« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

إمكان النسخ ووقوعه في التوراة والإنجيل

موضوع: إمكان النسخ ووقوعه في التوراة والإنجيل

 

إمكان النسخ [1]

تكلمنا فيما سبق عن النسخ في اللغة والاصطلاح.

وقلنا إن النسخ في اللغة يأتي بثلاثة معان وهي الاستكتاب أو النقل والتحويل أو الإزالة والمعنييان الثاني والثالث يتناسبان مع المعنى الاصطلاحي.

وأما النسخ في الاصطلاح فهو عبارة عن انتهاء أمد الحكم في الشريعة وهذا يقابل عن انتهاء أمد الشيء في التكوين وهو المعبر عنه بالبداء.

قلنا يشترك النسخ مع البداء في وجود أمد ومدة معينة تنتهي ويختلف النسخ مع البداء في أن النسخ هو عبارة عن انتهاء أمد الحكم في التشريع والبداء عبارة عن انتهاء أمد الشيء في التكوين.

وقلنا يوجد للبداء معنييان:

المعنى الأول لغوي وهو عبارة الظهور بعد الخفاء وهو مستحيل في حق الله "عز وجل" إذ يلزم منه الجهل إلى الله "عز وجل"

ومعنى آخر اصطلاحي وهو عبارة عن الإظهار بعد الإخفاء وهو المعنى الصحيح الذي يمكن نسبته إلى الله تبارك وتعالى.

بعد بيان معنى النسخ في اللغة والاصطلاح وبيان الفارق بين النسخ والبداء يقع الكلام في إمكان النسخ فقبل الحديث عن وقوع النسخ في الشريعة نسأل:

سؤال هل النسخ ممكن أو لا.

الجواب المعروف بين العقلاء وغيرهم جواز النسخ بالمعنى المتنازع فيه وهو رفع الحكم عن موضوعه في عالم التشريع والإنشاء إذ قلنا إن الحكم إما أن يكون على نهج القضية الحقيقية وإما أن يكون على نهج القضية الخارجية والحكم المجعول بنهج القضية الخارجية يرتفع بتغير موضوعه فإذا ارتفع الموضوع ارتفع الحكم بخلاف الحكم المجعول على نهج القضية الحقيقية فإنه ثابت ما دام الموضوع مفترضا ومقدرا وإن لم يكن متحققا في الخارج وبالتالي الحديث عن النسخ في الشريعة إنما هو في خصوص الأحكام المجعولة بنهج القضية الحقيقية لا الأحكام المجعولة بنهج القضية الخارجية إذ أن الأحكام المجعولة بنهج القضية الخارجية ترتفع بارتفاع موضوعها وأما الأحكام المجعولة بنهج القضية الحقيقية لو ثبت لها أمد معين ووقت محدد فإنها ترتفع بارتفاع الأمد المذكور المحدد.

وخالف في إمكان النسخ اليهود والنصارى فادعوا استحالة النسخ واستندوا إلى شبهة هي أوهن من بيت العنكبوت مع أنه كما سيأتي قد وقع النسخ في التوراة والإنجيل فبعض مضامين التوراة نسخت مضامين أخرى للتوراة كما أن الإنجيل نسخ بعض مضامين التوراة وسيأتي ذلك.

وملخص الشبهة

إن النسخ يستلزم احد أمرين إما عدم حكمة الناسخ وإما جهل الناسخ بوجه الحكمة وكلا هاذين الأمرين عدم الحكمة أو الجهل مستحيل في حق الله تبارك وتعالى لأن تشريع الحكم من الحكيم المطلق لابد وأن يكون على طبق مصلحة تقتضيه والحكم الجزافي من دون ملاك ومصلحة ينافي حكمة جاعل الحكم.

وبالتالي رفع الحكم الثابت لموضوعه يوجد فيه احتمالان:

الاحتمال الأول أن يكون على بقاء الحال على ما هو عليه ويرتفع الحكم وهذا ينافي حكمة الجاعل الحكيم المطلق لأن الموضوع لم يتغير والملاك لم يتغير فعلى أي أساس يتغير الحكم وينسخ الحكم فرفع الحكم عن الموضوع مع عدم تغير الموضوع وعدم تغير الملاك والحكمة في الموضوع يكشف عن عدم حكمة جاعل النسخ.

