« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

47/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 مبطلات الصلاة

موضوع: مبطلات الصلاة

 

اعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمین و الصلاة و السلام علی سیدنا و نبینا حبیب اله العالمین ابوالقاسم المصطفی محمد و آله الطاهرین واللعن علی اعدائهم اجمعین اللهم عجل لولیک الفرج و العافية و النصر

 

نعم، ورد في رواية أَبِي جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَدَعَاهُ الْوَالِدُ فَلْيُسَبِّحْ فَإِذَا دَعَتْهُ الْوَالِدَةُ فَلْيَقُلْ لَبَّيْكِ.[1] فلابد من حملها على النوافل بناءً على جواز قطعها أو محامل أخرى.

كما لا إشكال في عدم البطلان إذا كان ناسياً. وإنما الكلام والخلاف في الموضوع من وجوه:

الأول: هل يعتبر في اللفظ أن يكون موضوعاً مفهماً للمعنى، أو يشمل المهمل أيضاً؟

الثاني: هل يعتبر أن يكون أقله حرفين، أو يشمل الحرف الواحد إذا كان مفهوماً للمعنى.

وثالثاً: أنه بناءً على الشمول للحرف الواحد، هل يعتبر أن يكون عالماً بالمعنى وقاصداً له، أو يكفي التفاته مع عدم القصد إليه؟

الماتن رحمه الله قال بالبطلان سواء كان موضوعاً أو مهملاً في حرفين أو أزيد. وأما الحرف الواحد، يعتبر فيه أن يكون موضوعاً مفهماً للمعنى، مثل: (قِ) بشرط علم المتكلم وقصده المعنى، بل مع عدم قصده مع التفاته على الأحوط وجوباً.

أما مع كونه مهملاً أو من غير علم المتكلم، فلا يكون مبطلاً، كما يظهر من صاحب الجواهر والحدائق والمحقق الهمداني رحمهم الله تعالى.

أما المعلقين، فعن بعضهم كالسيد الاستاذ رحمه الله قال بالبطلان مطلقاً، سواء كان حرفين أو أزيد أو حرف واحد، وسواء كان موضوعاً أو مهملاً.

ويظهر من المحقق العراقي رحمه الله تعالى - ويظهر من بعضهم - اعتبار كونه موضوعاً، كالمحقق الحائري بأن في حرفين مهملين إشكال، وإن كان الاحتياط لا يترك.

ويظهر من السيد الحكيم اعتبار حرفين أو أزيد، ولا يبطل بحرف واحد ولو كان مفهماً.

ويظهر من السيد الإمام أن المناط الاستعمال والإفهام، سواء كان حرفين أو حرف واحد، فمثلاً استعمال "ب" رمزاً لأول الأسماء مبطل، ومع عدم ذلك إذا كان موضوعاً مع قصده مبطل، وإلا فالأحوط. وكذلك في حرفين، إلا إذا كان موجِباً لمحو الصلاة فحينئذ مبطل.

واستدل ما نسب إلى المشهور - كما في الحدائق - إلى ما إذا كان مركباً من حرفين، كما حكي عن نجم الأئمة[2] وشمس العلوم[3] النص على ذلك.

كما يظهر من بعضهم عدم الخلاف بين العلماء واللغويين، بل دعوى الإجماع في صدق الكلام فيما تركب من حرفين، وظاهر هؤلاء عدم الفرق بين المهمل والمستعمل.

ويظهر من صاحب مجمع البحرين اشتراط كونه موضوعاً للمعنى، قال: "والكلام في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم". وفي عرف النحاة: "اسم لما تركب من مسند ومسند إليه"، وصرح به الجوهري: "اسم جنس يقع على القليل والكثير، وقد يقع على كلمة واحدة وعلى الجماعة"، بخلاف الكلم فإنه لا يكون أقل من ثلاث كلمات.

وعن جماعة من الأصحاب كالشهيد ومن تأخر عنه: أن حرفاً واحداً أيضاً كلام لغة وعرفاً، ومبطل للصلاة، بل في المنتهى إنه الوجه؛ لأنه كلام عند أهل العربية فضلاً عن اللغة والعرف.

فمما ذكرناه يظهر الخلاف في الأمرين، وهما: التعميم في الحرفين والحرف الواحد في كونه موضوعاً أو يشمل المهمل.

ولكن السيد الاستاذ رحمه الله ذكر: " ان هذا يفيد فيما إذا كان موضوع الحكم الكلام حتى يبحث عن حدوده وقيوده، كما أنه اسم مصدر و ليس مصدراً ليكون مبدأ المشتقات ويكون معناه محكياً فيها. وأما إذا كان الموضوع التكلم - كما ورد في الروايات مثل : تكلمت، أو تكلم، أو متكلم، ومصدرها التكلم - فلابد من ملاحظة صدقه خارجاً، ولا ريب أنه يصدق على الحرف الواحد من أي متكلم كان ولو من غير شعور ومن غير تفهيم، كالنائم والمغمى عليه والصبي، فيقال من غير أي عناية إنه تكلم بكذا، فلم يؤخذ في مفهومه العرفي لا التركيب ولا الوضع".

مضافاً إلى أنه تدل على البطلان في المهمل معتبرة طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ^ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ‌ أَنَ‌ فِي‌ صَلَاتِهِ‌ فَقَدْ تَكَلَّمَ‌.[4] ورواه الصدوق مرسلاً. وطلحة وإن كان عامياً، ولكن قال الشيخ: "إن كتابه معتبر"، ولا معنى لاعتبار الكتاب إلا أن كان صاحبه معتمداً عليه، فالسند معتبر والدلالة تامة؛ ضرورة أن الأنين الصادر من المريض غير مقصود بالتفهيم، فهو تكلم بالمهمل.

ويدل أيضاً على شموله للمهمل تقسيم الكلام إلى المهمل والمستعمل، حتى بناءً على أن الكلام موضوعاً، فكيف بالتكلم؟

ومما يؤيد إطلاق التكلم وصدقه على حرف واحد ما اشتهر في المحادثات من قولهم: "لا أتكلم معك حتى بحرف واحد"، الكاشف عن أن الحرف الواحد أيضاً مصداق للتكلم، ومن ثم أشير إلى الفرد الخفي منه، فلا يعتبر في صدقه التعدد فضلاً عن الوض

نعم، بناءً على قول المشهور من أن الموضوع هو الكلام، فبما أن العنوان مجمل ومردد بين المؤلَّف من حرفين فصاعداً - كما هو المشهور - وبين الأعم منه ومن غيره فيصدق على الحرف الواحد أيضاً - كما عن جماعة - فلا مناص في مثله من الاقتصار على القدر المتيقن الذي يقطع بالبطلان، وهو ما تألّف من حرفين فصاعداً، والرجوع في الزائد إلى الأصل.

وكذلك الكلام في ناحية الوضع، فإذا انتهى الأمر إلى الشك، فلا بد من الاقتصار على القدر المتيقن وهو الموضوع المستعمل، والرجوع إلى الأصل وهو المهمل غير المستعمل.

 


[1] الوسائل ج7، ص:256، أبواب قواطع الصلاة، ب9 ح7.
[2] شرح الرضي على الكافية 1: 20.
[3] حكاه عنه في كشف اللثام 4: 162.
[4] الوسائل ج7، ص:281، أبواب قواطع الصلاة، ب25 ح4.
logo