40/06/17
إبطال دعوى نسخ الآية الخامسة عشر
موضوع: إبطال دعوى نسخ الآية الخامسة عشر
الآية الخامسة عشر [1]
التي ادعي نسخها قوله تبارك وتعالى:
﴿يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾[2]
فقد ذهب أكثر العلماء[3] إلى أنها منسوخة ولكن وقع الكلام في ناسخها يوجد قولان:
القول الأول قول قتادة ومجاهد أن هذه الآية منسوخة بتحريم الخمر وحكي هذا القول عن الحسن أيضا فبتحريم الخمر نسخت الآية التي تنهى عن الاقتراب من صلاة في حالة السكر. [4]
القول الثاني ما عن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾
وكلا هذين القولين ظاهر الفساد وسيتضح عند بحثهما.
البحث الأول مناقشة القول الأول وهو دعوى نسخ الآية بتحريم الخمر.
كما تعلمون القرآن الكريم تدرج في تحريم الخمر:
الآية الأولى ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ فنهت عن إتيان الصلاة في حالة السكر.
الآية الثانية ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكثر من نفعهما﴾[5] .
الآية الثالثة هي الصريحة في تحريم ﴿الخمر إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾[6] ثم الآية التي بعدها ﴿إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة في الخمر والميسر إلى أن يقول فهل انتم منتهون﴾[7] هذه الآية صريحة فاجتنبوه ثم الآية التي بعدها فهل انتم منتهون.
القول الأول يرى أن آية ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ قد نسخت بتحريم الخمر إما بالآيات الأخر كقوله فاجتنبوه وأما بالروايات. فما دل على تحريم الخمر ناسخ لمفاد الآية التي تنهى عن إتيان الصلاة في حالة السكر وفيه مناقشتان:
المناقشة الأولى الآية الكريمة ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ لا دلالة فيها على جواز شرب الخمر. وأما افتراض أن تحريم الخمر لم يكن في زمان نزول الآية وإنما ثبت تحريم الخمر بعد نزول هذه الآية فنسخ مفاد هذه الآية، فهذا مجرد افتراض. والآية الكريمة لم تتعرض لتحريم الخمر رخصة أو تحريما لم تتعرض لحكم الخمر رخصة أو عزيمة رخصة يعني يجوز شرب الخمر عزيمة يعني يحرم وأنت ملزم بترك شرب الخمر.
هذا تمام الكلام في المناقشة الأولى.
وبعبارة أخرى الآية الكريمة في مقام بيان شرط من شرائط الصلاة وهو توفر العقل. يشترط لكي تصلي أن يكون عقلك حاضرا حتى تعلم ما تقول. فالآية الكريمة تقول إن من شروط أداء الصلاة أن يكون العقل حاضرا لذلك ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ فهي في مقام بيان شرط وليست في مقام تحريم الخمر أو تجويز الخمر أصلا الآية غير ناظرة إلى جهة حرمة أو جواز الخمر هذا تمام الكلام في المناقشة الأولى.
المناقشة الثانية افتراض أن تحريم الخمر لم يكن ثابتا عند نزول الآية الكريمة وإنما ثبت بعد نزول الآية الكريمة هذا مجرد افتراض ولا دليل عليه. بل بعض الروايات تدل على أن تحريم الخمر كان موجودا قبل هذه الآية فكيف ينسخ مفاد هذه الآية بتحريم الخمر والحال إن تحريم الخمر سابق على هذه الآية.
فلا تتم دعوى النسخ.
نذكر روايتين ولكلا هاتين الروايتين رواية بنفس مفادها فلا داعي لتكرارها:
الرواية الأولى رواية ابن عمر قال نزلت في الخمر ثلاث آيات فأول شيء نزل ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما اكبر من نفعهما﴾[8] فقيل حرمت الخمر إذن بعد نزول هذه الآية فهم المسلمون أن الخمر حرام هذا قبل نزول آية ولا تقربوا الصلاة فقيل حرمت الخمر فقيل يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله "عز وجل" فسكت عنهم ـ لأن القرآن قال وإثمهما اكبر من نفعهما قالوا دعنا أن ننتفع بالفوائد الموجودة ـ ثم نزل هذه الآية ﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾[9] .
فهذه الرواية تدل على أن تحريم الخمر سابق على نزول هذه الآية فيصير دعوى أن الخمر لم يكن محرما زمن نزول الآية مجرد افتراض لا دليل عليه بل الدليل على عكسه هذه الرواية الأولى.
