47/03/04
بسم الله الرحمن الرحیم
مبطلاتالصلاة
الموضوع: مبطلات الصلاة
وأما الروايات،
فإن المنهي عنه في الأوليان إنما هو عنوان التكفير المشروب في مفهومه الخضوع والخشوع والعبودية على نحو ما يصنعه العامة، ولا ريب في حرمته لكونه من التشريع المحرم. وأما ذات العمل منعزلاً عن هذا العنوان - وهو القسم الثالث - فلا دلالة فيها على حرمته.
وقد نوقش في المصباح زائداً على ما تقدم: بأن صحيحة زرارة ومرسلة حريز وقع النهي فيهما في عداد جملة من المكروهات، بحيث يظن من السياق أنه منها.
فقد ورد في الصحيحة: إِذَا قُمْتَ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْكَ بِالْإِقْبَالِ عَلَى صَلَاتِكَ فَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَكَ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ وَ لَا تَعْبَثْ فِيهَا بِيَدِكَ وَ لَا بِرَأْسِكَ وَ لَا بِلِحْيَتِكَ وَ لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ وَ لَا تَتَثَاءَبْ وَ لَا تَتَمَطَّ وَ لَا تُكَفِّرْ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ وَ لَا تَلَثَّمْ وَ لَا تَحْتَفِزْ وَ لَا تَفَرَّجْ كَمَا يَتَفَرَّجُ الْبَعِيرُ وَ لَا تُقْعِ عَلَى قَدَمَيْكَ وَ لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ وَ لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نُقْصَانٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَ لَا تَقُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَ لَا مُتَنَاعِساً وَ لَا مُتَثَاقِلًا فَإِنَّهَا مِنْ خِلَالِ النِّفَاقِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُومُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَ هُمْ سُكَارَى يَعْنِي سُكْرَ النَّوْمِ وَ قَالَ لِلْمُنَافِقِينَ وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.[1] -[2] فالظاهر أن ذلك نقصان يرجع إلى كل ما تقدم من صور، لا سيما بكلمة "كله" .
و في مرسلة حَرِيزٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ﴾[3] قَالَ النَّحْرُ الِاعْتِدَالُ فِي الْقِيَامِ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ وَ نَحْرَهُ- وَ قَالَ لَا تُكَفِّرْ فَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ- وَ لَا تَلَثَّمْ وَ لَا تَحْتَفِزْ وَ لَا تُقْعِ عَلَى قَدَمَيْكَ وَ لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ.[4]
و مع قرينة السياق فان دلالتها على الحرمة في نفسه بعيد جداً، و ان كان من حيث التشريع لا مانع منه كما اذا اتى بسائر المكروهات بعنوان التشريع فكذلك
و اما صحيحة محمد بن مسلم و ان لم يكن النهي واقعاً بين المكروهات و لكن تكون الروايتين موجبتين لرفع اليد عن ظاهره و الحرمة
و اما الرواية الثالثة و هي صحيحة علي بن جعفر فالممنوع فيها و ان نفس العمل وذات التكليف لا بعنوان التكفير الا ان الاخذ بظاهرها متعذر لعدم احتمال بطلان كل عمل واقع في الصلاة على سبيل الضابطة الكلية و ان لم يكن ماحياً للصورة كحك الراس او وضع اليد على الظهر و ما شاكلها كما هو مثل التكتف في عدم كونه ماحياً فان ذلك مقطوع البطلان فلا محيص من حملها اما على ان المراد من العمل هو العمل الصلاتي العبادي اي المأتي به بعنوان كونه من الصلاة و اجزائها تشريعا فيكون حاصل المعنى ان التكتف بدعة في الصلاة او على ان المراد ان التكتف عمل خارجي شاغل للقلب مانع عن الاقبال فيكون النهي حينئذ محمولاً على الكراهة كما اشار اليه في بعض الروايات
أما الرابعة فهي على خلاف المطلوب أولى، للاقتصار على النهي عن العودة من غير الأمر بالإعادة الكاشف عن صحة العمل وعدم فساده بالتكتف.
