« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

بطلان النسخ في الآية الثالثة والرابعة والثلاثين و تمامية النسخ في الآية الخامسة والثلاثين

موضوع: بطلان النسخ في الآية الثالثة والرابعة والثلاثين و تمامية النسخ في الآية الخامسة والثلاثين

 

الآية الثالثة والثلاثون التي أدعي نسخها قوله تبارك وتعالى:

﴿وفي أموالهم حق للسائل والمحروم﴾[1]

والآية الرابعة والثلاثون وهي بنفس مفادها وهي قوله تعالى:

﴿والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم﴾[2]

فقد وقع الخلاف في أن هاتين الآيتين الكريمتين.

هل هما منسوختان بآية الزكاة أم هما محكمتان لم ينسخا؟

ووجه الاختلاف في الإحكام والنسخ هو في المستفاد من قوله تبارك وتعالى ﴿والذين في أموالهم حق معلوم﴾.

فما المراد بالحق المعلوم؟

يوجد فيه احتمالات ثلاثة على بعضها يتم النسخ وعلى بعضها الآخر لا يتم النسخ:

الاحتمال الأول: المراد بالحق المعلوم الزكاة الواجبة والمفروضة وهي حق الله تبارك وتعالى في أموال الناس.

الاحتمال الثاني: أن يكون المراد بالحق المعلوم فرض مالي آخر غير الزكاة أي أن الله تبارك وتعالى كما اوجب الزكاة في مال العبد أوجب عليه ضريبة أخرى غير الزكاة.

الاحتمال الثالث: أن يكون المراد بالحق المعلوم أمرا ماليا آخر غير الزكاة إلا أنه مستحب ومندوب وليس بواجب إذن هذا الحق المعلوم إما أن يكون الزكاة وإما أن يكون واجبا غير الزكاة وإما أن يكون حقا مستحبا ليس بزكاة ولا بواجب هذه احتمالات ثلاثة.

بناء على أن المراد بالحق المعلوم هو واجب مالي وفرض مالي غير الزكاة تكون الآية منسوخة بالزكاة. لأنه قد ثبت أن الزكاة قد نسخت كل صدقة واجبة في القرآن الكريم.

وقد اختار هذا الوجه جماعة من العلماء.

والمراد بالصدقة الزكاة فإذا حملنا الحق المعلوم على أنه واجب مالي غير الزكاة فتكون الآيات الدالة على وجوب الزكاة ناسخة لهذا الحق المالي الواجب إذ أنه قد ثبت بالدليل أنه لم يجب من الصدقات إلا الزكاة فتكون آية الزكاة ناسخة لآية الحق المعلوم ولا تقل الخمس لأن الخمس ليس بصدقة آيات كتاب الله كما أوجبت الزكاة أوجبت الخمس لكن الخمس ليس بصدقة ولا زكاة لذلك يقولون الصدقة على قسمين صدقة واجبة وهي الزكاة وصدقة مستحبة.

وأما بناء على الاحتمالين الآخرين وهو أن المراد بالحق المعلوم هو الزكاة فحينئذ لا ناسخ لها إذ أن الآيات الأخرى الدالة على الزكاة تكون مؤكدة لها كما أنه لو حملنا الحق المعلوم على الحق الثالث وهو الحق المستحب لا الواجب فحينئذ لا ناسخ لهذا الحق المستحب لأن الزكاة حق واجب وليست بحق مستحب.

إذن لو حملنا الحق المعلوم على حق واجب غير الزكاة تكون الآية منسوخة بالزكاة ولو حملنا الحق المعلوم على الزكاة الواجبة أو على حق مالي مستحب ليس بواجب تكون الآية بناء على هاذين المعنيين تكون الآية محكمة وليست منسوخة.

والتحقيق يقتضي اختيار الوجه الأخير: وهو حمل الحق المعلوم على حق مالي ليس بواجب وإنما هو مندوب ومستحب. فالمراد بالحق المعلوم شيء آخر غير الزكاة وهو أمر قد ندب إليه الشارع المقدس.

فقد استفاضة النصوص من الطريقين طريق الشيعة الإمامية وطريق أهل السنة بأن الصدقة الواجبة منحصرة بالزكاة. وقد ورد عن النبي "صلى الله عليه وآله" بيان المراد من هذا الحق المعلوم.

بعبارة أخرى هذا الغني الذي الله وسع عليه كل ما وسع عليه زيادة يستحب أن يبذل على الفقراء والمحتاجين زيادة مثل الأقربون أولى بالمعروف أنت غني وإخوانك فقراء ساعد إخوانك ارفع الكل عنهم هؤلاء عندهم عيال ساعدهم الإنفاق على الوالدين الإنفاق على الأقربين الإنفاق على الجيران الإنفاق على الأيتام في كل إنفاق مستحب نعم الإنفاق على الوالدين إذا ليس لهما معين يكون واجبا عليه.