وروى نحو ذلك أبو هريرة من أن آية وإثمهما أكثر من نفعهما سابقة على آية ﴿ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾.
الرواية الثانية روى أبو ميسرة عن عمر بن الخطاب قال لما نزل تحريم الخمر إذن في البداية نزل تحريم الخمر قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآية في سورة البقرة ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾. قال فدعي عمر فقرأت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ إذن تحريم الخمر كان سابقا على هاتين الآيتين ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ والآية الأخرى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ هذا بنص هذه الرواية.
فكان منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا أقام الصلاة نادى لا يقربن الصلاة سكران فدعي عمر فقريت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعي عمر فقرأت عليه الآية ﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾ هذه الآية 90 من المائدة الآية رقم 91 ﴿إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم إلى آخر الآية فهل انتم منتهون﴾ فنزلت الآية في المائدة فدعي عمر فقرأت عليه فلما بلغ فهل انتم منتهون قال فقال عمر انتهينا[10] . وأخرج النسائي أيضا هذا الحديث باختلاف يسير في ألفاظه[11] وهو يدل على أن تحريم الخمر سابق على نزول هذه الآية فلا يتم دعوى النسخ هذه الآية بتحريم الخمر.
هذا تمام الكلام في مناقشة القول الأول.
وأما القول الثاني وهو الذي يدعي أن آية ﴿يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ قد نسخت بقوله "عز وجل" ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾[12] .
فهذا القول ليس بتام لأن وجوب الوضوء عند القيام للصلاة لا مساس له بمضمون الآية المباركة ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ حتى يكون ناسخا لها فلا تتم دعوى النسخ.
ولكن قد ينتصر لمن ادعى النسخ ببيان نكتة مهمة جدا فيقال:
هكذا إن النهي عن القرب إلى الصلاة حالة السكر لا يراد به مطلق حالة السكر وإنما يراد به خصوص مرتبة معينة من السكر بحيث لا يبلغ الشخص إلى حد الغفلة عن التكاليف وامتثالها لأن المكلف إذا وصل إلى درجة يغفل عن التكاليف وامتثالها ولا يلتفت إليها يكون تكليفه حينئذ قبيحا فمن شرب من الخمر كثيرا بحيث غاب عن وعيه وذهب عقله فكيف يجوز تكليفه بخطاب ويقال له لا تقرب الصلاة وأنت سكران.
إذن الآية ﴿ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ تعني لا تقربوا الصلاة إذا شربتم الخمر وسكرتم فيما إذا لم يذهب عقلكم بالكامل وأما من ذهب عقله بالكامل فلا معنى لخطابه لأنه غائب الوعي فكيف يخاطب وإذا افترضنا أن شخصا سكر وشرب الخمر من دون أن يصل إلى حد غياب الوعي والعقل أي كان مدركا فهذا المقدار من السكر لا يعني ارتفاع تكليف وجوب الصلاة عليه فهو مكلف بالصلاة بالإجماع وإذا كلف بالصلاة بالإجماع يجب عليه أن يتوضأ وبالتالي تكون آية ﴿ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ منسوخة بآية ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾.
دعوى النسخ قائمة على التفريق بين مرتبتين من السكر:
المرتبة الأولى تؤدي إلى غياب الوعي والعقل
المرتبة الثانية لا تؤدي إلى غياب الوعي والعقل
ويحمل قوله "عز من قائل" ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ إلى النهي عن الإتيان بالصلاة في خصوص المرتبة الثانية السكر الذي لا يصل إلى مرتبة ذهاب العقل بالكامل لأنه والوجه في هذا الحمل لأن السكران في المرتبة الأولى الذي ذهب وعيه لا يجوز خطابه ولا يعقل خطابه لأنه غير مدرك فكيف ينهى عن شرب الخمر وكيف ينهى عن إتيان الصلاة وهو لا عقل له؟
إذن يتعين حمل الآية ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ على خصوص مرتبة السكر التي لا تؤدي إلى ذهاب العقل بالكامل إذا لم يذهب عقله بالكامل هو مكلف بالصلاة إجماعا فتصير الآية الأولى ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ تسقط عنه الصلاة الآية الثانية ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾ تأمره بالوضوء وبالتالي بالصلاة فتكون آية ﴿فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾ مثبتة لوجوب الوضوء والصلاة وناسخة للآية الأولى ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ التي نهت عن إتيان الصلاة في حالة السكر.
