47/03/03
بسم الله الرحمن الرحیم
مبطلات الصلاة
الموضوع: مبطلات الصلاة
واستدل المشهور بوجوه.
الأول: الإجماع، وهو منقول ولم يثبت لوجود المخالف؛ فإن ابن الجنيد قال: "تركه مستحباً"، وأبي الصلاح قال: "فعله مكروهاً" وفي المعتبر
الوجه عندي الكراهية[1] . مضافاً إلى احتمال وجود مستنده فهو محتمل المدركية، كما يأتي.
الثاني: الاحتياط.
الثالث: بأن أفعال الصلاة متلقاة من الشارع ولم يثبت شرعاً. وقال في المعتبر: "إذا لم يوجد ما يدل على عدم الجواز، بل الأوامر المطلقة بالصلاة أو القراءة غير مقيدة بعدمه، دالة بإطلاقها على عدم المنع، فمع الشك يجري البراءة".
الرابع: أنه فعل كثير خارج عن الصلاة. وأجاب عنه: "فإنه غاية في الضعف؛ لأن وضع اليدين على الركبتين ليس بواجب، ولم يتناول النهي وضعهما في وضع معين، فكان للمكلف وضعهما كيف شاء، وليس فعلاً ماحيا للصلاة".
الخامس: ما تدل عليه الروايات، منها:
صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: قُلْتُ الرَّجُلُ يَضَعُ يَدَهُ فِي الصَّلَاةِ وَ حَكَى الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَقَالَ ذَلِكَ التَّكْفِيرُ لَا تَفْعَلْ.[2] وهي واضحة الدلالة.
و صحيحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَ عَلَيْكَ بِالْإِقْبَالِ عَلَى صَلَاتِكَ إِلَى أَنْ قَالَ وَ لَا تُكَفِّرْ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ.[3]
و رواه حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: وَ لَا تُكَفِّرْ إِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ.[4]
و منها معتبرة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ أَخِي قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَضْعُ الرَّجُلِ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ عَمَلٌ وَ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ عَمَلٌ.[5]
و منها ما رواه الصدوق في الْخِصَالِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع فِي حَدِيثِ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَالَ: لَا يَجْمَعُ الْمُسْلِمُ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ يَعْنِي الْمَجُوسَ.[6] وتقدم أنها صحيحة فتكون دليلاً؛ فإن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد ورد في زيارة الحسين عليه السلام التي قال عنها الصدوق رحمه الله: "هي أصح الزيارات".
و منها ما رواه العلامة المجلسي عن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَبَعِيِّ نَقْلًا مِنْ جَامِعِ الْبَزَنْطِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فَإِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَاخْشَعْ فِيهَا إِلَى أَنْ قَالَ وَ لَا تُكَفِّرْ وَ لَا تُوَرِّكْ.[7] وإذا أحرز طريق الجبعي إلى الشيخ رحمه الله فيمكن اعتباره.
و منها ما في دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كُنْتَ قَائِماً فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَ لَا الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَإِنَّ ذَلِكَ تَكْفِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ لَكِنْ أَرْسِلْهُمَا إِرْسَالًا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا يَشْغَلَ نَفْسَكَ عَنِ الصَّلَاةِ.[8] فهي مؤيدة
والحاصل: أنه في الصورة الأولى لا إشكال في كونه حراماً تكليفاً ووضعاً - أي كونه مبطلاً - إذا قصد الجزئية أو مقيدة به؛ فإنه تشريع وزيادة موجبة للبطلان.
وفي الصورة الأخيرة لا إشكال في الجواز، بل قد يقال بوجوبه والإشكال في تركه كما يأتي.
بقي الكلام في الصورتين الثانية والثالثة:
فلا إشكال في الصورة الثانية في الحرمة؛ لأنه تشريع وهو حرام، ولكن هل يوجب البطلان؟ فهو محل خلاف. ظاهر المشهور هو البطلان كما عن الماتن ومن لم يعلق، ولكن عن جماعة عدم البطلان كما ذكرنا.
وأما الصورة الثالثة فظاهر المشهور أيضاً الحرمة والبطلان بدعوى الإجماع، بخلاف صاحب العروة ومن تبعه ممن لم يعلق، بناءً على أنه بنفسه حرام ومبطل كالقهقهة والتكلم. ولكن عن جماعة كالمحقق في المعتبر وصاحب الجواهر والمحقق الهمداني في المصباح والسيد الاستاذ وجماعة من المعلقين: الكراهة وعدم الحرمة لا البطلان، وإن احتاطوا بسبب دعوى الإجماع، واستدل على قول المشهور بالوجوه الخمسة التي تقدمت، ونوقش في جميعها بناءً على شمولها للصورتين.
والمهم منها الوجه الرابع: الفعل والعمل الكثير، والخامس: الروايات.
أما الفعل الكثير فقد نوقش بأن الفعل إذا كان ماحياً للصلاة فهو مبطل ولا يجوز قطعاً، فإنه لا فرق بين وضع إحدى اليدين على الأخرى وبين وضعهما على الفخذين أو الظهر أو الرأس ونحوهما، فلا يحتمل فيه البطلان، بل الأول مستحب ولا يكون الماحي للصلاة مستحباً بالضرورة.