« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الرجم على المتعة ومزاعم حولها

موضوع: الرجم على المتعة ومزاعم حولها

 

الرجم على المتعة[1]

انتهينا بحمد لله "عز وجل" من بحث دعوى نسخ الآية الثالثة عشر وهي آية المتعة قوله تبارك وتعالى ﴿فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة﴾[2] .

واتضح أنه لم يثبت نسخ هذه الآية بآية أخرى من كتاب الله أو بروايات السنة الشريفة أو بالإجماع.

وفي ختام هذا البحث يتطرق السيد الخوئي "رحمه الله" إلى نقطتين:

النقطة الأولى روايات العامة الدالة على رجم المتمتع ثم يقول بعد اتضاح الأمر في أن الآية تامة الدلالة وعدم صحة نسخها كيف يصح رجم من يتمتع ولا أقل من دعوى الشبهة والحدود تدرى بالشبهات.

والنقطة الثانية يتطرق فيها تحت عنوان مزاعم حول المتعة إلى مزاعم صاحب تفسير المنار محمد رشيد رضا ويرد عليها وبهاتين النقطتين يكون مسك الختام في دعوى نسخ الآية الثالثة عشر ويتضح أن دعوى نسخها ليست تاما.

أما النقطة الأولى

الرجم عن المتعة

قد صح في عدة روايات وقد تقدم بعضها فيما سبق أن عمر حكم بالرجم على المتعة ويذكر السيد الخوئي "رحمه الله" أربع روايات ثم يعلق عليها:

الرواية الأولى ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري قال تمتعنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وإن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحجة والعمرة لله كما أمركم وأبتُوا نكاح هذه النساء فلم أتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة.[3]

أبت من البت وهو القطع أبتُ نكاح هذه النساء أي أقطع الأمر فيه فأحكموه بشرائطه يعني انهوا الموضوع بالنسبة إلى موضوع المتعة وأنه سفاح وليس بنكاح بنظر عمر بن الخطاب.

الرواية الثانية ما رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة أن خولة ابنة حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة ـ مولدة هي التي تقوم بالتوليد ـ فحملت منه فخرج عمر يجر ردائه فزعا فقال هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته[4] يعني ولو كنت تقدمت في النهي عن المتعة على تمتعه لرجمته لأنه تمتع بعد نهي إياه ولكن هذه المتعة كانت قبل أن ينهى عمر.

الرواية الثالثة ما رواه نافع عن عبد الله بن عمر إنه سئل عن متعة النساء فقال حرام أما إن عمر بن الخطاب لو اخذ فيها أحدا لرجمه[5]

إذن عبد الله بن عمر قال بمتعة الحج خلافا لأبيه يعني لم يقل بحرمة متعة الحج بل قال بجوازها خلافا لأبيه لكنه قال بحرمة متعة النساء وفاقا لأبيه.

الرواية الرابعة ونهج ابن الزبير عبد الله بن الزبير هذا المنهج وهو تحريم المتعة ورجم المتمتع فإنه حينما أنكر نكاح المتعة قال له ابن عباس مواجها عبد الله بن الزبير إنك لجلف جاف ـ يقال للرجل إذا جفا أنه جلف والجلف يطلق في اللغة على عدة معاني الأحمق، الفض، الغليظ، القاسي، الجاف فقول عبد الله بن العباس لعبد الله بن الزبير إنك لجلف جاف يعني إنك أحمق جاف قاس جاف غليظ جاف كل هذه المواصفات تنطبق ويتضح هذا من اتمام الرواية لأن عبد الله بن الزبير كان يحكم الحجاز وكانت بيده مكة ـ فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين ـ يقصد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ فقال له ابن الزبير فجرب بنفسك فوالله لأن فعلتها لأرجمنك بأحجارك.[6] أحمق قاسي غليظ.

وهذا من الغريب ويذكر السيد الخوئي "رحمه الله" خمس نكات:

النكتة الأولى كيف يستحق الرجم رجل من المسلمين خالف عمر في فتواه واجتهاده لكنه استند إلى قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإلى حكم الكتاب فهل من يتمسك بالكتاب والسنة ويخالف اجتهاد عمر بن الخطاب يقاد إلى الرجم سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.

