« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

47/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

مبطلات الصلاة

 

الموضوع: مبطلات الصلاة

 

و كذا لا بأس به مع الضرورة بل لو تركه حالها أشكلت الصحّة و إن كانت أقوى.

ذكر الماتن في هذا الفرع حكمين:

الأول: أنه إذا كان التكفير وقع بواسطة ضرورة كدفع خروج الدم من جرحه في اليد الأخرى، أو من جهة الخوف تقية، فلا إشكال في جوازه بل قد يجب إذا كان عدمه موجباً للضرر المهم أو الخوف على النفس.

أما هل يتوقف هذا على عدم المندوحة أم لا؟ بل حتى مع المندوحة، مثل ان كان بإمكانه أن يأتي بالصلاة في مكان آخر لا يراه العامة، أو وقت آخر ونحوه، فالظاهر من إطلاق الماتن وعدم تقيده بعدم مندوحة عدم اعتباره، ولم يعلق عليه احد من المعلقين غير واحد وهو السيد التقي القمي رحمه الله.

ولكن الظاهر هو عدم الاعتبار كما هو ظاهر الآخرين، وذلك:

أولاً: لما ورد من إطلاق روايات جواز الإتيان بالتكفير عند التقية والخوف، وأن الحكم غير مقيد بوجود مندوحة أو عدمها.

ثانياً: أن المعتبر في التكفير الإتيان بالعمل بقصد العبودية والتعظيم، وأما إذا أتى به بقصد دفع الضرر أو عدم وقوعه في تلف نفسه، فلا يكون هذا تكفيراً واقعاً بل لا يصدق عليه ذلك، ومجرد تخيل العامة لا يوجب البطلان أو الحرمة، فهذا شبيه وضع يده على رأسه أو فخذه أو نحو ذلك، فلا وجه حينئذ للتقييد بعدم المندوحة. اللهم إلا أن يقال بعدم قصد الخضوع والعبودية في التكفير بل نفس العمل تكفيراً، أو أنه من العمل المنهي في الصلاة، وهذا كما ترى.

الثاني: أنه إذا ترك العمل بالتقية فهل يوجب ذلك البطلان أم لا؟ وقع فيه خلاف، والظاهر من الماتن رحمه الله وأكثر المعلقين تبعاً للجواهر والحدائق والمستند عدم البطلان، حيث قال الماتن: "الأقوى الصحة". وقد أشكل عليه جماعة، وقالوا: "البطلان هو الأقوى" منهم السيد الشيرازي والسيد الحكيم والسيدان الوالد والابن التقي رحمهما الله.

وقد ذكر في وجه الصحة وعدم البطلان - كما في الجواهر والسيد الاستاذ رحمه الله - أن الوجه في احتمال البطلان في المقام يبتني على أحد أمرين:

أحدهما: دعوى أن العمل المخالف للتقية منهي عنه، والنهي في العبادة موجب للفساد.

ثانيهما: دعوى أن العمل غير مأمور به، فمع عدم الأمر به كيف يكون صحيحاً؟ فلا تتحقق العبادة.

وأجيب عن كلا الدعويين:

أما عن الدعوى الثانية: بأن عدم اقتضاء أوامر التقية تقييداً في موضوع الأوامر الأولية، فالصلاة مع التكفير وإن وجبت بالعنوان الثانوي، إلا أن مصلحة الصلاة بالعنوان الأولي باقية على حالها من غير تصرف في موضوعها، فحينئذ الإتيان بها بلا تكفير موافق لأمرها فتصح بطبيعة الحال، سيما وأن العامة لا يرون جزئية التكفير ولا شرطيته في الصلاة، وإنما هو مستحب ظرفه الصلاة، فإن الأمر حينئذ أوضح.

أما الدعوى الأولى: فتندفع أولاً بأن الثابت بحسب الأدلة إنما هو وجوب التقية لا حرمة مخالفتها، فإن العمل المخالف لم يتعلق به نهي إلا بناءً على القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده، وهو في حيز المن

وثانياً: مع فرض التسليم فليس الحرام إلا ما هو مصداق لمخالفة التقية ومبرز للتشيع، وهو ترك التكفير حال الصلاة لا نفس الصلاة الفاقدة للتكفير، فلم يتعلق النهي بذات العبادة بل بما هو خارج عنها، ومعه لا مقتضى لفسادها.

logo