والاحتمال الثاني أن يتغير الموضوع وهذا يكشف عن جهل جاعل الحكم أي أنه قد بدا له بالمعنى الأول يعني الظهور بعد الخفاء يعني جاعل الحكم قد جعل الحرمة وبعد مدة زمنية أنكشف الخلاف كما هو الغالب في القوانين والأحكام العرفية في الدول فإنها تضع القانون الفلاني وبعد مدة يتضح لها خطأ هذا القانون فيعدل إلى قانون آخر وهذا يلزم منه نسبة الجهل إلى الله تبارك وتعالى فيكون نسبة النسخ في الشرعية إلى الله محال لأنه يستلزم المحال.

وزبدة هذه الشبهة الشيء إما أن يتغير أو لا يتغير فإذا قلنا بوقوع النسخ فإما أن يتغير الشيء على ما هو عليه فهذا يكشف عن عدم حكمة جاعل النسخ وإن تغير الشيء على ما هو عليه فإن النسخ يكشف عن جهل جاعل الحكم إذ أنه قد جهل تغير الملاك وتغير الموضوع فعلى كلا الاحتمالين لا يصح نسبة النسخ إلى الله تبارك وتعالى.

والجواب تارة نتكلم بجواب سهل مبسط في كلمتين وتارة نتكلم بجواب مفصل وموسع:

أما الجواب المبسط فهو اختيار الشق الثاني من الإشكال وهو أن النسخ يكشف عن تغير الشيء عن ما هو عليه والنسخ لا يكون مع عدم تغيير الملاك وعدم تغيير الموضوع وإنما يقع النسخ فيما إذا تغير الموضوع أو تغير الحكم غاية ما في الأمر إن هذا الحكم قد قيد بأمد ووقت والباري "جل وعلى" لم يظهر هذا الأمد ولم يظهر هذا الحكم فاكتفى الباري "عز وجل" ببيان الحكم المطلق من دون إيراد المقيد المنفصل ومن دون إيراد الزمن فيصدق عليه ما يقابله في التكوين من معنى البداء الثاني الإظهار بعد الإخفاء.

مثلا لو قال الباري تبارك وتعالى خضبوا اللحاء عند قتالكم للكفار كما كان هذا في عهد رسول الله “صلى الله عليه وآله” ولم يقيده بقيد فإن هذا الحكم مطلق يشمل جميع الأزمنة في زمن قوة المسلمين وفي زمن ضعفهم فنلتزم باستحباب خضاب اللحاء مطلقا إلى أن يأتي زمان أمير المؤمنين كما في نهج البلاغة إذ قال "عليه السلام" إنما كان ذلك في عهد رسول الله والمسلمون قلة فكانوا إذا واجهوا المشركين بانوا مجموعة من الشيبة والكهول وكبار السن وأراد الإسلام أن يظهر قوته وشوكته وأن يظهرهم شبابا فأمرهم رسول الله “صلى الله عليه وآله” بالخضاب وأما الآن فالإسلام ذو شوكة وقوي ولا يحتاج إلى الخضاب لإظهار المسلمين بأنهم شبانا.

والنكتة هنا إن الحث على خضاب شيبة اللحية كان مطلقا ولم يقيد في عهد النبي بكون الإسلام ضعيفا جاء المقيد المنفصل في عهد أمير المؤمنين يعني في زمن خلافة أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" فهنا المراد بالنسخ انتهاء أمد الحكم هذا الحكم الذي لم يقيد بأمده عند بيان التشريع أولا وإنما اتضح القيد المنفصل بإيراد النسخ والحكم الناسخ، هذا تمام الكلام في إيراد الجواب بشكل مبسط ومختصر.

وأما إيراد الجواب بشكل مفصل فهو يحتاج إلى بيان مقدمة

هذه المقدمة مفادها إن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية أي أن الأحكام تابعة للملاكات فيقع السؤال:

أين تقع هذه الملاكات؟

الجواب يوجد مبنيان:

المبنى الأول يرى أن الملاكات في متعلقات الأحكام مثلا إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر يعني هذه الصلاة المؤلفة من شرائط وأجزاء هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، الخمر حرام أي أن المفسدة في شرب الخمر يعني توجد المفسدة في المتعلق وهو شرب الخمر واكل لحم الخنزير.