وأما الخامسة فإن السند نقي لوقوع القاسم بن يحيى وجده الحسن في كامل الزيارات، ولكن الدلالة قاصرة؛ لأنها لا تدل أن مقتضى التشابه هو الإتيان بمثلهم - أي مقتضى التشابه هو الإتيان بمثلهم - وهو مع قصد الخشوع والخضوع، أما الإتيان بدون ذلك فلا تدل على حرمته.
والحاصل أن التكتف بدون قصد العبودية والخضوع لا دليل على حرمته، إلا أن يقال إنه مكروه لإطلاق بعض الروايات التي وقع التكتف فيها ضمن سائر المكروهات، أو يقال بأنه مستلزم لترك المستحب وهو وضع اليدين على الفخذين، فلا مانع منه.
وأما بطلان الصلاة فلا دليل عليه كما قال صاحب الرياض رحمه الله، وإن الاحتياط في تركه بسبب دعوى الإجماع عليه كما تقدم.
ويمكن أن يقال إن حرمة العمل لا تتوقف على كونه ماحياً للصلاة، بل كل فعل التزم المصلي بالإتيان به في الصلاة ولم يرد أنه منها فهو غير جائ والفرق بين حك الجسد أو وضع اليد على رأسه ونحوه أنه لا يكون فيها التزام، بخلاف وضع إحدى اليدين على الأخرى على ما تصنعه العامة، وإن لم يكن بقصد التشريع وبقصد الخضوع والعبودية، فمع ذلك يكون منهيا عنه أيضاً.
فلا وجه للإشكال على صحيحة علي بن جعفر في دلالتها على عدم جواز نفس العمل. المؤيد بما ورد في قنوت الفريضة وأنه لا يجوز إمرار اليدين على الوجه والرأس، مع أنه ليس ماحياً للصلاة ولا فعلاً كثيراً. نعم، لا يدل على ذلك على بطلان الصلاة، فلا دلالة بقوله "لا يعود" على عدم الحرمة بل على عدم الفساد.
رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ نَحْوَهُ وَ زَادَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي صَلَاتِهِ أَ يَضَعُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى بِكَفِّهِ أَوْ ذِرَاعِهِ قَالَ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَعُودُ لَهُ[5] .
ويمكن أن يستدل على الكراهة بما ورد في رواية العلامة المجلسي عن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَبَعِيِّ نَقْلًا مِنْ جَامِعِ الْبَزَنْطِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فَإِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَاخْشَعْ فِيهَا إِلَى أَنْ قَالَ وَ لَا تُكَفِّرْ وَ لَا تُوَرِّكْ.[6] .
و ما في دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كُنْتَ قَائِماً فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَ لَا الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَإِنَّ ذَلِكَ تَكْفِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ لَكِنْ أَرْسِلْهُمَا إِرْسَالًا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا يَشْغَلَ نَفْسَكَ عَنِ الصَّلَاةِ.[7]
وفي فقه الرضا عليه السلام: وَ لَا تَضَعْ يَدَيْكَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ لَكِنْ أَرْسِلْهُمَا إِرْسَالًا فَإِنَّ ذَلِكَ تَكْفِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ.[8]
وفي رواية مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ يَضَعُ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى ذِرَاعِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ دَخَلُوا مُتَمَاوِتِيْنِ كَأَنَّهُمْ مَوْتَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ خُذْ مَا آتَيْتُكَ بِقُوَّةٍ فَإِذَا دَخَلْتَ الصَّلَاةَ فَادْخُلْ فِيهَا بِجَلَدٍ وَ قُوَّةٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ فَإِذَا طَلَبْتَ الرِّزْقَ فَاطْلُبْهُ بِقُوَّةٍ.[9] تدل على أن التكفير كان بين اليهود وأهل الكتاب.