النكتة الثانية فلنفرض أن من تمتع اجتهد واخطأ فليست الحدود تدرأ بالشبهات نقول عمر اجتهد ولم يخطأ فلنقل إن من تمتع اجتهد واخطأ والحدود تدرأ بالشبهات بأدنى شبهة يدرأ الحد.

النكتة الثالثة إن دعوى أن من تمتع اجتهد فاخطأ هذا فرض محض وخالص لأنه قد تبين أنه لا دليل على نسخ آية المتعة وأن خبر الواحد لا ينسخ الآية القرآنية المحكمة إجماعا عند جميع المسلمين.

النكتة الرابعة ما أبعد القول برجم المتمتع وعدم درء الحد عنه من قول أبي حنيفة وله قولان:

لأبي حنيفة قولان:

القول الأول يرى سقوط الحد إذا تزوج الرجل بامرأة نكاحا فاسدا وبإحدى محارمه في النكاح فلو عقد على أخته أو أمه ودخل بها وكان عالما بحرمة نكاحها وعالما بفساد العقد[7] فإنه قد ذهب إلى أن الحدود تدرأ بالشبهات وأن حد الزنا يدفع عنه لعقده عليها مع أنه يعلم أنها حرام عليه وأن العقد فاسد ذهب إلى أن الحد يدفع عنه ويدرأ عنه فكيف بمن يعتقد حلية المتعة ولا يدرأ عنه الحد.

النكتة الخامسة [القول الثاني] ذهب أبو حنيفة إلى أن الرجل إذا استأجر امرأة فزنا بها مثل خدامة أجيرة عنده وزنا بها سقط الحد لأن الله تعالى سم المهر أجرا وقد روي نحو ذلك عن عمر بن الخطاب أيضا انه ما دام استأجر المرأة فإن الحد يدرأ عنها لأن الله "عز وجل" أطلق على المهر أنه اجر فكيف يدرأ الحد عن من استأجر امرأة وزنا بها ولا يدرأ الحد عن من تمتع بامرأة ودفع لها الأجرة لأجل معين معتقدا حلية هذا النكاح المنقطع والمتعة ولا يدرأ عنه الحد.[8]

إذن يتضح أن القول برجم المتمتع يعود إلى فتوى عمر بن الخطاب وقد تبعه العامة وأهل السنة من دون النظر إلى الآيات والروايات وأقوال بعض الصحابة الذين خالفوا عمر في زعمه حرمة المتعة.

هذا تمام الكلام في النقطة الأولى الرجم على المتعة.

النقطة الثانية

مزاعم حول المتعة[9]

الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره المنار[10] الجزء الخامس صفحة 13 إلى صفحة 16 ادعى عدة ادعاءات وزعم عدت مزاعم ذكر السيد الخوئي منها ثلاثة مزاعم وثلاث دعاوى ورد عليها:

الدعوى الأولى زعم أن التمتع ينافي الإحصان بل يكون قصد المتمتع الأول هو المسافحة والزنا والعياذ بالله. لأن التمتع ليس من الإحصان في شيء وليس من الإحصان أن تؤجر المرأة نفسها كل مدة وكل طائفة من الزمن على رجل فتكون كما قيل:

كرة حذفت بصوالجة فتلقفها رجل رجلُ

هذا الزعم الأول وهذا غريب عجيب الآن في النكاح الدائم لو طلقت المرأة عشرين مرة وتزوجت عشرين مرة ما يصدق عليه في ملك اليمين. هذه الأمة لو اشتراها مئة رجل في هذه الحالة ما تحل حلية ملك اليمين إلى مئة رجل ما يصير فتلقفها رجل رجل كرة فصولجها. فكيف جاز في النكاح الدائم إلى طلقت المرأة وجاز في ملك اليمين إذا انتقلت في ملكية المرأة من مالك إلى مالك جاز أن يتلقفها رجل رجل وما صارت كرة وتصير كرة في صولجان ويتلقفها رجل رجل في المتعة.

