الأوّل: هل یکون قصد الطرفین صلحاً مشروطاً أم لا؟ العقود تابعة للقصود فإنّ کلّ عقد تابع لقصد الطرفین. و لکن من استأمن سیّارته أو ماله فلم یکن من قصده الصلح المشروط.

الإشکال الثاني: قد ذکر صاحب العروة أنّ المستأمِن یصالح سلعته مع الرضا و أعطی مقداراً بعنوان حقّ الفسخ و حیث وجد مثل هذا الرضا فلا إشکال في مثل هذه المعاوضة. و لکنّ الإشکال في هذا المرأی هو أن لا تحلّ مشکلة کلّ عقد بالرضا و إلّا یؤسّس فقه جدید و سیصیر کلّ ما یحرم من المعاملات، حلالاً؛ مثل أن لا یورد أيّ إشکال في القمار و الربا إذا تراضی الطرفان و لکنّ الأمر لیس کذلك.

الإشکال الثالث: قیل إنّ المستأمِن إن کان کافراً حربیّاً فالأمر سهل؛ إذ أمواله فيء للمسلمین. هذا الکلام متین و لکن شرکة التأمین الآن في البلد الإسلاميّ و لا موضع لهذا الکلام فعلاً. و إلیك نصّ کلامه (حفظه‌الله):

«هذا و ما ذكره من الوجوه الثلاثة لا بأس بها لو أُريد تصحيح التأمين و لو على غير النحو الرائج و لكنّ السائد بين الناس غير ما ذكره .

أمّا الوجه الأوّل: بداهة أنّ صاحب المال لا يبيع ماله بشرط الخيار في مقابل القيمة الواقعيّة للمتا كما أنّه لا يعطي مائة درهم بعنوان الفسخ للمعاملة إذا وصل المتاع إلى صاحبه سالماً.

و أمّا الوجه الثاني: و هو رضاية الطرفين بالتصرّف في المال مطلقاً، سواء أكانت المعاملة صحيحةً أم فاسدةً، فلو صحّ ما ذكره يلزم تأسيس فقه جديد، يلزم تصحيح كلّ تصرف في العوضين إذا كانت المعاملة باطلةً إذا رضى كلّ بالتصرّف فيما دفعه مطلقاً، سواء أكانت المعاملة شرعيّةً أم لا.

و أمّا الوجه الثالث: فلا بأس به فيما إذا كانت شركة التأمين متعلّقةً للكافر الحربيّ و أين هذا من شركات التأمين الموجودة في البلاد الإسلاميّة».[1]

رأي الأستاذ:

الإشکال الأوّل لیس وارداً؛ لأنّ صاحب العروة قال: لیست هذه المعاملة شرعيّةً فإذا أردت شرعيّتها یمکن لك أن تقصد الصلح. و لم یقل إنّ ما فعلتموه فهو صلح مشروط بل قال علیکم أن تقصدوا الصلح المشروط.

الإشکال الثاني علی کون التأمین صلحاً، لیس وارداً أیضاً؛ إذ لکلّ أحد اختیار مال نفسه و لا تأخذ شرکة التأمین ماله مکرهاً و الشرکة تعطي الخسارة في صورة ظهور الخسارة مع الرضا و إنّما الربا حرام، لأنّ الزیادة قد تؤخذ بالعنف. یستحبّ لمن استقرض مالاً إذا قصد أداءه أن یهدي إلی المقرِض مقداراً بعنوان الهبة و لیست کلّ زیادة، رباً إلّا إذا کانت مخالفةً للشرع و لیس یمکن أن یسدّ أمام الناس حتّی لا یبذلوا أموالهم إلی النا

کان مرأی آیةالله السیستاني (سلّمه‌الله) عندما کنت عنده أنّه إن استقرضت من صُندوق القرض‌الحسنة قرضاً فعلیك بالزیادة. من دلائله أنّك ستصیر مدیناً مع وجود التضخّم الماليّ إلّا إذا کان القارض راضیاً بعدم أخذ الزیادة.

إذا اشترطت الزیادة في القرض فهي حرام و لکن إذا أعطی المستقرض شيئاً مع الرضا فلا بأ

ثمّ إنّ المسألة الواحدة الباقیة في التأمین، هي الإلزام الموجود و هو موجود في التأمین و لا ربط بینه و بین الرضا و عدمه فالشرکة یجب علیها أن یعطي الخسارة و لو لم تکن راضیةً.

و الإشکال الثالث لیس إشکالاً بل السیّد أیضاً قد قبله و قال إنّ هذا المرأی لیس جاریاً في البلاد الإسلاميّة و لا یمکن الإشکال علیه؛ إذ السائل من بلد الهند التي یمکن أن یکون فیها کافر حربي.

كلام صاحب العروة (رحمه‌الله) و القول بکون التأمين صلحاً يمكن تطبيقه إلى حدّما فيما يتعلّق بالأعیان الخارجيّة، لكن بالنسبة إلی تأمین الشخص الثالث الذي یموت لسبب تصادم السیّارة و علی شرکة التأمین أن یعطي دیته فماذا ترید أن تبیع؟ أو مثلاً تأمین التقاعد کیف یمکن تطبیقه علی الصلح؟

کون التأمین ضماناً:

هل يمكن تطبيق عقد الضمان على التأمين؟

معنی عقد الضمان:

قد عرّف الشهيد الأوّل (رحمه‌الله) الضمان بأنّه: «هو التعهّد بالمال من البريء».[2]

على سبيل المثال، تريد الاستقراض من البنك و يقول البنك إنّه لا يعطي قرضاً من دون ضامن. و الضامن لا يدين لك بدين، لكنّه يصبح ضامناً أنّك إذا لم تقم بردّ الدين فإنّه سيردّه.

أنواع التعهّد:

التعهّد نوعان:

«التعهّد بما في الذمّة»: مثل الضمان في البنك للاستقراض، يتعهّد الضامن بردّ الدین إذا لم يقم المسقترض بردّه. إذا لم يردّ المدین دینه فلا یرجع البنك إلی المدين بل يذهب ابتداءاً إلى الضامن و يأخذه منه. و هنا نقلت ذمّة إلی ذمّة، ذمّة المدین إلی الضامن.

«التعهّد بضمّ الذمّة إلی الذمّة»: يشترط في هذا النوع من التعهّد أنّه إذا تأخّر المدين في ردّ الدين، يذهبون إليه أوّلاً فإذا لم یقم بردّه يأخذونه من الضامن. اليوم، الاستقراضات المأخوذة من البنك عادةً تكون على هذا النحو. و في هذا النوع من التعهّد توجد ذمّتان في نفس الوقت بالنسبة إلی الدين و يمكن للبنك الرجوع إلى كلّ من المدين و الضامن.


logo