وقد دلت الروايات من طرق السنة والشيعة على أن المراد بالحق المعلوم أمر مندوب وليس بواجب فهو مغاير للزكاة.

أما روايات الشيعة الإمامية يذكر السيد الخوئي روايتين وروايات السنة يذكر السيد الخوئي روايتين:

الرواية الأولى من طرق الشيعة روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني بإسناده عن أبي بصير قال كنا عند أبي عبد الله "عليه السلام" الإمام الصادق ومعنا بعض أصحاب الأموال تجار فذكروا الزكاة فقال أبو عبد الله "عليه السلام" (إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها وإنما هو شيء ظاهر إنما حقن بها دمه وسمي بها مسلما ولو لم يؤدها لم تقبل صلاته وإن عليكم في أموالكم غير الزكاة فقلت أصلحك الله وما علينا في أموالنا غير الزكاة فقال سبحان الله أما تسمع الله يقول في كتابه والذين في أموالهم إلى آخر الآية حق معلوم للسائل والمحروم قال وقلت وماذا الحق المعلوم الذي علينا قال هو والله الشيء يعلمه الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو الشهر قل أو كثر غير أنه يدوم عليه)[3] أو في الجمعة ما المراد بالجمعة؟ يعني الأسبوع وليس المراد خصوص يوم الجمعة.

وروى أيضا بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله "عليه السلام" في قول الله تعالى والذين في أموالهم أهو سوى الزكاة يعني هو غير الزكاة فقال هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه الألف والألفين والثلاثة آلاف والأقل والأكثر فيصل به رحمه ويحتمل به الكل عن قومه[4] يعني يتحمل الكل يعني ما القي على كاهلهم من مصاريف وغير ذلك من الروايات عن الصادقين "عليهما السلام".

هذه روايات الشيعة الإمامية.

روايات العامة

الرواية الأولى وروى البيهقي في شعب الإيمان بإسناده عن غزوان بن أبي حاتم قال (بينا أبو ذر عند باب عثمان لم يؤذن له إذ مر به رجل من قريش قال يا أبا ذر ما يجلسك ها هنا فقال يأبى هؤلاء أن يأذنوا لي فدخل الرجل فقال يا أمير المؤمنين ما بال أبي ذر على الباب لا يؤذن له فأمر فأذن له فجاء حتى جلس ناحية القوم فقال عثمان لكعب الأحبار يا أبا إسحاق أرأيت المال الذي أدي زكاته هل يخشى على صاحبه فيه تبعة قال لا فقام أبو ذر ومعه عصا فضرب بها بين أذني كعب يعني ضربه على رأسه ثم قال يابن اليهودية أنت تزعم أنه ليس حق في ماله إذا أدى الزكاة والله تعالى يقول ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) يعني لو كان فيهم خصوصية رغم ذلك يقدمون الغير عليهم مثل والله يقول (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) والله تعالى يقول (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) فجعل يذكر نحو هذا من القرآن[5] يعني الآيات التي تدل على وجود حق معلوم في مال الإنسان.

الرواية الثانية وروى ابن جرير بإسناده عن ابن عباس أما الحق المعلوم سوى الصدقة يعني ما عدا الصدقة المراد بالصدقة الزكاة، المراد الصدقة الواجبة إن الحق المعلوم سوى الصدقة يعني ما عدا الصدقة الواجبة يعني ما عدا الزكاة هذا هو الحق المعلوم مثل ماذا؟ قال إن الحق المعلوم سوى الصدقة يصل بها رحما أو يقرئ بها ضيفا أو يحمل بها كلا أو يعين بها محروما.

وتبع ابن عباس على ذلك جملة من المفسرين وعلى هذا فلا نسخ في الآية المباركة. لان الحق المعلوم هو غير الزكاة فلا ناسخ للآية الكريمة.

هذا تمام الكلام في الآية الثالثة والثلاثين والرابعة والثلاثين واتضح أنهما ليسا منسوختين.

الآية الخامسة والثلاثون[6] وهي آية النجوى وقد ثبت نسخها عند الفريقين عند الشيعة الإمامية وعند السنة.

الآية الثانية عشر من سورة المجادلة:

﴿يا أيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فالله غفور رحيم﴾[7]

فقد ذهب أكثر العلماء إلى نسخها بالآية التي بعدها الآية رقم 13:

﴿أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون﴾[8]

فقد استفاضت الروايات من الفريقين عن طريق أهل السنة وعن طريق الشيعة الإمامية أن الآية المباركة لما نزلت لم يعمل بها غير علي "عليه السلام" فكان له دينار فباعه بعشرة دراهم فكان كلما ناجى الرسول "صلى الله عليه وآله" قدم درهما حتى ناجاه عشر مرات ثم نسخت الآية.

