« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

47/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 التعقیبات في الصلاة

موضوع: التعقیبات في الصلاة

 

اعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمین و الصلاة و السلام علی سیدنا و نبینا حبیب اله العالمین ابوالقاسم المصطفی محمد و آله الطاهرین واللعن علی اعدائهم اجمعین اللهم عجل لولیک الفرج و العافية و النصر

 

المسألة 10: لا بأس بالذكر و الدُّعاء بغير العربي أيضاً، و إن كان الأحوط العربية.

..........................................................

الحكم في جواز الذكر والدعاء بلغات غير العربية، سواء كانت فارسيةً أو تركيةً أو غيرهما، تقدم في المسألة الثالثة من القنوت مفصلاً، وقلنا إنَّ المشهور قالوا بالجواز، منهم الماتن ومن تبعه ولم يُعلِّق، ونُسب الخلاف إلى سعد بن عبد الله فقط.

ولكن جماعة من المعلقين قالوا بتأكيد الاحتياط في تركه، كالمحقق النائيني والسيد الشيرازي والسيد الشاهرودي والسيد البروجردي رحمهم الله تعالى.

وجماعة قالوا بالاحتياط الوجوبي في تركه، كالمحدث البحراني والشيخ آل ياسين، وعن الوحيد في حاشية المفاتيح، والماتن رحمه الله وإن حكم بالجواز والاحتياط في تركه، ولكن قال إنَّ الوظيفة في القنوت لا تتحقق بغير العربية.

ونقلنا عن جماعة، منهم المحقق الهمداني والسيد الأستاذ رحمه الله وجماعة آخرين، عن تحققها وإن أتى بها بغير العربية، فلا نعيد.

 

المسألة 11: يعتبر في القرآن قصد القرآنية، فلو قرأ ما هو مشترك بين القرآن و غيره لا بقصد القرآنية و لم يكن دعاءً أيضاً أبطل، بل الآية المختصّة بالقرآن أيضاً إذا قصد بها غير القرآن أبطلت، و كذا لو لم يعلم أنّها قرآن.

...........................................................

هذه المسألة في بيان كيفية قراءة القرآن، وهي أن الآية التي تقرأ في الصلاة تارة تكون مختصة بالقرآنية، وتارة مشتركة بين القرآنية وغيرها، كقوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ حيث إن هناك شخصاً مسمىً بيحيى وأراد أمره بأخذ الكتاب، وقوله: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً﴾ وقوله: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾ وذلك دعوة للشخص بالدخول؛ وقوله: (اخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى) طلبا من الشخص بخلع نعليه عند الدخول الى مكان ما مثلا. فهي مشتركة بين القرآنية وكلام الآدمي. وتارة مختصة بالقرآنية، كقوله تعالى: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ وقوله ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ وقوله ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ وأمثال ذلك.

وعلى التقديرين، تارة يعلم أنها من القرآن وتارة لا يعلم أنها قرآن، ففي صورة عدم العلم إذا قرأها حكم بالبطلان، وكذا في صورة العلم سواء كانت مختصة أو مشتركة إذا قصد غير القرآنية بل قصد التفهيم، فضلاً عما إذا قصد عدم القرآنية.

وكذلك في الصورة المشتركة إذا قصد كليهما، فإنه باعتبار القرآنية لا بأس، ولكن باعتبار قصد غير القرآنية غير جائز، فيحكم بالبطلان إذا لم يكن دعاءً.

الظاهر من الماتن وجل المحشين، منهم السيد الأستاذ والمحقق الهمداني، والمستند أن الحكم بالبطلان في جميع الصور الثلاث، أي فيما كانت الآية مختصة وقصد بها التفهيم فقط دون قصد القرآنية، وكذا إذا قصد بها كليهما معاً، وكذلك في المشترك إذا قصد به التفهيم وقصد كلا الأمرين، فضلاً عما إذا قصد عدم القرآنية، وكذلك في صورة عدم العلم بأنه قرآن.

ولكن يظهر من بعض المعاصرين من المعلقين[1] ، الحكم بالصحة ولا يعتبر قصد القرآنية في جميع الصور، بل يكفي صدق قراءة القرآن عرفاً، ونُسب ذلك إلى كاشف اللثام، ويظهر من الحدائق.

ولكن يظهر من القواعد والتذكرة احتمال الصحة والبطلان، بأن القرآنية لا تتوقف على قصد المعنى، بل تَصدُق بمجرد قراءة الألفاظ المنضمة بنحو خاص، كذكر الخطب والأشعار وإن استعملت في معانٍ أخرى وتفهيم شيء آخر، فلا يصح سلب الخطبة الفلانية أو الشعر الفلاني باستعمالها في تفهيم أمر آخر.

وكذلك يظهر من الجواهر في الآيات المختصة بخلاف المشتركة؛ فإنها تحتاج إلى قصد القرآنية، وأما مع عدمه أو مع قصد العدم، لا يصدق عنوان القرآنية، فلا يصدق عنوان القراءة القرآنية.

فمنشأ الخلاف هو أن القرآنية هل تَصدُق مع عدم قصده المراد والحكاية كما نزل على قلب النبي صلى الله عليه وآله من الله عز وجل، أو لا بد من القصد؛ لأن القراءة بمعنى حكاية ما أُنزل على النبي صلى الله عليه وآله، وهذا متقوم مفهومه بإيجاد المماثل قاصداً به الحكاية عما أُنزل عن النبي صلى الله عليه وآله، كغيره من قراءة أشعار العرب وخطبهم. فإذا التلاوة من غير قصد ذلك، فضلاً عن قصد الخلاف، لا يكون مصداقاً لقراءة القرآن، من غير فرق بين الآيات المشتركة والمختصة لوحدة المناط.

فمع قصد التفهيم فقط تكون مصداقاً للتكلم المبطل إذا لم ينطبق عليه عنوان آخر من ذكر أو دعاء

 


[1] كالسيد السيستاني.
logo