47/06/17
بسم الله الرحمن الرحیم
التعقیبات في الصلاة
موضوع: التعقیبات في الصلاة
اعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمین و الصلاة و السلام علی سیدنا و نبینا حبیب اله العالمین ابوالقاسم المصطفی محمد و آله الطاهرین واللعن علی اعدائهم اجمعین اللهم عجل لولیک الفرج و العافية و النصر
مسألة 16: يجوز ردّ سلام التحيّة في أثناء الصلاة، بل يجب و إن لم يكن السلام أو الجواب بالصيغة القرآنية. و لو عصى و لم يردّ الجواب و اشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الردّ لم تبطل على الأقوى.
..........................................................
جواب السلام واجب بلا خلاف بين المسلمين، لقوله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا، فالتحية فسرت بالسلام في التفاسير والمعاجم والروايات.
وأما في الصلاة فقد منعه العامة، فقال بعضهم: "يجيب بالإشارة"، وبعضهم: "بأن يؤخر بعد الصلاة"، ولكن الخاصة اتفقوا على الجواز.
وفي "الجواهر" الإجماع بقسمين، والنصوص مستفيضة – إن لم تكن متواترة – و الجواز بمعنى الوجوب، ودلت عليه نصوص مستفيضة وهي على طوائف: منها موثقة عَمَّارِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ (السَّلَامِ عَلَى) الْمُصَلِّي فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ نَفْسِكَ وَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ.[1]
ومنها بصيغة "السلام عليكم" صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الرَّجُلِ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَوْمِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكَ مُسْلِمٌ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ تَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ أَشِرْ بِإِصْبَعِكَ.[2]
ومنها صحيحة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: رَدُّ جَوَابِ الْكِتَابِ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ رَدِّ السَّلَامِ وَ الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ.[3]
و منها موثقة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَ الرَّدُّ فَرِيضَةٌ.[4]
ولعل السر في ذلك أهمية التكاتف والتعاطف بين المسلمين في الإسلام، كما حث عليه في النصوص، حيث جعل المؤمن أخو المؤمن، ووضع حقوقاً يجب عليه القيام بها لأخيه، ومنها إفشاء السلام ووجوب الرد عليه به أو بأحسن منه، كما ورد في الآية المباركة.
وقد ورد كما في الصحيح عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَ لَا يَخْذُلُهُ وَ لَا يَخُونُهُ وَ يَحِقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الِاجْتِهَادُ فِي التَّوَاصُلِ وَ التَّعَاقُدُ[5]
عَلَى التَّعَاطُفِ وَ الْمُوَاسَاةُ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ وَ تَعَاطُفُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونُوا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُحَمَاءَ بَيْنَكُمْ مُتَرَاحِمِينَ مُغْتَمِّينَ لِمَا غَابَ عَنْكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ مَعْشَرُ الْأَنْصَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص.[6]
وأيضاً في الصحيح عنه عليه السلام قَالَ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَاءِ حَقِّ الْمُؤْمِنِ.[7]
وأيضاً ورد في الصحيح عنه عليه السلام: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ هُوَ عَيْنُهُ وَ مِرْآتُهُ وَ دَلِيلُهُ لَا يَخُونُهُ وَ لَا يَخْدَعُهُ وَ لَا يَظْلِمُهُ وَ لَا يَكْذِبُهُ وَ لَا يَغْتَابُهُ.[8]
وغيرها من الروايات.
ومن جملة الحقوق الواجبة وجلب المحبة، التسليم والتحية وردها، كما أمر الله عز وجل به في كتابه الكريم.
وورد في نصوص كثيرة، منها ما رواه في الصحيح عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ.[9]
ومثلها صحيحته الأخرى عنه عليه السلام، قَالَ: رَدُّ جَوَابِ الْكِتَابِ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ رَدِّ السَّلَامِ وَ الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ.[10]
ومثلها موثقة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ.[11]
و مثله ايضا بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ وَ قَالَ ابْدَءُوا بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ فَمَنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ.[12]
وفي موثقة أخرى له عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَ الرَّدُّ فَرِيضَةٌ.[13]
وغيرها من الروايات التي وردت في الباب.
هذا في غير الصلاة، وأما فيها – وإن كان العامة قالوا بعدم الجواز وبطلان الصلاة – ولكن إذا أجاب وعليه السلام أو عليه الرحمة للعاطس يجوز؛ لأنه دعاء.
ولكن عند الأصحاب الاتفاق على الجواز بمعنى الأعم – في مقابل المنع – لا خصوص الإباحة، ضرورة أنه متى جاز وجب كتاباً وسنة وإجماعاً، ولذلك صرح في "المسالك" و"مجمع البحرين" أن كل من قال بالجواز قال بالوجوب، ولذلك حكم جماعة من العلماء ببطلان الصلاة مع عدم الرد؛ بناءً على أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده، ولا أقل من عدم تعلق الأمر به، ويأتي الكلام فيه.