الدعوى الثانية وزعم أن نكاح المتعة ينافي قوله تبارك وتعالى:

﴿والذي لهم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم وما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾[11]

يعني يصير من يتمتع ابتغاء وراء ذلك، يعني ابتغاء وراء ذلك يعني غير ذلك الآية خصت حفظ الفروج بالأزواج وما ملكت اليمين ﴿والذين لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم﴾ يجوز له أن ينكح زوجته ﴿أو ما ملكت إيمانهم﴾ يعني عبيدهم ﴿فإنهم غير ملومين﴾ إذا لم يحفظوا فروجهم فيصير محصن ﴿فمن ابتغى وراء ذلك﴾ يعني غير الأزواج وغير ملك اليمين ﴿فأولئك هم العادون﴾ وهذا غريب عجيب مع أن المتعة نكاح منقطع يعني زواج المتعة يقال له زوجة الزوجة إما دائمة أو منقطعة فتصير ضمن الشق الأول إلا على أزواجهم.

الدعوى الثالثة ذكر أن تحريم عمر بن الخطاب لم يكن من قبل نفسه فإن ثبت أن عمر بن الخطاب نسب التحريم إلى نفسه فمعناه أنه بين تحريم المتعة أو أن عمر بن الخطاب أنفذ ونفذ تحريم المتعة.

ثم بعد ذلك يقول محمد رشيد رضا استغفر الله عما كتبته في تفسير المنار من أن عمر بن الخطاب منع المتعة اجتهادا منه ووافقه على اجتهاده بعض الصحابة، عمر بن الخطاب بنفسه يقول متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا احرمهما وأعاقب عليهما[12] كلامه صريح في نسبة التحريم إلى نفسه هذا يأتي أول يقول لا هو بين تحريم المتعة أو نفذ تحريم المتعة وأستغفر الله من نسبة التحريم إلى أنه اجتهاد من عمر بن الخطاب هذه مزاعم ثلاثة.

السيد الخوئي "رحمه الله" يرد على هذه المزاعم الثلاثة:

الزعم الأول أن التمتع ينافي الإحصان فهذا مبني على ما يدعيه من أن التمتع وأن المتمتع بها ليست زوجة وقد اتضح فساد هذا القول وصدق عنوان النكاح والزواج على المتمتع بها.

ومن فساد هذا القول وهو عدم صدق عنوان الزوجة على المتمتع بها يظهر فساد توهم محمد رشيد رضا أن جواز التمتع ينافي الإحصان وينافي حفظ الفروج على غير الأزواج بل الصحيح أن التمتع يندرج ضمن البند الأول ﴿إلا على أزواجهم﴾.

وأما تعبيره عن عقد المرأة بإجارة نفسها وتشبيه المرأة بالكرة التي تتلقفها الأيدي فهو لو كان صحيحا لكان اعتراضا على تشريع هذا النوع من النكاح على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأن هذا التشبيه والتقبيح لا يختص بزمان دون زمان فيشمل زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا يشك امرؤ مسلم في أن التمتع كان حلالا على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله".

وقد اتضح فيما سبق إن حلية المتعة استمرت إلى أكثر عهد عمر بن الخطاب وكانت المتعة حلال في زمن الرسول "صلى الله عليه وآله" وزمن أبي بكر وأكثر عهد عمر.

ومن الغريب العجيب أن محمد رشيد رضا يصرح أنه لم يقصد غير بيان الحق وأنه لا يتعصب لمذهب ثم يجره التعصب إلى أن يشنع على ما ثبت في الشرع الإسلامي من حلية المتعة بالنكاح والسنة وإجماع المسلمين على حلية المتعة في عهد النبي وأن وقع الاختلاف بين المسلمين في نسخ هذا الحكم واستمرار هذا.

هذه النقطة الأولى في المناقشة لو كان هذا الاعتراض تام لكان هذا اعتراض على تحليل المتعة في عهد النبي.

المناقشة الثانية انتقال المرأة من رجل إلى رجل لو كان مانعا من جواز المتعة لكان مانعا من طلاق المرأة في العقد الدائم لأنها تنتقل من عصمة رجل إلى عصمة رجل آخر ولكان مانعا عن انتقال المرأة بملك اليمين ولم يستشكل احد من المسلمين في ذلك.

