40/05/08
أدلة اسقاط حجية ظواهر القرآن
موضوع: أدلة اسقاط حجية ظواهر القرآن
الثاني من أدلة إسقاط حجية ظواهر القرآن:
النهي عن التفسير بالرأي[1]
فقد جاء في الروايات الشريفة النهي عن تفسير القرآن بالرأي ومن فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار[2] .
الوجه الثاني للمنع من الأخذ بظاهر اللفظ:
يرى أن الأخذ بظاهر اللفظ مصداق من مصاديق التفسير بالرأي والتفسير بالرأي قد نهي عنه في الروايات المتواترة بين الفريقين السنة والشيعة.
والجواب في إنكار الصغرى مع التسليم بالكبرى فنحن نسلم بالكبرى وهو أن تفسير القرآن بالرأي حرام ولكننا لا نسلم الصغرى من أن الأخذ بظاهر القرآن مصداق من مصاديق التفسير بالرأي لأمرين:
الأخذ بالرأي ليس من مصاديق التفسير بالرأي لأمرين:
الأمر الأول إن التفسير هو كشف القناع وكشف الأمر المستور والغامض فلا يكون حمل اللفظ على ظاهره من مصاديق التفسير لأن حمل اللفظ على المعنى الظاهر ليس بمستور حتى يكشف فلو كان للفظ الواحد خمسة معان وكانت هذه المعاني متساوية واحتاج ترجيح أحد المعاني الخمسة على المعاني الأربعة الأخرى إلى جهد وبحث وتنقيب وكشف أطلق على هذه العملية عملية تفسير وأما إذا كان اللفظ له خمس معان لكن من الواضح أن احد المعاني الخمسة أو أسرع انسباقا من المعاني الأربعة الأخرى فيكون اللفظ ظاهرا في المعنى الواحد دون الأربعة وهذا لا يحتاج إلى عناء ولا يحتاج إلى كشف المستور فيكون حينئذ حمل اللفظ على المعنى الظاهر مصداق من مصاديق الأساليب العرفية الواضحة التي جرى عليها العرف العام في اللغة العربية.
إذن خلاصة النقطة الأولى في الجواب إن حمل اللفظ على المعنى الظاهر ليس من مصاديق التفسير فضلا عن أن يكون مصاديق التفسير بالرأي لأن التفسير كشف القناع عن ظاهر اللفظ يعني كشف القناع عن معنى مستور وغامض وغير واضح وأما حمل اللفظ على المعنى الظاهر فلا يصدق عليه أنه كشف للقناع أو كشف للمستور أو للمعنى الغامض.
النقطة الثانية من الجواب لو تنزلنا وقلنا إن حمل اللفظ على المعنى الظاهر يصدق عليه أنه تفسير لأن التفسير كشف المعنى سواء كان غامضا أو كان واضحا فلو حملنا التفسير على هذا المعنى اكتشاف المراد سواء كان واضحا أو كان غير واضح فيكون حمل اللفظ على المعنى الظاهر مصداقا من مصاديق التفسير.
فلو سلمنا وتنزلنا جدلا وقلنا إن حمل اللفظ على المعنى الظاهر مصداق من مصاديق التفسير إلا أننا لا نسلم أنه مصداق من مصاديق التفسير بالرأي.
فإن المراد بالتفسير بالرأي احد معنيين:
المعنى الأول حمل التفسير بالرأي على حمل الألفاظ على الرأي الخاص ولو لم تكن هناك قرينة وعليه يحمل قوله "صلى الله عليه وآله" من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار[3] يعني فسر القرآن بمزاجه الخاص برأيه الخاص ولو لم تدل عليه قرينة فليتبوأ مقعده من النار يعني يحمل ألفاظ القرآن على أرائه الخاصة هذا تفسير للقرآن بالرأي.
المعنى الثاني للتفسير بالرأي حمل القرآن على ظهوراته على عموماته على أطلاقاته لكن من دون البحث عن المخصصات مثلا (احل لكم ما في الأرض جميعا)[4] ولا يبحث عن المخصصات من أن الرواية الفلانية تقول إن أكل لحم كذا حرام فيتمسك يجوز أكل لحم الأرنب ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾[5] يجوز الزواج بكذا (واحل لكم ما وراء ذلكم) من دون النظر بالمخصصات.