ما المراد بالنجوى؟

النجوى التكتم والإسرار بالكلام وإخفائه عن الناس[9] ، مثلا الآن أنا اشرح وأنت تناجيه يعني تتكتم كلامك وتسر إليه هذه هي النجوى، هذا كان يؤذي النبي إذا كل واحد يتناجى مع النبي ما شاء الله هم آلاف كل واحد يريده إليه يناجيه سرا هذا كل وقت النبي يذهب.

هذه الآية هي الآية الوحيدة التي لم يعمل بها إلا شخص واحد وهو أسد الله الغالب علي بن أبي طالب حتى النبي ما عمل بها لأن النبي هو يناجى لا أنه يناجي هذه الآية الوحيدة عمل بها أمير المؤمنين ثم نسخت.

أحاديث العمل بآية النجوى

الأولى رواية عن طريق الشيعة والثانية رواية عامية روى ابن بابويه الصدوق في كتاب الخصال بإسناده عن مكحول قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" لقد علم المستحفظون يعني من حفظوا الأحاديث من أصحاب النبي محمد "صلى الله عليه وآله" أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا قد شركته فيها وفضلته ـ اشترك معه وأفضل منه يعني ما أحد منهم يمتاز عني بمنقبة ـ ولي سبعون منقبة لم يشركني أحد منهم قلت يا أمير المؤمنين فاخبرني بهم فقال "عليه السلام" وإن أول منقبة وذكر السبعين وقال في ذلك وأما الرابعة والعشرين ـ الشيخ الصدوق في كتاب الخصال يذكر باب خصلتين باب أربعة وعشرين باب سبعين باب خمسين مثلا باب الخمسة خمسة توجب كذا وكذا في باب الرابع والعشرين هذا في الصدوق قطع هذه رواية طويلة فالرابعة والعشرين وضعها في الباب الرابع والعشرين وأما الرابعة والعشرين فإن الله "عز وجل" أنزل على رسوله إذا ناجيتم فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أتصدق قبل ذلك بدرهم والله ما فعل هذا أحد غيري من أصحابه قبلي ولا بعدي فأنزل الله "عز وجل" أأشفقتم[10] .

الثانية وروى ابن جرير بإسناده عن مجاهد قال قال علي "رضي الله عنه" آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها احد بعدي كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم فكنت إذا جئت إلى النبي "صلى الله عليه وآله" تصدقت بدرهم فنسخت فلم يعمل بها احد قبلي إذا ناجيتم[11] .

الثالثة قال الشوكاني واخرج عبد الرزاق وعبد الرحمين وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه علي بن أبي طالب قال (ما عمل بها احد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة) يعني آية النجوى[12] يعني عمل بها ساعة وليس المراد ساعة يعني ستين دقيقة ساعة يعني مدة من الزمن فيقول التقى الصفار إن هي إلا ساعة وقتل أصحاب الحسين يعني ليس المراد ساعة يعني خلال ساعة واحدة قتل أصحاب الإمام الحسين يعني برهة من الزمن مقدار من الزمن يعني ثلاث أربع ساعات مقدار من الزمن.

الرابعة واخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد الحميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عنه أيضا الإمام علي قال (إن في كتاب الله لآية ما عمل بها احد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى إذا ناجيتم كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها احد فنزلت أأشفقتم)[13] الروايات كثيرة يمكن مراجعة تفسير البرهان تفسير الطبري كتب الروايات وقد جمعها العلامة المجلسي في بحار الأنوار الجزء 17.

وتحقيق القول في ذلك

الآية الكريمة المنسوخة دلت على وجوب تقديم صدقة بين يدي مناجاة الرسول "صلى الله عليه وآله" فإن فيها خير وتطهير للنفوس والأمر بما فيه مصلحة العباد وهذا الحكم إنما يجب على من يجد ما يتصدق به أما من لا يجد ما يتصدق به فلا يجب عليه.

سؤال نجوى الرسول واجبة أو غير واجبة؟

الجواب غير واجبة قد يقال إنه مستحب تسأل عن دينك وغيره ولكن هذه النجوى غير الواجبة مشروطة بأمر واجب وهو التصدق ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا ـ وفعل الأمر يدل على الوجوب ـ بين يدي نجواكم صدقة﴾.

إذن النجوى ليست واجبة ولكنها مشروطة بأمر واجب وهو الصدقة ولكن يستحيل التكليف بغير المقدور إذا كان الشخص لا يجد ما يتصدق به فلا يجب عليه أن يتصدق لأنه يستحيل التكليف بغير المقدور.