ولكن ماذا نقول له وقد ذهب إلى أمور غريبة عجيبة منها بطلان العقد الدائم إذا قصد الزوج من أول الأمر الطلاق بعد ذلك مخالفا لفتاوى فقهاء المسلمين الذين وصوا على جواز ذلك يجوز للرجل أن يعقد على امرأة ناويا الطلاق فمن أول الأمر يريد يطلقها مثلا افترض هذه امرأة طلقت من فلان بطلقات ثلاث فلا يجوز لها أن ترجع إليه إلا بمحلل فيأتي هذا الشخص يريد يحللها إلى زوجها يعقد عليها ويدخل عليها يريد يحللها إلى زوجها نيته أن يطلقها يجوز ما المانع من ذلك.

ومن الغريب أيضا ما وجه به نسبة عمر تحريم المتعة إلى نفسه هذا الزعم الثالث الذي يقول أن تحريم عمر لم يكن من قبل نفسه وإنما عمر بين التحريم أو أنفذه وليس اجتهاد من قبل عمر.

الجواب

نسبة عمر التحريم إلى نفسه يحتمل فيه ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول أن يكون اجتهادا في مقابل النص فقد اجتهد عمر بن الخطاب وجاء بفتوى تحريم المتعة في مقابل نص النبي والقرآن على جواز المتعة هذا الاحتمال الأول وهذا هو الذي نميل إليه ويمكن أن تقرؤوا كتاب الاجتهاد والنص للسيد عبد الحسين شرف الدين صاحب المراجعات فقد أحصا جملة موارد كثيرة كان فيها نص من القرآن أو النبي وخالفها عمر والصحابة ومنها المتعة.

الاحتمال الثاني أن يكون عمر قد اجتهد لكنه اجتهد وتوصل إلى أن النبي هو الذي حرمها فاجتهاده ليس عبارة عن فتواه وإنما اجتهاده عبارة عن التوصل إلى رأي النبي "صلى الله عليه وآله".

الاحتمال الثالث أن يكون كلام عمر رواية تحريم المتعة عن النبي "صلى الله عليه وآله" فعمر لم يجتهد وإنما نقل رواية تحريم المتعة عن النبي "صلى الله عليه وآله" والفرق بين الاجتهاد والرواية أن الرواية نقل عن حس والاجتهاد نقل عن حدس وإعمال نظر ثم يناقش السيد الخوئي الاحتمال الثاني والثالث فيبقى الاحتمال الأول وهو أن يكون عمر قد اجتهد في مقابل النص.

ولنبدأ بالاحتمال الأخير ونجعله احتمالا أولا وهو أن عمر بن الخطاب روى تحريم المتعة عن النبي "صلى الله عليه وآله"

وفيه أربعة أمور:

الأمر الأول دعوى أن يكون قول عمر رواية عن النبي لا يساعد عليه نسبة عمر التحريم والنهي عن المتعة إلى نفسه في كثير من الروايات فالكثير من الروايات يقول وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما فنسبة التحريم إلى نفسه يتنافى مع نسبة الرواية إلى النبي "صلى الله عليه وآله".

الأمر الثاني لو سلمنا أنما ذكره عمر من حرمة المتعة رواية عن النبي فهذا يتعارض مع ما تقدم من الروايات الدالة على إباحة وحلية المتعة في أوائل خلافة عمر بن الخطاب نفسه فإذا كان يروي عن النبي حرمة المتعة فلماذا لم يحرم المتعة في اغلب أيام خلافته واختص التحريم بأواخر أيام خلافته وبالتالي إذا كان يروي عن النبي أن المتعة حرام وبالتالي من يتمتع يثبت الرجم في أيام النبي وأبو بكر وعمر لماذا اختص الرجم بأواخر أيام عمر بن الخطاب.

الأمر الثالث إذا كان عمر يروي عن النبي حرمة المتعة أين كان عمر بن الخطاب في زمن خلافة أبي بكر ولم لا يظهر هذه الرواية لأبي بكر ولسائر المسلمين.