إذن التفسير بالرأي يحمل على احد معنيين ولعل المعنى الأول هو الظاهر التفسير بالرأي يعني التفسير بالمزاج الخاص والرأي الخاص من دون الأخذ بالقرائن.
المعنى الثاني التفسير بالرأي يعني التمسك بعمومات القرآن واطلاقات القرآن وظهورات القرآن من دون ملاحظة المخصص المتصل أو المخصص المنفصل يعني من دون الرجوع إلى أهل البيت "عليهم السلام" الذين هم عدل القرآن.
بناء على المعنى الأول للتفسير بالرأي حمل الألفاظ على الرأي الخاص والمزاج الخاص.
فإن حمل الألفاظ القرآن على ظاهرها لا يصدق عليها أنها من مصاديق تفسير القرآن بالرأي فإن من يرجع إلى نهج البلاغة ويلاحظ خطب نهج البلاغة ويستخرج معاني ألفاظ خطب نهج البلاغة من اللغة العربية ويحملها على ما يفهمه العرف من ألفاظها ويلاحظ القرائن المتصلة والمنفصلة فإن عمله هذا لا يعد من مصاديق التفسير بالرأي.
وقد أشار ذلك الإمام الصادق "عليه السلام" بقوله إنما هلك الناس بالمتشابه المتشابه اللفظ الذي له عدة معاني ويصعب ترجيح معنى على آخر إنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معنىاه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم يعني من عند أنفسهم بآرائهم يعني آرائهم الخاصة مزاجهم الخاص واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء فيعرفونهم قوله واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء[6] هذا لعله إشارة إلى المعنى الثاني من معاني التفسير بالرأي لذلك قال السيد الخوئي "رحمه الله".
ويحتمل أن معنى التفسير بالرأي الاستقلال في الفتوى من غير مراجعة الأئمة "عليهم السلام" مع أنهم قرناء الكتاب في وجوب التمسك ولزوم الانتهاء إليهم فإذا عمل الإنسان بعموم قرآني أو إطلاق قرآني ولم يلاحظ التخصيص أو التقييد الوارد عن الأئمة "عليهم السلام" كان هذا من مصاديق التفسير بالرأي.
والخلاصة حمل اللفظ على ظاهره بعد الفحص عن القرائن المتصلة والمنفصلة من الكتاب والسنة والدليل العقلي لا يعد من مصاديق التفسير بالرأي بل يعد من مصاديق التفسير وفقا للمحاورات العرفية.
والأمر الثاني في هذه الخلاصة الروايات التي تقدمت دلت على لزوم الرجوع إلى القرآن فيحصل تعارض من جهة روايات تأمرنا بالرجوع إلى القرآن (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)[7] ومن جهة أخرى رواية تنهى عن التفسير بالرأي من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار فكيف نجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات؟
الجواب نحمل الروايات الآمرة بالتمسك بالقرآن على العمل بنصوص وظواهر القرآن فأكثر القرآن ظواهر ونحمل التفسير بالرأي على العمل بالآراء الخاصة من دون التمسك بالظهورات والقرائن الدالة على المعنى الظاهر.
فيكون مقتضى الجمع بين الروايات التي يدعى تعارضها أن نحمل الروايات الآمرة بالرجوع إلى القرآن الكريم نحملها على العمل بظواهر القرآن الكريم.
إذن الدليل الثاني الذي أقيم على عدم حجية ظواهر القرآن وهو النهي عن تفسير القرآن بالرأي ليس بتام أي أن هذه الروايات خارجا تخصصا هي ناظرة إلى معنى آخر تفسير القرآن بالرأي معنى آخر غير العمل بظواهر القرآن الكريم.
الدليل الثالث
غموض معاني القرآن [8]
إن القرآن الكريم فيه معاني شامخة ومطالب غامضة ومعاني راقية واشتماله على هذه المطالب العميقة يمنع من فهم معانيه والإحاطة بما أريد به. ودونك كتب العلماء فضلا عن القرآن فإن كتاب شرح التجريد للمحقق الكبير نصير الدين الطوسي لو لم يشرحه تلميذه الوفي العلامة الحلي تحت عنوان كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد لما فهم احد مراد الخواجة نصير الدين الطوسي في كتابه تجريد الاعتقاد. الآن عليه أكثر من تسعين شرح وتعليقة وهذا كتاب جهد بشري ولم يفهمه احد لو لا أن أوضحه معانيه تلميذه الوفي العلامة الحلي فكيف بكتاب الله الذي تضمن مطالب عالية وراقية يعجز الذهن البشري عن الوصول إليها.