والجواب
في بيان نكتة أصولية بديعة وحلوة:
هناك قاعدة في علم الأصول تقول الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لكن ينافيه خطابا وتفسير هذه الآية الأصولية المحكمة في بيان المثال التالي.
لو افترضنا أن شخصا من الأشخاص ذهب إلى أعلى عمارة مكونة من مئة طابق ورمى بنفسه من أعلى المائة طابق وأراد أن ينتحر فهنا وهو يسقط هل يجوز للشارع أن يخاطبه لا تنتحر هو مضطر ليس بمقدوره أن يمنع نفسه عن الانتحار والموت إن قلت يمنعه قبل أن يلقي بنفسه قبل أن يلقي بنفسه لم ينتحر حتى ينهاه لا تنتحر بالتالي لا يعقل توجيه خطاب لا تنتحر إليه قبل انتحاره وإذا أقدم على الانتحار لا يصح خطابه لأنه غير قادر هذا نفس الكلام.
الآن في الآية ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ إذا هو سكران غائب عن الوعي ما يعقل خطابه إذا قبل ما يصل إلى درجة الثمالة ويغيب عن الوعي يعقل خطابه لكن هو ما وصل إلى درجة غياب الوعي بالكامل فيقولون هكذا بالنسبة إلى الانتحار هذا اضطر إلى الموت والانتحار عند سقوطه من الطابق مئة إلى الأسفل ولكن هذا الاضطرار بسوء اختياره لا بحسن اختياره هو الذي رمى بنفسه من أعلى الطوابق أو من أعلى الشاهق يقولون هكذا الاضطرار بسوء الاختيار يعني الانتحار بسوء اختياره لا ينافي الاختيار عقابا يعني هو يستحق العقاب على انتحاره لأنه هو مختار ابتداء ومضطر بقاء هو ابتداء لما صعد الطوابق المائة أو صعد الجبل كان مختار ولما ألقى بنفسه كان مختار فهو حدوثا من حيثية الحدوث هو مختار لكن من حيثية البقاء ليس بمختار من حيثية الاستمرار ليس بمختار يعني لما رمى نفسه من قمة الجبل أو من أعلى الطابق المائة هو غير مختار صار مضطر إلى الموت.
فيقولون لا يعقل توجيه الخطاب إليه وهو يسقط يعني بلحاظ حيثية البقاء بلحاظ حيثية الاستمرار لا يوجه إليه خطاب لا تنتحر مثل السكران الذي غاب عنه الوعي لا يعقل أن يوجه له خطاب لا تقرب الصلاة هو ما عنده وعي كيف تخاطبه ﴿لا تقرب الصلاة﴾.
ولكن يعقل توجيه الخطاب إليه بلحاظ فترة ما قبل السكر الكامل يعقل توجيه الخطاب إليه بلحاظ فترة ما قبل أن يلقي بنفسه من الشاهق لأنه مختار في هذه الحالة ليس بمضطر فهنا يصح عقابه إذا مات الله يعاقبه يدخله النار بلحاظ حيثية الحدوث سوء اختياره هو صحيح.
الآن مضطر فيقولون الاضطرار بسوء الاختيار موته اضطرارا لا ينافي الاختيار يعني لا ينافي أنه ابتداء كان مختارا لا ينافي الاختيار عقابا يعني يعاقب على سوء اختياره ابتداء لكن ينافيه خطابا يعني لا يعقل توجيه خطاب لا تنتحر إلى المضطر إلى السقوط الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لكن ينافيه خطابا يعني هو يعاقب على سوء اختياره ابتداء ولا يخاطب بخطاب لا تنتحر لأنه مضطر بقاء واستمرارا هكذا الحال بالنسبة إلى السكران، السكران هذا السكران إذا وصل إلى درجة لا يعي ما يقول هذا في هذه الحالة لا يعقل خطابه لا تقرب الصلاة هو غائب عن الوعي بالكامل أصلا لا يعرف أنت إنسان أو جدار فلا يعقل خطابه لا تصلي وأنت سكران ولكن يعقل عقابه لسوء اختياره ابتداء لأنه شرب الخمر ابتداء فبالتالي يصح عقابه في هذه الحالة.