والمبنى الثاني للمحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكومباني أستاذ السيد الخوئي "رحمهم الله" يرى أن ملاكات الأحكام في نفس جعلها لا في متعلقاتها مثلا الأوامر الامتحانية فلو اشترى السيد عبدا وأراد أن يختبره قال يا عبدي ناولني الماء أو اعمل لي شاي وكان المولى لا يريد الشاي ولا يريد الماء ولكن أراد أن يختبر العبد فامتثل العبد فحينئذ ملاك وجوب الإتيان بالماء أو الشاي ليس في المتعلق وهو الماء أو الشاي وإنما في نفس امتثال العبد فيكون الملاك في نفس الجعل يعني في نفس جعل الأمر.

وهكذا لو قال المولى لعبده أو لولده لا تذهب إلى السوق وكان المولى لا يرى بأسا في الذهاب إلى السوق فهو يحتاج أن يذهب العبد إلى السوق لكي يتبضع لمولاه ولكن أراد أن يختبر العبد أو الولد هل يمتثل كلام سيده أو لا فإن الملاك في النهي هنا ليس في المتعلق وهو الذهاب إلى السوق وإنما في نفس امتثال العبد وإطاعته لمولاه هذا ما يقال له الأوامر الامتحانية إذن عندنا أوامر حقيقية وعندنا أوامر امتحانية الأوامر الحقيقية ملاكاتها في متعلقاتها كالأمر بالصلاة والزكاة والحج والصوم والنهي عن شرب الخمر واكل الميتة واكل لحم الخنزير بخلاف الأوامر الامتحانية فإن ملاكاتها في نفس جعلها لا في متعلقاتها.

يوجد مبنى للمحقق الأصفهاني "رضوان الله عليه" يرى أن ملاكات الأوامر والنواهي ليست في الجعل حتى في الأوامر الحقيقية والنواهي الحقيقية وإنما ليست في متعلقاتها وإنما في نفس الجعل إذا تمت هذه المقدمة الجواب نذكره بشكل مبسط ثم نفصله حسب ما جاء في كلام السيد الخوئي.

ما هي زبدة الإشكال؟

نسخ الحكم إما أن يكون مع تغير الشيء أو ما عدم تغيره.

إذا كان مع عدم تغير الشيء يكشف عن عدم الحكمة وإذا كان مع تغير الشيء يكشف عن جهل الناسخ.

هذا التفصيل من لزوم عدم الحكمة أو لزوم الجهل إنما يتم في خصوص الأوامر الحقيقية التي تكون ملاكاتها في متعلقاتها ولا يتم في مثل الأوامر الامتحانية التي تكون ملاكاتها في نفس جعلها. إذا كان الملاك والمصلحة في نفس الجعل تغير الشيء أو لا تغير الشيء يبقى الجاعل حكيم لأن الحكمة والملاك في نفس التشريع والجعل.

وهكذا تغير الموضوع أو لم يتغير الموضوع لا يلزم منه نسبة الجهل في الأوامر الامتحانية لأن الملاك إنما هو في نفس الجعل.

فإذا بنينا على مبنى المحقق الأصفهاني “رحمه الله” من أن الأوامر الحقيقية أيضا تكون ملاكاتها في نفس جعلها فعلى مبنى المحقق الأصفهاني لا يرد هذا الإشكال أساسا لأن الإشكال مبني على تغير الموضوع أو عدم تغيره يعني ناظر إلى المتعلق ومبنى المحقق الأصفهاني يرى أن الملاكات إنما هي في نفس الجعل.

لو يرد هذا الإشكال فإنما يرد في خصوص المبنى الأول، أوامر الحقيقية التي يلتزم في أن الملاكات إنما تكون في متعلقاتها.

لكن هذا الإشكال لا يرد حتى على هذا المبنى لأن القائل بالنسخ يقول إن الحكم مقيد بأمد ومقيد بزمن هذا الزمن وهذا الوقت المحدد لم يظهره المشرع لمن شرع لهم فبان مطلقا لمصلحة يراها المشرع ثم بعد مدة جاء المقيد المنفصل الذي يظهر أن الحكم من أول الأمر كان مقيدا ولم يكن مطلقا وهذا أسلوب عرفي استعمله الآباء والأمهات مع أولادهم.