إشكال فالكتاب المبين والقرآن الكريم الذي تضمن علم الأولين والآخرين يصعب الوصول إلى معانيه العميقة فلا يمكن التمسك بظواهر القرآن فلا تكون ظواهر القرآن حجة.
والجواب ما تقصد بمعرفة القرآن؟
هل تقصد معرفة القرآن بحقيقته الكاملة وجميع ما فيه بحيث تكتشف مراد الله الواقعي إن كان هذا هو المقصود فهذا هو الصحيح فإن القرآن لا يعرفه إلا من خوطب به وهو النبي والأئمة "عليهم السلام".
وأما فهم القرآن فهما عاما بما يراه العرف العربي العام فهذا متيسر وهذا يتحقق بالعمل بالظهورات بل إن هذه الدعوى أن القرآن لا يفهمه احد يلزم منها نقض الغرض القرآن انزل لهداية البشر فإذا لم يفهمه أحد لم تتحقق هداية البشر.
إذن المعنى الحقيقي لكتاب الله لا يعرفه إلا الأئمة "عليهم السلام" وهذا مختص بأئمة أهل البيت "عليهم السلام" دون ريب ولكن هذا لا ينافي أن يفهم العرف العام ظواهر القرآن وأن الذي يطلع على مفردات اللغة العربية وأساليبها ويتعبد بما تدل عليه يمكنه أن يعمل بهذه الظهورات وتكون هذه الظهورات حجة في حقه إذا بحث عن وجود المخصص المتصل أو المنفصل ولم يعثر عليها فتكون هذه الظهورات حجة في حقه، إذن الدليل الثالث على عدم حجية ظهورات القرآن ليس بتام.
الدليل الرابع
العلم بإرادة خلاف الظاهر
فإننا نعلم إجمالا بأن في القرآن عمومات وفي القرآن أطلاقات وفي القرآن ظواهر في إرادة العموم أو الإطلاق ومن جهة أخرى نعلم أجمالا بورود مخصصات للعمومات وورود مقيدات للاطلاقات يعني نعمل إجمالا بأن الظاهر في العموم أو الإطلاق قد أريد خلافه بإيراد المخصص أو المقيد وبالتالي في هذه الحالة مع العلم إجمالا أعطيكم مثل ﴿حرمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم و.... واحل لكم ما وراء ذلكم﴾[9] ،
سؤال هل يجوز الجمع بفاطميتين يعني تتزوج سيدتين؟
الجواب هناك رأي الشيخ حسين العصفور "رحمه الله" يرى الحرمة والسيد الخوئي في تعليقته القديمة على العروة الوثقى أيضا كان يحتاط لكن الآن الرأي مشهور المعاصرين الجواز.
إذن هناك أدلة تدل على حرمة الجمع بفاطميتين فإذا تمسكنا بعام القرآني ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ هذا ظاهر يعني كل المصاديق الموجودة في الآية الكريمة ﴿أمهاتكم، أخواتكم وبناتكم وأخواتكم من الرضاعة﴾ إلى آخره ما موجود من هذه المصاديق الفاطميتين بالتالي هنا نحن نشك في ورود المخصص هل ورد المخصص لهذا العام ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ ما هو المخصص وهو تحريم الجمع بالفاطميتين أو لم يرد هذا المخصص الفقهاء يختلفون بالتالي صارت الظهورات مجملة ولكن ليست مجملة بالأصالة وإنما مجملة بالعرض بالأصالة ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾ هذا ظهور واضح ليس فيه إجمال.
سؤال من أين طرأ الإجمال؟
الجواب بالشك في ورود المخصص نشك هل دل الدليل على حرمة الجمع بفاطميتين أو لا
إذن خلاصة الدليل الرابع نحن نعلم بإرادة خلاف بعض الظواهر القرآنية لأن بعض الظواهر القرآنية عامة أو فيها إطلاق ومن جهة أخرى نحن نعلم إجمالا بورود مخصصات لتلك العمومات أو مقيدات لتلك الاطلاقات فنعلم بإرادة خلاف المعنى الظاهر. فلا تكون الظواهر حجة نتيجة لتنجز العلم الإجمالي.