الأمر الرابع لو سلمنا بالنهاية وغضضنا النظر عن المناقشات الثلاث المتقدمة وسلمنا أنها رواية من عمر بن الخطاب فنقول غاية ما في الأمر خبر واحد وخبر الواحد لا يثبت به نسخ الآية الكريمة إجماعا بين المسلمين هذا تمام الكلام في مناقشة الاحتمال الأول وهو أن يكون عمر قد روى عن النبي حرمة المتعة.

الاحتمال الثاني وهو عبارة عن الاحتمال الثاني أيضا الذي تقدم وهو أن يكون قول عمر بن الخطاب اجتهادا منه بتحريم النبي "صلى الله عليه وآله" للمتعة.

وفيه مناقشتان:

المناقشة الأولى لا معنى لاجتهاد عمر بن الخطاب بأن النبي قد حرم المتعة بعد شهادة جماعة من الصحابة بإباحة المتعة في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" ومنهم حبر الأمة عبد الله بن العباس وجابر بن عبد الله الأنصاري وغيرهما وقد نص على أن المتعة كانت حلال في عهد النبي إلى وفاته.

المناقشة الثانية اجتهاد عمر حجة عليه وليس بحجة على غيره ممن لم يأمر بإتباع اجتهاد عمر ورأيه.

وفي الختام نقول الاحتمال الأول والثاني الأول أن يكون عمر روى عن النبي الثاني أن يكون عمر اجتهد أن النبي يرى حرمة المتعة هذان الاحتمالان مخالفان لتصريح عمر نفسه في خطبته متعتان كانتا على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما إذن انحصر الأمر في الاحتمال الأول وهو الاحتمال الثالث على هذا التقسيم أن عمر اجتهد على خلاف قول رسول الله "صلى الله عليه وآله".

ويوجد منبهان على ذلك:

المنبه الأول لأن عمر اجتهد من تلقاء نفسه لم تتبعه الأمة في تحريمه متعة الحج إلى يومنا هذا السنة يقولون بحج المتعة وحج التمتع التزموا بقول عمر في حرمة المتعة ولم يلتزموا بقوله في حرمة التمتع في الحج ومنهم أبنه عبد الله بن عمر.

المنبه الثاني لم تلتزم الأمة بثبوت حد الزنا في نكاح المتعة ولم يجروا حد الزنا على من يتمتع فاللازم على المسلم أن يتبع قول النبي وقول الله "عز وجل" الله "عز وجل" يقول ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾[13] أنت لا تكون مخير إذا الله "عز وجل" حكم بأمر أو رسوله.

وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (ما أحللت إلا ما حلل الله وما حرمت إلا ما حرم الله)[14] وقال "صلى الله عليه وآله" (هو الذي نفسه بيده ما يخرج منه إلا حق[15] ـ منه يعني من فمه ـ) كان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب كل ما يقوله النبي "صلى الله عليه وآله" فعابوه وقالوا يا عبد الله تكتب كل ما يقوله محمد وهو بشر يتكلم في الرضا والغضب ويخطأ فجاء عبد الله إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال (يا رسول الله أني اكتب كل ما تقول فقالوا لي تكتب كل ما يقول وهو بشر يتكلم في الرضا والغضب فقال "صلى الله عليه وآله" اكتب يا عبد الله فهو الذي نفسه بيده ما خرج منه ـ وأشار إلى فمه ـ إلا حق)[16] .

ومع هذا كله نجد القوشجي، القوشجي من أشهر التعليقات على كتاب تجريد الاعتقاد تعرفون كتاب تجريد الاعتقاد للمحقق الخواجة نصير الدين الطوسي ولم يفهم هذا الكتاب إلا بعد شرح تلميذه العلامة الحلي كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد هذا الكتاب عليه أكثر من ثمانين حاشية وشرح يعني هو الكتاب المحوري في علم الكلام كما أن كفاية الأصول هي قرآن الأصول وكتاب محوري في علم الأصول الشروح والتعليقات عليها كذلك تجريد الاعتقاد هو قرآن الكلام كتاب محوري في علم الكلام من أشهر التعليقات تعليقة القوشجي.