بعد بيان هذه المقدمة نجيب هذه الدعوى:
من ادعى النسخ في الآية الكريمة من ادعى النسخ هكذا كان مفاده يقول ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ ناظرة إلى مرتبة من لم يصل إلى درجة غياب الوعي بالكامل وبالتالي آية ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم﴾ تثبت وجوب الصلاة وبالتالي فتكون آية الوضوء ناسخة لآية ﴿لا تقربوا الصلاة﴾ لأنه يعقل توجيه التكليف إليه حال وجود الوعي لديه.
الجواب نقطتين:
النقطة الأولى من قال إن الآية الكريمة ناظرة إلى مرتبة من لديه شعور ومن لديه وعي وإدراك بالعكس الآية الكريمة ناظرة إلى مرتبة من لا وعي له ولا عقل له بقرينة قوله "عز وجل" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ يعني كي تعلموا ما تقولون يعني هي ناظرة في النهي إلى مرتبة غياب الوعي بالكامل.
وبالتالي هذا النهي:
إما أن يحمل على النهي المولوي
وإما أن يحمل على النهي الإرشادي
﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ إن حملت على المولوية يصير حرمة تكليفية يعني لا يجوز أن تصلي حالت السكر.
وإن حمل على النهي الإرشادي يعني هذا إرشاد إلى فساد الصلاة حالة السكر وأنه يشترط في الصلاة كمال العقل ووجود الوعي والإدراك الكامل.
وبناء على كلا الحملين إما النهي المولوي فتكون الحرمة تكليفية وإما النهي الإرشادي فلا توجد حرمة تكليفية ولا يوجد إثم وإنما الصلاة تكون غير صحيحة.
هنا لا توجد منافاة بين النهي وبين فقدان الشعور لأنه إقامة الصلاة في هذا الحال غياب الوعي بالكامل وإن كانت غير مقدورة إلا أن فقده لهذا الشعور كان باختياره ابتداء والممتنع بالاختيار لا ينافي صحة العقاب عليه عقلا فيصح تعلق النهي بالصلاة قبل أن يتناول المسكر باختيار ومثل هذا كثير في الشريعة وبينا الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لكن ينافيه خطابا.
أمثلته كثيرة مثلا الآن شخص في البحر يريد أن يلقي بنفسه في المحيط هنا الشارع يصح له أن يقل له لا تغرق نفسك أو لا يصح قد تقول لا يصح أن يخاطبه لا تغرق نفسك لأنه الآن ما اغرق نفسه وإذا وقع في البحر لا يصح خطابه لا تغرق نفسك لأنه مضطر إلى الغرق ومجبور عليه.
الجواب الغرق بسوء الاختيار
كيف بسوء الاختيار؟
لما ألقى نفسه في البحر لا ينافي الاختيار عقابا يعني لا ينافي معاقبته بسبب اختياره لرمي نفسه في المحيط وفي البحر لكن ينافيه خطابا وهو يغرق مجبورا ومضطرا ما يصح خطابه لا تغرق لأنه غير قادر ويستحيل التكليف بغير المقدور.
إذن خلصنا بهذه النتيجة
النقطة الأولى الآية الكريمة ﴿لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ ناظرة إلى المرتبة الأخيرة التي يغيب فيها الوعي والقرينة على ذلك قوله تبارك وتعالى ﴿حتى تعلموا ما تقولون﴾
النقطة الثانية هذا لا يعني أنه يستحيل تعلق النهي بإتيان الصلاة في هذه المرتبة من السكر لأنه يصح النهي بلحاظ حالة ما قبل الاسكار ويكون هذا مفاد أنه الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لكن ينافيه خطابا أي أن العقل يحكم بجواز معاقبة الفرد الذي اختار بسوء اختياره شرب الخمر أو إلقاء نفسه من شاهق أو إغراق نفسه في البحر وإن لم يصح خطابه حين الغرق أو حين السقوط أو حين السكر لأنه غائب الوعي أو مضطر ولا يصح خطاب غائب الوعي بالكامل او المضطر لأنه يستحيل التكليف بغير المقدور ويشترط بالتكليف كمال العقل.
إذن النتيجة
الدعوى الثانية:
أن آية ﴿ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى﴾ وإنها منسوخة بقوله ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق غير تامة﴾
فتكون النتيجة النهائية إن الآية الخامسة عشر ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ لم يثبت نسخها لا بالقول الأول تحريم الخمر اللاحق لهذه الآية ولا بآية الوضوء.
هذا تمام الكلام في الآية الخامسة عشر.
الآية السادسة عشر يأتي عليها الكلام.