فهذه الظواهر ظواهر الكتاب عموماته ومطلقاته بالأصالة ظاهرة بالعرض يعني بالعروض المخصص تكون مجملة والعلم الإجمالي حجة ومنجز.
وقبل أن نجيب نقدم بمقدمة هناك بحث مهم ويشكل فارق بين الأصوليين والإخباريين:
الشبهات:
إما موضوعية
وإما حكمية والشبهة الحكمية:
إما وجوبية
وإما تحريمية
تشك هل تجب الإقامة في الصلاة أو لا تجري البراءة (رفع عن أمتي ما لا يعلمون)[10] هذه شبهة وجوبية فلا تجب الإقامة تشك هل يحرم أكل لحم الأرنب أو لا (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) هذه شبهة تحريمية ذهب مشهور الأصوليين إلى أن البراءة الشرعية تجري في الشبهة الحكمية مطلقا يعني سواء كانت شبهة وجوبية أو شبهة تحريمية وخالف في ذلك علمائنا الإخباريون فقالوا إن البراءة الشرعية وأصالة البراءة تجري في خصوص الشبهة الحكمية الوجوبية ولا تجري في الشبهة الحكمية التحريمية فإن أصالة الاحتياط هي المحكمة في الشبهة التحريمية وتمسكوا بأدلة الاحتياط وقالوا أخوك دينك فاحتط لدينك فإذا شككت هل الإقامة واجبة في الصلاة أو لا (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) تجري البراءة ولكن إذا شككت هل لحم الأرنب حلال أو حرام الأصول يقول تجري البراءة (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) فنلتزم بحلية أكل لحم الأرنب لكن الإخباري يقول أخوك دينك فاحتط لدينك فيلتزم بحرمة أكل لحم الأرنب من باب الاحتياط.
سؤال لماذا ذهب الإخباري إلى جريان أصالة الاحتياط في الشبهات التحريمية دون الوجوبية؟
الجواب الإخباري رأى أن مورد روايات الاحتياط ومورد روايات أدلة الاحتياط هي الشبهات التحريمية دون الشبهات الوجوبية لذلك التزم بالتفريق ولم يذهب الاخباري إلى جريان أصالة الاحتياط في خصوص الشبهات التحريمية دون الوجوبية بسبب منجزية العلم الإجمالي في الشبهات التحريمية.
هذا تمام الكلام في المقدمة قدمناه حتى تكون المسألة واضحة
طبعا هناك مسائل كثيرة تعد الفارق بين الأصوليين والإخباريين هذه واحدة منها، واحدة منها وجوب صلاة الجمعة الإخباريون يرون أن صلاة الجمعة واجبة عينا على المشهور عندهم يعني كالصلاة اليومية بخلاف الأصوليين عندهم عدة أقوال أيضا بعض الإخباريين عندهم أقوال أخر أنها لا تشرع في عصر الغيبة إلا بإقامة الفقيه العادل الجامع للشرائط.
ومن الأمور الفارقة أيضا ظواهر القرآن ذهب جمع من المحدثين والإخباريين إلى عدم حجية ظواهر القرآن والتزم الأصوليون وبعض الإخباريين بحجية ظواهر القرآن.
الآن نأتي إلى الجواب الإشكال ماذا مفاده نحن لدينا عمومات قرآنية واطلاقات قرآنية وظواهر قرآنية ونشك في طروء المخصص والمقيد لها فالعلم الإجمالي بوجود المقيد والمخصص يمنع من حجية ظهور العمومات القرآنية.
الجواب هذا العلم الإجمالي بطروء المخصص أو المقيد إنما يكون حجة إذا عملنا بالظهورات والعمومات القرآنية قبل الفحص وأما إذا فحصنا (احل لكم ما في الأرض جميعا) وبحثنا وما وجدنا رواية تدل على حرمة أكل لحم الأرنب فحينئذ يمكن أن نتمسك (احل لكم ما في الأرض جميعا) أو ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾[11] وشكينا هل يجوز الجمع بالفاطميتين أو لا في هذه الحالة لا يمكن العمل باحل لكم ما وراء ذلك ولكن إذا بحثنا في الأدلة وفحصنا ولم يثبت لدينا دليل يدل على حرمة الجمع بين الفاطميتين فإذا انتفى المخصص يمكن التمسك بالعام القرآني.