قال القوشجي في الاعتذار عن تحريم عمر المتعة خلافا لرسول الله وأجيب بأن ذلك ليس مما يوجب قدح فيه فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع، مجتهد يخالف النبي يعني النبي مجتهد وعمر مجتهد غريب عجيب هذا الكلام النبي وحي ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾[17] حتى السنة الذين قالوا بعدم عصمة النبي قالوا بعدم عصمة النبي في الأمور العادية وأما في التشريع فالنبي معصوم وهذا أمر تشريعي نكاح المتعة يعني النبي لا يخطأ في التشريع فكيف تقول عمر اجتهد وخالف النبي.

وقال الآمدي اختلفوا في أن النبي "صلى الله عليه وآله" هل كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه يعني هناك أمور لم ينص عليها الله "عز وجل" فهل كلام النبي واجتهاد النبي يمكن التعبد به أو لا هو مجتهد قد يخطأ فقال احمد بن حنبل والقاضي أبو يوسف إنه كان متعبدا به وجوز الشافعي في رسالته ذلك يعني التعبد من غير قطع يعني لم يجزم بأنه يجوز التعبد وبه قال بعض أصحاب الشافعي والقاضي عبد الجبار المعتزلي وأبو الحسين البصري ثم قال المختار جواز ذلك عقلا ووقوعه سمعا، جواز التعبد بمذهب النبي واجتهاد النبي يعني يتعاملون مع النبي.

وقال فيه أيضا القائلون بجواز الاجتهاد للنبي "صلى الله عليه وآله" اختلفوا في جواز الخطأ عليه في اجتهاده فذهب بعض أصحابنا إلى المنع من ذلك لأن النبي لا يخطأ في اجتهاده وذهب أكثر أصحابنا والحنابلة وأصحاب الحديث والجبائي من المعتزلة وجماعة من المعتزلة إلى جوازه يجوز للنبي أن يخطأ في اجتهاده لكن بشرط أن لا يقر عليه وهو المختار، أن لا يقر عليه يعني لا يبقى عليه يعني يخطأ لكن يتراجع.

هذا ما سنقوله في الختام

حاصل ما تقدم: آية التمتع لا ناسخ لها لا من الكتاب ولا السنة والإجماع وتحريم عمر بن الخطاب وموافقة جمع من الصحابة على رأيه إما طوعا أو كرها إنما كان اجتهادا في مقابل النص وقد اعترف بذلك جماعة وأنه لا دليل على تحريم عمر المتعة ولا يوجد دليل لديهم إلا نهي عمر أرادوا إتباع سنة الخلفاء كإتباع سنة النبي.

الختام مهم وعلى أي فما أجود ما قاله عبد الله بن عمر أرسول "صلى الله عليه وآله" أحق أن تتبع سنته أم عمر؟ وما أحق ما قاله الشيخ محمد عبدو في تفسير قوله تعالى ﴿الطلاق مرتان﴾[18] صفحة 520 في الملحق رقم 8 وهذا الملحق يشير إلى نكتة مهمة أن المهم هو اعتماد قول عمر من دون النظر إلى كتاب الله وسنة رسول الله المهم هو هذا.

طبعا عند السنة الطلاق ثلاث مرات يقع هو يقول لا يقع إلا مرة واحدة يقول ولا دليل على وقوعه ثلاث مرات إلا قول بعض أرباب الكتب من دون النظر إلى الكتاب والسنة هكذا يقول وليس المراد مجادلة المقلدين أو إرجاع القضاة والمفتين عن مذاهبهم فيها فإن أكثرهم يطلع على هذه النصوص في كتب الحديث وغيرها ولا يبالي بها لأن العمل عندهم على أقوال كتبهم دون كتاب الله تعالى وسنة رسوله، تفسير المنار الجزء الأول صفحة 386.

السيد الخوئي يعلق يقول وليته ذكر مثل هذا الكلام في بحث المتعة وذلك لما عرفت أن نكاح المتعة قد ثبت في الشريعة الإسلامية دون أن يثبت له ناسخ فلم يبقى للقائلين بتحريمه غير إتباع أقوال كتبهم دون كتاب الله وسنة رسول الله "صلى الله عليه وآله".

الآية الرابعة عشر يأتي عليها الكلام.

 


[7] الهداية، وفتح القدير ج4 ص147.
logo