47/02/29
بسم الله الرحمن الرحیم
مبطلات الصلاة
الموضوع: مبطلات الصلاة
الثالث: التكفير بمعنى وضع إحدى اليدين على الأُخرى على النحو الّذي يصنعه غيرنا إن كان عمداً لغير ضرورة، فلا بأس به سهواً و إن كان الأحوط الإعادة معه أيضاً، و كذا لا بأس به مع الضرورة بل لو تركه حالها أشكلت الصحّة و إن كانت أقوى، و الأحوط عدم وضع إحدى اليدين على الأُخرى بأيّ وجه كان، في أيّ حالة من حالات الصلاة و إن لم يكن متعارفاً بينهم، لكن بشرط أن يكون بعنوان الخضوع و التأدّب، و أمّا إذا كان لغرض آخر كالحك و نحوه فلا بأس به مُطلقاً حتّى على الوضع المتعارف.
يقع الكلام في التكفير من جهات:
الجهة الأولى: الحكم وضعاً وتكليفاً.
الجهة الثانية: موضوعه.
الجهة الثالثة: في المسائل.
و قبل بيان هذه الجهات و الكلام فيها ينبغي ذكر أمرين: الاول: في بدء التكفير، والثاني: صوره.
أما الاول : مبدؤه:
وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى في الصلاة، فلم يثبت في زمن النبي صلى الله عليه وآله، ولو كان قد عمل به النبي صلى الله عليه وآله خلال زمن طويل لشاع وبان وأصبح من الواضحات المتواترة كسائر أفعال الصلاة.
وكيف يخفى مثل هذا حتى وقع الخلاف بين الأصحاب؟ فنسب إلى جماعة عدم الاعتراف به، كما حكي عن عبد الله بن الزبير والحسن البصري والنخعي وغيرهم وأنهم كانوا يرسلون أيديهما ولا يضعون إحداهما على الأخرى، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وعدم الوضع، وعليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم.
وعن بعضهم التخيير بين الإرسال والوض وكيف يختلفون بينهم في الوضع وأنه تحت السرة أو فوقها؟ مضافاً إلى أنه لم ترد رواية مسندة عن النبي صلى الله عليه وآله بذلك إلا من وائل بن حجر قال: "رأيت في نسخة - أو صليت مع النبي صلى الله عليه وآله - ورأيته... ووضع كف اليمنى على اليسرى".
وعن سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع يده اليمنى على ذراعه في الصلاة"، وقال بعضهم: "لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله" رواه البخاري، وهذا صريح في الرف
وورد عن ابن مسعود كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي | فوضع يده اليمنى على اليسرى
ورواية أخرى عن عائشة بأن ثلاثة من النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور، ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة. أيضاً بدون النسبة عن النبي صلى الله عليه وآله
أفبهذا يثبت هذا الأمر المهم؟ ولذلك كثر السؤال عن حكمه من الأئمة عليهم السلام، فأجابوا بعدم جوازه.
فيظهر من جميع ذلك أنه من البدع المستحدثة بعد عصره صلى الله عليه وآله، ومبدأه إما في زمن الخليفة الأول أو الثاني كما هو الأشهر
والمعروف أنه لما جيء بأسارى الفرس إليه وشاهدهم على هذه الهيئة، فاستفسر عن العلة، فأجيب: إنهم هكذا يصنعون أمام ملوكهم تعظيماً وإجلالاً، فاستحسنه وأمر بوضعه في الصلاة؛ لأنه تعالى أولى بالتعظيم.
الثاني: صوره
يتصور التكفير على انحاء:
أحدها: أن يقصد به الجزئية للصلاة، وأنه من واجباتها كالقيام و غيره من واجبات الصلاة، ولا شبهة في حرمته ومبطليته، أما حرمته فبسبب التشريع، وأما مبطليته من جهة الزيادة العمدية، وهذا واضح.
ثانيها: أن لا يقصد به الجزئية بل يؤتى بعنوان العبودية والخضوع والخشوع المأمور بها في الصلاة، كما هو دارج عند العامة، حيث يعتبرون التكفير سنة، ولا ريب في حرمته أيضاً لمكان التشريع، وأما البطلان فمقتضى القاعدة عدمه؛ لأنه عمل خارج عن الصلاة كالنظر إلى الأجنبية، ويأتي في الأدلة أنه باعتبار النهي الوارد في بعض الروايات، أو من جهة كونه عملاً في الصلاة، يأتي الكلام هل يمكن ان يقال أنه مبطل أو لا.
ثالثها: أن يؤتى به لا بقصد الجزئية ولا بقصد الخضوع والعبودية، فهل هذا محرم ومبطل أو لا؟ فهو أيضاً محل الكلام، وأنه هل نفس الفعل حرام ولو بعدم قصد شيء منهي عنه وموجب للحرمة والبطلان أو لا؟ يأتي.
رابعها: أن يؤتى به بقصد التقية أو لرفع الداء ونحوه، ففي هذه الصورة لا إشكال في عدم الحرمة، بل قد يكون واجباً.
أما الحكم، ففي الجواهر: "المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً، بل في الخلاف والغنية والدروس والانتصار: الإجماع على عدم جوازه، بل لا أجد خلافاً إلا من الاسكافي فجعل تركه مستحباً، وأبي الصلاح فعله مكروهاً.