إذن النقطة الأولى في الجواب العلم الإجمالي بطروء المخصص أو المقيد للظهورات القرآنية إنما يكون حجة فيما لو عملنا بالظهورات القرآنية والعمومات والاطلاقات القرآنية قبل الفحص عن المخصص وأما إذا بحثنا عن المخصص واكتشفنا أنه لا يوجد مخصص ولا مقيد للظهورات كانت تلك الظهورات حجة في حقنا فينحل العلم الإجمالي بسبب الفحص.
النقطة الثانية في الجواب: الجواب الثاني نقضي هذا الكلام نظير ما يرد في السنة فإننا نعلم بورود مخصصات ومقيدات للسنة فهل يقال إن عمومات الروايات واطلاقات الروايات وظهورات الروايات ليست حجة لعلمنا الإجمالي بطروء المقيدات والمخصصات لهذه الروايات؟ الجواب لا يلتزم بذلك يقولون العلم الإجمالي بطروء المخصص والمقيد للروايات يمنع عن العمل بظهورات الروايات قبل الفحص لا بعد الفحص فإذا فحصنا عن المقيدات والمخصصات الروائية واتضح أن هذه الروايات العامة هذه الرواية المطلقة لم يرد فيها مخصص آخر ففي هذه الحالة يلتزم بحجة العمومات والاطلاقات الروائية وينحل العلم الإجمالي بوجود روايات مخصصة ومقيدة هذا نقض إذا تلتزم إن ظهورات القرآن تسقط عن الحجية بسبب العلم الإجمالي بطروء المخصصات الروائية ينبغي أن تلتزم وننقض عنك بالعمومات الروائية فإنه يوجد أيضا علم إجمالي بطروء المخصصات والمقيدات فإذا العلم الإجمالي مانع عن العمل بالعمومات والظواهر القرآنية يلزم أن يكون العلم الإجمالي بطروء المخصصات مانعا من العمل بالعمومات الروائية والظهورات الروائية.
النقض الثاني لو كان العلم الإجمالي مانعا عن العمل بالظهورات الروائية أو الظهورات القرآنية لكان العلم الإجمالي بطور المخصصات مانعا عن إجراء أصالة البراءة في الشبهات الحكمية سواء كانت وجوبية وسواء كانت تحريمية مع أن علمائنا الأصوليين اجروا أصالة البراءة في الشبهة الحكمية مطلقا سواء كان شبهة وجوبية أو شبهة تحريمية وما ذلك إلا لانحلال العلم الإجمالي بطروء المخصص بعد الفحص لذلك يقولون البراءة لا تجري قبل الفحص لكن البراءة تجري بعد الفحص وعلمائنا الإخباريون اجروا صالة الاحتياط في الشبهات التحريمية دون الشبهات الوجوبية لا بسبب وجود العلم الإجمالي بطروء المخصص في خصوص الشبهات التحريمية وإلا فالعلم الإجمالي كما موجود في الشبهات التحريمية أيضا موجود في الشبهات الوجوبية والسر في تفرقة الإخباريين هو أنه مورد روايات التوقف وأصالة الاحتياط هو الشبهات التحريمية دون الشبهات الوجوبية.
النتيجة النهائية يجوز بل يجب التمسك بعمومات القرآن وظهورات القرآن واطلاقات القرآن بعد الفحص عن المخصص لهذه العمومات وبعد الفحص عن عدم وجود ما يخالف تلك الظهورات والسيد الخوئي يقول ولتوضيح ذلك يراجع كتابنا أجود التقريرات التقريرات السيد الخوئي للبحث الأصولي لأستاذه الميرزا النائيني إذن الدليل الرابع العلم بإرادة خلاف الظاهر ليس بتام لأن هذا العلم ينحل بعد الفحص بوجود المخصص.
الدليل الخامس
المنع عن إتباع المتشابه القرآن الكريم
في بداية سورة آل عمران ينص على أنه ﴿منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾[12]
الإشكال الوجه الخامس للمنع عن العمل بالظهورات أن العمل بالظاهر مصداق من مصاديق العمل بالمتشابه والعمل بالمتشابه محرم نهي عنه فالمتشابه يشمل الظاهر ولا أقل من أنه يوجد احتمال أن المتشابه يشمل الظاهر فيسقط الظاهر عن الحجية.