مثلا الزوج يقول لزوجته اسمعي يا زوجتي سأقول للأولاد لن نذهب إلى الحديقة ولكن من يأتي منهم بعلامة جيدة إن شاء الله بعد الامتحانات نذهب إلى الحديقة فيتضح الحكم مطلقا بحيث الأولاد لا يفتحوا هذا الباب الذهاب إلى الحديقة ولكن جاء الولد بعلامة جيدة قال أحسنت يا ولدي الآن نذهب إلى الحديثة هذا لا يعني عدم الذهاب إلى الحديقة من البداية كان مطلقا من البداية كان مقيدا ولكن ظهر التقييد بالمقيد المنفصل هذا خلاصة ما ذكره السيد الخوئي “رحمه الله”.

إذن الجواب على هذه الشبهة:

إن الحكم المجعول من قبل الحكيم قد لا يراد منه البعث أو الزجر الحقيقيين كالأوامر الامتحانية وهذا النوع من الأوامر الامتحانية يمكن إثباته ورفعه ولا مانع منه فإن الرفع والإثبات في وقته قد نشأ من مصلحة في نفس الجعل فلا يتم الإشكال بناء على التزام هذا المبنى أن الملاكات موجودة في نفس الجعل لا في المتعلقات.

النقطة الثانية لو التزمنا بالأوامر الحقيقية وأنه في الأوامر الحقيقية إنما يكون الملاك في المتعلقات ففي هذه الحالة نقول:

إن الحكم في واقع الأمر قد قيد بأمد وزمان مخصوص معلوم عند الله "عز وجل" لكنه مجهول عند الناس فيكون ارتفاع الحكم بارتفاع زمن الحكم المعلوم عند الله والمجهول عند الناس لا بمعنى أن الحكم من البداية كان ثابتا ولم يكن مقيدا بزمن فجاء الحكم الناسخ ونسخه وإنما المراد أن الحكم منذ أول الأمر كان مقيدا بزمن معلوم عند الله وقد خفي على الناس فالدليل الناسخ يكشف عن انتهاء أمد الحكم المقيد منذ البداية بزمن محدد والنسخ بهذا المعنى انتهاء زمن الحكم الذي من البداية كان مقيد ما يلزم منه عدم الحكمة ولا يلزم منه نسبة الجهل إلى الله تبارك وتعالى.

ومن الواضح أن للزمان خصوصية مثل يوم السبت بالنسبة إلى اليهود بل للساعة الفلانية خصوصية اليوم واحد له خصوصية الأسبوع المعين الشهر المعين السنة المعينة وبالتالي كما يمكن إطلاق الحكم وتقييد الحكم من غير جهة الزمان كذلك يمكن إطلاق الحكم وتقيده من ناحية الزمان فإذا اقتضت المصلحة أن يذكر الباري تبارك وتعالى الحكم مطلقا وعاما من دون بيان القيد الزمني من دون التخصيص بزمن ومن دون التقييد بزمن ثم بعد مدة يأتي المخصص المنفصل ليكشف عن الدليل الناسخ يعني يكشف عن انتهاء أمد الحكم هذا نوع من البداء الثابت في حق الله تبارك وتعالى يعني الإظهار بعد الإخفاء وليس نوع من البداء الذي يستحيل في حق الله "عز وجل" وهو الظهور بعد الخفاء.

وهذا الكلام كله بناء على أن الأحكام تابعة للملاكات الموجودة في متعلقاتها.

وأما بناء على أن الملاكات في نفس الجعل فلا يأتي كل هذا الكلام هذا تمام الكلام في جواب هذه الشبهة النسخ في التوراة.

مما تقدم يبطل ما تمسك به اليهود والنصارى باستحالة النسخ في الشريعة لإثبات استمرار الأحكام الثابتة في شريعة موسى وعيسى "عليهم السلام" وإذا رجعنا العهدين القديم التوراة والعهد الجديد الإنجيل نجد موارد كثيرة السيد الخوئي “رحمه الله”. يذكر سبعة موارد تقرؤونها إن شاء الله اذكر زبدته.