سؤال ولا شك ولا ريب أن العقل يستقل بحسن التصدق ويحكم به الوجدان لماذا؟

أولا لأن فيه الفقراء والمساكين والمحتاجين فهم يستحقون الصدقات

ثانيا فيه تخفيف عن النبي "صلى الله عليه وآله" فإنه يوجب قلة مناجاته من الناس تصير لقاءات النبي لقاءات عامة يقل من يسر إليه ويطلبه بشكل خاص ولا يقدم على مناجاته بعد هذا الحكم إلا من كان حبه للنبي أكثر من حبه لأمواله.

ولا ريب أيضا في أن حسن المناجاة والصدقة لا يختص بوقت دون وقت ودلت الآية الثانية على أن عامة المسلمين إلا علي بن أبي طالب أعرضوا عن مناجاة الرسول إشفاقا عن الصدقة وحرصا على المال.

سبب نسخ صدقة النجوى

لا شك ولا ريب إن إعراض المسلمين عن نجوى النبي حرصا على أموالهم يضيع عليهم الكثير من المنافع والمصالح العامة ولأجل حفظ المنافع العامة وهذه المصالح رفع الله عنهم وجوب الصدقة عند مناجاة النبي تقديما للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة وعلى النفع على الفقراء وأمرهم الله "عز وجل" بالصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.

وبالتالي لابد من الالتزام بالنسخ لأن الموضوع واحد الآية التي توجب الصدقة موضوعها عند مناجاة النبي والآية التي تنفي وجوب الصدقة موضوعها أيضا عند مناجاة النبي.

إذن الآية منسوخة يعني من الآيات الستة وثلاثين التي تطرق إليها السيد الخوئي لم يثبت إلا الآية رقم 35 الآية 36 كما سيأتي سيتضح أنها ليست منسوخة وهذا هو القول المشهور عند الشيعة الإمامية لم يثبت في القرآن نسخ إلا خصوص آية النجوى.

فيكون هذا النسخ من القسم الأول من نسخ الكتاب يعني ما كانت الآية الناسخة ناظرة إلى انتهاء أمد الحكم المذكور في الآية المنسوخة يعني له أمد معين هذه الساعة من النهار التي تصدق فيها أمير المؤمنين.

قد يقال ما هي الثمرة من ذلك؟

الثمرة أن المسلمين عرفوا من قدم حبه للنبي ومناجاته للنبي على حبه لماله وقد اتضح لجميع المسلمين أنه أمير المؤمنين "عليه السلام" هو الذي تحقق فيه هذا الأمر.

نسخ هذا الحكم ليس من جهة أن هذا الحكم مختص بزمان دون زمان هذا الحكم عام وجوب التصدق عند مناجاة النبي المصلحة فيه ليست مختصة بزمان دون زمان المصلحة مطلقة لكن حرص الأمة على المال وإشفاق الأمة على تقديم الصدقة بين يدي النبي عند مناجاته كان مانعا من استمرار هذا الحكم فلم يدم هذا الحكم بسبب إشفاق المسلمين وبخلهم بأموالهم فنسخ وجوب التصدق وأبدل بالترخيص يجوز أن تتصدق.

سؤال وقد يعترض ويقال لمَ جعل الله "عز وجل" وجوب التصدق بين يدي نجوى النبي مع علمه منذ الأزل بوقوع المانع وأن المسلمين لم يتصدقوا؟

الجواب توجد حكمة في جعل هذا الحكم ثم نسخه وهي تنبيه الأمة وإتمام الحجة عليهم فقد ظهر للأمة ولغيرهم أن الصحابة كلهم آثروا المال على مناجاة الرسول "صلى الله عليه وآله" ولم يعمل بالحكم غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" لكن ترك المناجاة ليست بمحرم لأن مناجاة النبي ليست واجبة فترك المناجاة ليست معصية لأن المناجاة بنفسها ليست واجبة لكنها مشروطة بأمر واجب إذ أن وجوب الصدقة كان مشروطا بالنجوى فإذا لم تحصل النجوى فلا وجوب للصدقة ولا معصية في ترك المناجاة إلا أنه يدل على أن من ترك المناجاة يهتم بالمال أكثر مما يهتم بمناجاة النبي "صلى الله عليه وآله" إذن المناجاة ليست واجبة والمسلمون حينما تركوا المناجاة لم يرتكبوا معصية ولكن تركوا الأمر الراجح مناجاة النبي أمر راجح ولم يلتزم بهذه المناجاة وبشرطها وهو دفع الصدقة إلا أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين".

النتيجة النهائية الآية الخامسة والثلاثون نسخها تام.

يبقى الكلام في تفاصيل نسخ آية النجوى والحكمة منه.

حكمة تشريع صدقة النجوى يأتي عليها الكلام.

 


logo