الجواب
أولا لفظ المتشابه واضح المعنى ما هو معناه؟ لفظ واحد له عدة معاني متساوية ويصعب ترجيح معنى على معنى آخر فيكون اللفظ الظاهر خارج تخصصا لأن المعنى الظاهر يوجد معنى أسرع انسباقا من بقية المعاني بخلاف اللفظ المتشابه اللفظ الذي له عدة معاني متساوية وليس أحدها أسرع انسباقا فإذن اللفظ المتشابه له عدة معاني وجميع هذه المعاني بدرجة واحدة بالنسبة إلى ذلك اللفظ فإذا أطلق اللفظ احتمل فيه عدة معاني متشابه فلا يكون العمل باللفظ الظاهر من مصاديق العمل بالمتشابه.
وثانيا لو سلمنا وتنزلنا وقولنا إن معنى اللفظ المتشابه ليس ظاهرا وإنما إن معنى اللفظ المتشابه متشابه يعني معنى اللفظ المتشابه متشابه يعني أيضا معنى اللفظ المتشابه غير واضح فنحتمل ما دام معنى اللفظ المتشابه متشابه يعني غير واضح نحتمل أنه يشمل المعنى الظاهر.
الجواب هذا لا يمنع من العمل بالظاهر لأن العمل بالظاهر عليه سيرة عقلائية مستحكمة وسيرة العقلاء المستحكمة إذا لم يردع عنها تكون حجة بسبب إمضاء المعصوم "عليه السلام" ومجرد احتمال إن اللفظ الظاهر يندرج تحت معنى اللفظ المتشابه مجرد الاحتمال لا يكفي للرد عن السيرة العقلائية فتكون السيرة العقلائية حجة بسبب إمضاء الأئمة "عليهم السلام" وسكوتهم عن هكذا سيرة مستحكمة.
النتيجة النهائية الدليل الخامس المنع عن إتباع المتشابه ليس بتام لأنه أولا الظاهر ليس من مصاديق المتشابه وثانيا لو احتملنا أنه من مصاديق المتشابه فهذا لا يكفي للرد عن السيرة العقلائية القائمة على العمل بظواهر القرآن وغيره العمل بالظواهر مطلقا.
الدليل السادس والأخير على عدم حجية ظواهر القرآن:
وقوع التحريف في القرآن[13]
هناك معنى مختلف فيه في التحريف وهو التحريف بالنقيصة بعضهم قال بوقوعه وبعضهم قال بعدم وقوعه فإذا هذا القائل يقول القرآن محرف يعني ناقص إذا ناقص بالتالي ظهوراته لا تكون حجة لأنه ربما هناك كلمة أو مفردة ناقصة لو وجدت لاختلف المعنى الظاهر لأن هذه الكلمة التي حذف وأنقصت تشكل قرينة على معنى ظاهر آخر غير المعنى الظاهر من القرآن الموجود فيقال إن وقوع التحريف في القرآن يمنع من العمل بالظواهر لاحتمال كون هذه الظواهر الموجودة في القرآن المتداول اليوم مقرونة بقرائن تدل على مراد آخر وقد حذفت هذه القرائن لسقوطها بالتحريف فلا تكون ظهورات القرآن المتداولة اليوم حجة.
والجواب أولا خلاف مبنانا نحن لا نلتزم بوقوع التحريف بالنقيصة بالقرآن وأتقدم الروايات الدالة على عدم وقوع التحريف بالنقيصة في القرآن الكريم وثانيا لو تنزلنا تقول هذا جواب مبنائي أنت لك مبناك ولنا مبنانا الجواب الثاني سلمنا وتنزلنا إن القرآن المتداول اليوم لو سلمنا أنه محرف بالنقيصة انقص منه على الرغم من ذلك تبقى ظهوراته حجة لأن عندنا روايات تقول يجب العمل بهذا القرآن الروايات تقول هذا حجة يعني هذا القرآن حتى لو انقص أيضا يجب أن تعمل به (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) فمقتضى الروايات الدالة على وجوب التمسك بالقرآن وجوب العمل بالقرآن حتى لو افترضنا وقوع التحريف بالنقيصة.
النتيجة النهائية ظواهر القرآن حجة والأدلة الستة التي أقيمت على عدم حجية ظواهر القرآن ليست تامة.
هذا تمام الكلام في بحث حجية ظواهر القرآن.
النسخ في القرآن من أهم الأبحاث في علوم القرآن يأتي عليه الكلام.