موارد النسخ في التوراة والإنجيل

المورد الأول جاء في الإصحاح الرابع أنه نحتاج إلى أبن ثلاثين إلى خمسين سنة لكي يدخلوا في الجند ويعملوا في خيمة الاجتماع يعني حدد السن من أبناء لآوي، لآوي أخ يوسف وبعضهم يقول الأخ الأكبر ليوسف والأسباط ففي هذا الإصحاح حدد السن اقل شيء لكي يحضر خيمة الاجتماع يعني الخيمة العسكرية اقل شيء ثلاثين سنة هذا الحكم نسخ في الإصحاح الثامن قال أقل شيء 25 سنة ثم نسخ في الإصحاح الثالث والعشرين اقل شيء بلوغ عشرين سنة هذه ثلاثة إصحاحات بعضها يقول ثلاثين وبعضها خمسة وعشرين وبعضها عشرين هذا المورد الأول.

المورد الثاني جاء في الإصحاح الثامن والعشرين هذا القربان إلى الرب أو المحرقة إلى الرب في الإصحاح الثامن والعشرين نص على أن القربان هو خروفان حوليان صحيحان لكل يوم نسخ هذا الحكم جعلت محرقة كل يوم حمل واحد يعني خروف واحد، حمل واحد حولي في كل صباح نسخ في الإصحاح السادس والأربعين من كتاب فسقيان هذا المورد الثاني من النسخ هل خروفين أو خروف.

المورد الثالث في الإصحاح الثامن والعشرين هذا المورد عن القربان والمحرقة يوم السبت هل هو خروفان حوليان صحيحان كما في الإصحاح الثامن والعشرين أو ستة حملان وكبش كما في الإصحاح السادس والأربعين.

المورد الرابع في الإصحاح الثلاثين إذا نذر رجل نذرا للرب أو اقسم أن يلزم نفسه بلازم فلا ينقض كلامه حسب كل ما خرج من فمه يفعل إذن هذا يدل على أن النذر ناجز ولكن إذا رجعنا إلى الإنجيل في الإصحاح الخامس من إنجيل متا ينفي أصلا يقول النذر غير نافذ وغير ناجز أيضا سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنف يعني لا تحنف بحلفك ونذرك بل أوفي للرب أقسامك وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة يعني في التوراة يجوز النذر والحلف وفي الإنجيل لا يجوز.

المورد الخامس في التوراة العين بالعين والسن بالسن وفي الإنجيل لا يوجد العين بالعين والسن بالسن في الإصحاح الحادي والعشرين وإن حصلت أذية تعطي نفسا بنفس وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل وكيا بكي وجرحا بجرح وربا برب نسخ هذا الحكم في القصاص شريعة عيسى جاء في الإصحاح الخامس من إنجيل متا سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا.

المورد السادس بالنسبة إلى الختان في التوراة موجود لذلك اليهود يختنون في زماننا هذا ولا يأكلون لحم الخنزير ولكن في بعض الأناجيل أنه لا يوجد ختان يكون الإنسان أغلف إذا نراجع الصحاح السابع عشر سفر التكوين التوراة هذا هو عهد الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر وأيضا في سفر الخروج الإصحاح الثاني عشر إذا نزل عندك نزيل وصنع فصحا للرب فليختن منه كل ذكر وقد نسخ هذا الحكم ووضع ثقل الختان عن الأمة بما جاء في الإصحاح الخامس عشر من أعمال الرسل وفي جملة من رسائل بولس.

المورد السابع والأخير هل يجوز الطلاق أو لا في التوراة يصح الطلاق في الإنجيل ما يصح الطلاق في التوراة إذا طلقها وأعطاها ورقة الطلاق ثم تزوجت ثان وطلقها وأعطاها ورقة الطلاق لا يجوز للأول أن يتزوجها بعد طلاق الثاني ويكون زواجه بها زنا ولكن في الإنجيل أنه إذا يطلقها لا يقع هذا الطلاق، في الإنجيل في الإصحاح الخامس من متا وقيل من طلق امرأته فليعطيها كتاب طلاق هذا موجود في التوراة وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني.

السيد الخوئي يقول في الختام وفيما ذكرناه كفاية لمن ألقى السم وهو شهيد ومن أراد الاطلاع على أكثر من ذلك فليراجع كتابي إظهار الحق للشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي والهدى إلى دين المصطفى لأستاذ السيد الخوئي الشيخ محمد جواد البلاغي.

هذا تمام الكلام في النسخ في التوراة والإنجيل.

النسخ في الشريعة الإسلامية يأتي عليها الكلام.

 


logo